الخيال عند الطفل موهبة وسلوك فطري، ومنه تتفجر القدرات الإبداعية، ومعه يجد الطفل مادة خصبة للعمل والتفكير والحكي، ومن قصص للأطفال نقرأ قصة "جميلة والقمر" التي تستمد جذورها من الخيال، وتختلط حروفها بالمعلومة والقيم والأخلاقيات..
تابعي المزيد: تعليم الأطفال القراءة
بقلم: خيرية هنداوي
دخلت "جميلة" إلى سريرها وجذبت الغطاء على صدرها، وفجأة نفّضت الغطاء وقفزت؛ تذكرت أن أمها لم تقص عليها حكاية قبل النوم! فتعالت صيحات "جميلة" في كل زوايا المنزل وهي تدعو أمها لتحكي لها الحكاية: هل نسيت يا أمي..لا أستطيع النوم من دون الحكاية.
الأم بخجل: لقد قصصت عليك حكايات كثيرة، ولم يبق لدىّ شيئاً، حسناً، حسناً سأحكي لك حكاية خيالية؛ عن القمر الذي تحبينه، وتلعبين دوما على ضوئه بالحديقة ليلاً..
فرحت "جميلة "وأخذ قلبها يدق لهفة وشغفا لما سوف تسمعه، فبدأت الأم الحكاية:
كان هناك فتاة صغيرة جميلة مثلك، تعيش مع والديها اللذين يغمرانها حباً ودلالاً، لحسن خلقها وأدبها، اعتادت كل يوم عند المساء، أن تقف وراء نافذتها تنتظر بعينيها السوداويين قدوم القمر، كان شعرها أسود فاحماً، ولما جاء القمر شعر بنظراتها، فأرسل إليها خيوطاً من أشعته داعبت خصلات من شعرها
تعجبت الفتاة الصغيرة واندهشت، فسألت القمر: ماذا تريد مني؟ ما الذي جعلك ترسل أشعتك لتداعب خصلات شعري؟
اقترب القمر من الصغيرة وقال لها: أريد ان أصبح صديقك، أراقبك كل يوم وأنت تنظرين إلى وتنتظرينني، وأتمنى ان أتحدث إليك، ولكن خجلي كان يمنعني، ورحلاتي بين بلدان العالم لأنير سماءها بضوئي أيضاً.
نظرت جميلة إلى القمر بنظرات ملؤها الغضب وقالت: أنا لا أتحدث مع الغرباء، أنت تتكلم معي من دون إذن أمي
حزن القمر من كلام الصغيرة، وحجب نفسه وراء الغيوم، فتحولت السماء في لحظة إلى ظلام دامس ..ما دعا الفتاة الصغيرة للخوف والجري مستغيثة بأمها، التي سألتها: ماذا بك؟ ماذا حدث يا حبيبتي؟
قصت الصغيرة ما حدث بينها وبين القمر، فابتسمت الأم وقالت لها: قصتك عن القمر أجمل من الخيال يا صغيرتي، القمر يحب كل البشر، يضيء ليلهم ليستمتعوا به، ويرشد بضوئه طريقهم عند عودتهم من العمل، هنا قاطعتها جميلة بلطف وأدب: قصتي حقيقية يا أمي وليست خيالية، القمر لامس خصلات شعري بأشعته، وجاء وتحدث معي، أنا أقول الصدق يا أمي
ابتسمت الأم وبادرت اهتمام جميلة باهتمام مماثل: ما دمت تحبين القمر وتنتظرين رؤيته كل يوم من نافذة غرفتك ..لماذا لم تقبلي صداقته؟
ردت الصغيرة: هو يتبعني أينما ذهبت ..يلاحقني بأشعته..وضوئه، بيتَنا تنيره الكهرباء ونحن لسنا بحاجة للقمر، فردّت الأم على ابنتها قائلةً: إن الكهرباء تنير لنا البيوت حقاً، ولكنّ السماء من دون قمر ستصبحُ سوداء موحشة، وسيخاف منها الصغار كما خفت أنت منها منذ قليل، وصرختِ مستنجدةً بي، وأنت بدلاً من أن تشكري القمر ..جعلته حزينًا من كلامِك؛ أراد مصادقتك وأنت رفضتِ ، وقلتِ له كلاماً قاسياً.
نادت جميلة القمر، ولكنّه كان حزيناً فلم يقترب منها، واكتفى بان أرسل أشعته من وراء سحابة ليضيء غرفة نوم الصغيرة، فدخلت الطفلة لغرفتها، وبدأت تناجي ربها بأن يظهر القمر كل ليلة، ويضيء السماء كعادته، ونامت وهي باكيةً على وسادتها، وإذ بأشعّة القمر تتسلّل لتداعب وجنتَيها وتمسح عنهما الدموع، قفزت جميلة إلى النافذة وهي سعيدةٌ؛ القمر قَبِل اعتذارها، ووعدته أنّهما سيصبحان صديقيْن مقرّبيْن إلى الأبد.
تابعي المزيد: أفكار لألعاب داخلية لتحفيز الأطفال
والآن هل تشاركوني السؤال:
هل كانت الفتاة محقة عندما رفضت الكلام مع الغرباء؟
ما هي وظيفة القمر في السماء؟
أين يذهب القمر في الصباح؟
مع من يتبادل القمر إضاءة السماء؟
هل ترحبون بسماع قصص الخيال؟