طاقة التأثير بين حامل المسك ونافخ الكير

أحمد العرفج
أحمد العرفج
أحمد العرفج

عندما ظهرت علوم الطاقة، بدأ البعض يشكك فيها، لذلك سأطرح بين يديكم اليوم شرحاً مبسطاً لمفهوم الطاقة مستدلاً بما وفقني الله إليه من معاني الكتاب والسنة.

دعونا أولاً نتفق أن الطاقة متحركة وهي تنقل بالعدوى، ولسنا نتحدث اليوم فقط عن طاقة الجليس أو طاقة الصديق الذي يجلس معك ويتأثر بك.

ثم دعوني ثانياَ أؤكد أن الأصدقاء أنواع، فهناك الصديق الحقيقي الذي تجلس معه ويجلس معك، وهناك الصديق الافتراضي الذي تتابعه وتقرأ له وتستمع إليه من خلال الكتاب أو مواقع التواصل.

ومن هنا يمكن القول: إن الصديق الافتراضي له تأثير الصديق الحقيقي نفسه، وقد يكون بعض الأحيان أكثر نظراً لأنك لا تحاوره، فقط تستمع إليه، فيكون الحوار من جانب واحد.

الآن دعونا نأخذ تأثير طاقة الجليس على جليسه من القرآن الكريم، قال تعالى:

"وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ۖ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا".

1 - {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ} هنا يأمر تعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يصبر نفسه مع المؤمنين العباد المنيبين.

2 - {الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} أي: أول النهار وآخره يريدون بذلك وجه الله.

3 - { وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} أي: لا تجاوزهم بصرك، وترفع عنهم نظرك.

4 - {تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} إن ذلك يوجب تعلق القلب بالدنيا، فتصير الأفكار والهواجس فيها، وتزول من القلب الرغبة في الآخرة، فيغفل القلب عن ذكر الله، ويقبل على اللذات والشهوات.

5 - {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا} غفل عن الله، فعاقبه بأن أغفله عن ذكره.

6 - {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ} أي: صار تبعا لهواه، حيث ما اشتهت نفسه فعله، وسعى في إدراكه، ولو كان فيه هلاكه وخسرانه.

7 - {وَكَانَ أَمْرُهُ} أي: مصالح دينه ودنياه {فُرُطًا} أي: ضائعة معطلة.

أما الحديث النبوي، فإن طاقة الجليس واضحة حيث يقول عليه الصلاة والسلام: "إِنَّما مثَلُ الجلِيس الصَّالِحِ وَجَلِيسِ السُّوءِ: كَحَامِلِ المِسْكِ، وَنَافِخِ الْكِيرِ، فَحامِلُ المِسْكِ إِمَّا أَنْ يُحْذِيَكَ، وَإِمَّا أَنْ تَبْتَاعَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ ريحاً طيِّبةً، ونَافِخُ الكِيرِ إِمَّا أَن يَحْرِقَ ثِيابَكَ، وإمَّا أَنْ تَجِدَ مِنْهُ رِيحًا مُنْتِنَةً".

في النهاية أقول:

هذه رؤيتي لمفهوم الطاقة، وأعني بها الطاقة السلبية والإيجابية أو من يحثونك إلى الخير أو يحرضونك إلى الشر، وعلى من تصافح عيونهم هذا المقال من القارئين والقارئات، أن يسأل نفسه سؤالين ويجيب بكل صدق:

أولاً: هل أنت حامل مسك أم نافخ كير؟

ثانياً: هل تتابع وتصادق جليس السوء أم جليس الصلاح؟

إذا أجاب كل منا عن هذين السؤالين، سيكشف نفسه بنفسه..!