إنّ الإنسان يتكلّم الكلمة فيصيبه ما تكلّم به، ولهذا على الإنسان أن ينتقي كلماته قبل إخراجها من فمه، فالمرأة الّتي تدقّق على كلّ حرفٍ وكلمة وجملة ينطق بها زوجها، أو تركّز على سبب اختياره لهذا الّلباس في توقيت محدّد، وما سبب رائحة العطر النّفّاذة الّتي وضعها، تسأل نفسها ما سرّ هذه الأناقة والتّرتيب، إذ تبدأ الأفكار والأسئلة تغزو عقلها وتفكيرها، أين سيذهب؟، من سيقابل؟، والكثير من هذا القبيل، ليتطوّر الأمر إن أمسك جوّاله وتحدّث أو قام بدردشة كتابيّة حسمت وجزمت الأمر أنّ هناك أمراً ما، ولديه شخص سرّي يتحدّث إليه، لتبدأ الأفكار الشّيطانية تنخر عقلها، وهذا سيؤثّر عليها، لأنّ الواقع الذي تراه وتشاهده هو انعكاس للمشاعر والأفكار الّتي تتمتّع بها، وستلاحظ أنّ كلّ ما حولها يسير وفق ما تراه داخلها ويحدّث به عقلها، وأبسط مثالٍ على هذه الحالة إن أُعجبت إحداهنّ بسيّارة ما، ذات لون ونوع محدّدين، وقامت بالحديث مع فسها عنها بأنها ستقتنيها متى استطاعت ذلك، فالذي يحدث بعد ذلك أنّها سترى هذه السّيّارة بمواصفاتها الكاملة في أيّ مكان تذهب إليه، ويرجع ذلك لأنّ انعكاس المشاعر والأفكار الّتي تراودها والخاطر الذي يرغب بشراء السّيّارة جعلها تراها أمام ناظرها باستمرار، ويُقاس على ذلك الأشياء في الحياة سواء كانت حسنة أو سيّئة، فعندما تكون المرأة دائمة التّفكير بزوجها أين ذهب، ومع من، وما سيفعل والكثير من قبيل هذه الأسئلة فإن ذلك سينعكس سلباً ويحدث ما تفكّر به بشكل حقيقيّ أمام عينيها، ذلك أنّ القدر موكّل بالمنطق.
كثيرٌ ما نتحدّث بأشياء ثم لا تلبث أن تتحقّق، وخاصّة الدّعاء، إذ ينبغي أن يكون دعاؤنا دائماً بالخير وحسناً جيداً، لا دعاءً بالموت والبلاء مخافة أن يتحقّق ذلك فيكون الإنسان قد جلب السّوء لنفسه ولغيره، فيندم على كلماته غير المقصودة أحياناً، بل عليه أن يكون إيجابيّاً دائماً يدعو للخير والسّلامة حتّى في الظّروف الصّعبة يتفاءل خيراً، فإن تحقّقت كلماته كان قدراً جميلاً رائعاً لا يجلب الحزن ولا المأساة.
لذا دعوة لكلّ إنسان عاقل أن يتخيّر عباراته وكلماته فينطق أفضلها، وأن تكون عباراته كعبق الورود ينتشر حوله فيصيبه ويصيب الآخرين شذاها العَطِر ورائحة أريجها الفوّاح، فلنرفع شعار: تذوّق كلماتك قبل أن تخرجها من فمك لتعود عليك بطعم جميل ومذاق أجمل.