قراءة القصص وحكايات قبل النوم عادة جميلة لا ترتبط بفترة الطفولة وحدها، إنما هي أشبه بحب ينمو مع الطفل ويشبّ معه، لتتمثل بعد سنوات بصورة كتاب أو قصة بيد الطفل، يختاره برغبته ويسعى لشرائه؛ فيتفتح قلبه لمعانٍ إنسانية جديدة، ويتزود عقله بالعلم والمعرفة، ولأن في كل كلام مكتوب عبرة أو حكمة، فقصة اليوم: "حسن.. ومنقار النسر" نتعرف إلى جزء من عالم الطيور.. وتفاصيله، وكلها ممتعة تدفع للتفاؤل والتمسك بالقوة وعدم الكسل.
- أنا اسمي "حسن"، عمري 12 عاماً، بالصف الثاني الإعدادي، البداية كانت مع أمي.. التي استمرت تساعدني على مراجعة دروسي.. كما كانت تفعل بالمرحلة الابتدائية، وكثيراً ما كانت تختم ساعات مذاكرتنا باختيار قصة مناسبة لتقرأها لي.. أو تشير عليَّ بواحدة قرأتها -هي- وأعجبتها.. فهي تعلم بحبي وشغفي بالقراءة.
- وحدث ما لم يكن في الحسبان؛ التوى كاحلي.. بإحدى مباريات كرة القدم بدورة كأس المدارس، ما اضطرني للجلوس بالمنزل وعلى السرير لعدة أيام، وبأمر الطبيب، وقدمي اليمنى ملفوفة برباط ضاغط لا أستطيع السير عليها إلا للضرورة، وتغيبت عن المدرسة، ما زاد من جرعة قراءاتي اليومية خلال ساعات اليوم الواحد.
- لا أنكر أني استسلمت بكثير من الفرح الخفي لحالتي المرضية، وكانت فرصتي لقراءة المزيد والمزيد، فطلبت من أمي أحد الكتب العلمية الموجودة بمكتبة المنزل، لأستكمل قراءة صفحاته في موضوع كنت بدأته قبل أيام، وأعجبت بمعلوماته الجديدة ومشاهدة الصور الطبيعية الجذابة المصاحبة، وكان يحكي عن الطيور الجارحة وأشهرها النسر.
- فتحت الكتاب وبدأت المعلومات جديدة وغريبة عن النسر تتدفق عليَّ؛ فعرفت أن النسر طائر يعيش في كل قارات العالم إلا القارة القطبية، يتميز بنظر حاد وقدرة على الطيران لمستويات عالية جداً، وأنه يتغذى على اصطياد الحيوانات والبرمائيات وصغار الطيور والثدييات.
- وعلمت أن النسر طائر محبُ لأسرته، يرافق زوجته طوال سنوات عمره الممتدة لـ70 عاماً، ويشاركها رعاية وتغذية الصغار لمدة تصل إلى 45 يوماً، كما يمتلك حاسة شم قوية، تمكنه من التعرف إلى الفريسة وسط الغابات والأحراش، وإن أحس بالخطر يحيط به يقوم بالتقيؤ فوراً؛ ليخف وزنه وتزداد قدرته على الطيران.. وكان يتماوج مع تيارات الهواء من دون أن ترفرف أجنحته إلا نادراً.. ووسط جماعة الطيور، إذا وجد أحد النسور فريسة، مرر الخبر إلى بقية الجماعة، فيجتمعوا لتناولها وتكون الأولوية للنسور كبيرة السن أولاً ثم بقية جماعة الطيور.
- ومعلومة جديدة قرأتها أفزعتني ولكنها غيرت من تفكيري؛ فالنسر ذلك الطائر الغريب حينما يصل إلى ما يقارب الخمسين من عمره، ويشعر بثقل جسمه وضعف حواسه.. يصاب بالاكتئاب، والرغبة في اعتزال الحياة، والابتعاد عن أداء مهامه في اصطياد الفرائس، وحماية عائلته.
- وبحكمة وبُعد نظر وضعهما الله بقلبه وعقله، يصعد النسر إلى عش بعيد، ويبدأ في انتزاع بقايا ريشه، ثم يأخذ بضرب منقاره بأحد جذوع الأشجار القوية حتى يتحطم.. رغم ما يسببه له من آلام وجروح!
- وباستمرار القراءة، علمت أن النسر يقوم بذلك بكل عظمة وكبرياء وتفاؤل؛ تمسّكاً بالحياة؛ وليس يأساً منها أو رفضاً لها؛ إذ بعد 150 يوماً يُعاد نمو المنقار، ويصبح أكثر حدة وقدرة على نهش الفريسة.. وتقطيعها، ويكسو الريش جسده من جديد.. بعدها يستطيع النسر استعادة حياته؛ فيحلق بخفة ونشاط، ويعود لاصطياد الفرائس كطائر عظيم.
- غفا "حسن" وراح في نوم عميق وهو ممسك بالكتاب بين يديه، وفي الأحلام ظهر النسر لحسن.. طائر قوي ذو كبرياء وثقة وإرادة وتصميم، ما بث داخل "حسن" بالرغبة في تغيير حاله، والتشبه بالنسر في قوته وتفاؤله، في محبته وإخلاصه، وفي تعاونه وتمسكه بالحياة.
- وعندما علت أصوات الطيور المغردة على فروع الأشجار بجانب نافذة "حسن"، نفض الغطاء من فوقه، وأنزل قدمه اليمنى بحرص وعناية، فلامست أرض غرفته، فشعر بألم، سرعان ما تلاشى، أمام رغبته الأكيدة في التوجه للنافذة؛ لمشاهدة الطيور التي تتغنى بما وهبها الله من جمال وحرية، وحتى يرى شروق يوم جديد.. وبداخله كان مستبشراً بأن شفاء قدمه قريباً، وأنها ليست بالسوء الذي كان يظنه.. وجعله يتكاسل ويبتعد عن المدرسة كل هذا الوقت.
سؤال ينتظر الجواب
- كم عدد الشخصيات والطيور بالحكاية؟
- ما هي أجمل صفات النسر التي أعجبتك؟
- هل النسر طائر متعاون؟
- كيف أثر النسر على "حسن"؟