الثّقة بالنّفس سمة شخصيّة يعتمد فيها المرء على نفسه وقدراته وإيمانه بذاته، دون إفراط أوتفريط، تمنحه شعوراً نفسيّاً ليكون قادراً على تحمّل المسؤوليّة، إضافة للشّعور بالكفاءة والقدرة على مواجهة الصّعاب، وقد أشار علماء النّفس إلى أنّ الثّقة بالنّفس تربطها علاقة وثيقة بطريقة وأسلوب التّنشئة الاجتماعية، إذ إنّ السّنوات الخمس الأولى من حياة الإنسان هي حجر الأساس في تكوين شخصيّته، فينشأ على الإيجابيّة وتحدّي الصّعاب، أيضاً الإيمان بما يملك من صفات وخصائص وتسخيرها فيما يفيده ويدفعه نحو الأمام.
للثّقة بالنّفس علامات بتميّز بها الفرد عن سواه ما يُكسبه المصداقيّة من قبل الآخرين، كما أنّ الشّخص الواثق من نفسه يواجه مشكلاته من دون خوف، محافظاً على نظرته الإيجابيّة الصّحيحة الّتي تجعله يطرد مشاعر الخزي والحزن من داخله، وبالتّالي لا يسمح للأفكار السّلبيّة بالسّيطرة عليه، ما يحفّز لديه عنصر الالتزام، سواء أكان التزاماً باتّخاذ إجراءات معيّنة أو التزاماً بالوقت، التزاماً بتحقيق الأهداف، أو أيّ نوع من الالتزام متجنّباً كلمات الفشل، باحثاً عن تحدّيات جديدة يخوضها بثقة عارمة وفق قراراته الّتي يتّخذها، إذ لا يسعى للحصول على موافقة الآخرين، حتّى وإن كانت قراراته في بعض الأحيان غير صائبة، بل يعمل على تصحيحها من دون أن يحيط نفسه بمشاعر النّدم غير المجدية، ويتقبّل ذلك محاولاً ابتكار ما يفيده، ليثقل خبرته في الحياة، محوّلاً لحظات ضعفه الّتي قد يمرّ بها إلى نقاط قوّة، مستفيداً ممّا يملكه من وسائل تدعمه للتّصالح الذّاتيّ، وتزيد من ثقته بقدراته، لأنّه يعلم مسبقاً أنّ لكلّ إنسان نقاط ضعف وقوّة فلا ينكر ذلك لأنّه يركّز على مميّزاته الذّاتيّة لتقويم نقاط ضعفه.
يتمتّع الشّخص الواثق من نفسه بلغة جسد قويّة، وكثيراً ما يتحدّث بعبارات واضحة وصوت واضح مناسبٍ للموقف، كما نراه محافظاً على استقامة ظهره كالجبل الشّامخ، ناهيك عن التّواصل البصريّ مع من حوله وكأنّه ينظر للجميع بآن واحد.
على الإنسان أن يسعى جاهداً لزيادة ثقته بنفسه فهي السّلاح الفعّال للمضيّ قدماً نحو تحقيق الأهداف، ويبدأ بتدوين نقاط قوّته لتعزيزها ونقاط ضعفه لتحسينها، وألّا يقارن نفسه بالآخرين، إذ لكلّ شخص صفات خاصّة تميّزه، وإنّ امتلاك القدوة الصّالحة في الحياة تساعده ليتعلّم من الدّروس ويأخذ العِبَر، كما أنّ إحاطة النّفس بالأشخاص الإيجابيّين والنّاجحين سيكون عاملاً محفّزاً بتكرار عبارات: أنا أستطيع، أنا قادر، أنا أملك، أنا قويّ إلخ. هذه العبارات تساعد على التّخطيط الجيّد للأهداف، على أن تكون قابلة للقياس ويتم تنفيذها بشكل مدروس، والعمل على تطويرها للأفضل، ولا ننسى دور الذّكاء العاطفيّ الّذي يقود نحو النّجاح.