كبرت الطفلة وترعرعت في منزل بمدينة مسقط لمدة 13 عاماً، كانت محظوظة بعائلتها التي شجعتها على اكتشاف مواهبها بحرية تامة. وهم يراقبونها، وهي ترسم خلسة بعض الشخابيط على جدران منزلهم.. لكن شيئاً ما تطور سنة تلو الأخرى لتتحول شخابيطها إلى جداريات ألهمتها إعادة تصميم غرفتها، وتعتقد أنها كانت المراهقة الوحيدة في ذلك الوقت التي تقضي وقتاً طويلاً في محلات الأثاث. ومع مرور الوقت، اتجهت إلى تغيير أماكن أثاث الغرف الأخرى في منزلهم، حتى توصلت في سن مبكرة، إلى أنه يمكنها تغيير الأماكن كلياً باستخدام الألوان فقط. وهذا كله جعل ارتباطها بالأماكن وذكرياتها فريداً من نوعه... هي مصممة الديكور المصرية شذى خليل، التي تعيد الفضل لما وصلت إليه اليوم إلى تجارب الطفولة التي صقلت شخصيتها بصفتها مصممة ديكور، التي التقيناها في هذا الحوار الدافئ الذي يكشف عن شخصية تتمتع بثقافة مصقولة.
عملت خليل بعد حصولها على درجة البكالوريوس في التصميم الداخلي من الجامعة الأميركية في الشارقة، وهي تتوق لاستكشاف آفاق التصميم المختلفة، ابتداءً من عملها مصممة ديكور داخلي، ومديرة مشروع في شركة ه للتصميم، وانتهاءً بالعمل مُحاضرة في الكلية العلمية للتصميم في عمان، تتابع قائلة: «كان من الممكن أن أحدد نمطاً واحداً أتميز به بتقليد تصاميم معينة، ولكن بدلاً من ذلك اخترت أن استكشف مجال التصميم، واستمتع به، وربما في يوم من الأيام أتمكن من أن أكون أنا من يحدد اتجاه التصميم الجديد».
تعمل خليل حالياً مصممة ديكور داخلي مستقلة، وهي تبحث موضوعيّ المواد المستدامة وتطوير المنتجات. وهي تبدع في تصوير مساحات استثنائية وعملية تخدم غايات معينة. ولأنها تؤمن أن الجمال أمر شخصي نلمسه في التوازن. لكن، غالباً ما نجد جمالاً ساحراً في الأشياء أو المساحات المتوازنة بطريقة غير متناسقة. تتابع قائلة: «الطبيعة خير مثالٍ على ذلك هي مصدر إلهامي الرئيسي. وعلى الرغم من أنها تتميز بأشكالها وخطوطها ذات الطابع العملي، لكن الجمع بينهما هو شكلٌ من أشكال التوازن، الذي من خلاله أستشير مشاعر الناس، وهذا ما يوفر لي وجهات نظر مختلفة للتصميم، أجعله أقرب إلى فهم الناس الذين يتمكنون من تجاوز حدوده».
نقترح عليك قراءة اللقاء الخاص مع المصمم إتيان بسطرمجي: أعمالي متأثرة بأسلوب الحد الأدنى والمدرسة الوحشية
أشكال الفن المنظم
ليست الطبيعة والثقافات والأماكن وحدها هي التي تلهم المصممة الشابة، بل الموسيقى أيضاً تثير في داخلها فكرة مبتكرة وجديدة، من دون أن تقع في التصميم العشوائي؛ لأنها تراه شكلاً من أشكال الفن المنظم، تعلّق قائلة: «لقد تعلمت أن كل شيء يوجد لسبب معين. وإذا لم يكن له هدف، فلن يكون له أثر. وهذا ينطبق على اختيار الألوان وشدتها. كل لون له القدرة على جعلك تشعر بشيء معين في المكان، ويمكن أن يكون تأثير هذا الأمر بسيطاً أو أكثر قوة اعتماداً في كيفية استخدام اللون. يخشى معظم الناس، والمصممون، من التجربة مع الألوان لهذا السبب، فلا يريدون أن يكره أحدهم تصميمهم، ولكن في النهاية، أعتقد أن التصميم الجيد هو ما يجعلك تشعر بشيء ما، قد لا يكون التصميم محبباً للجميع، ولكن يكون له تأثير أكثر قوة في النفوس».
التصميم الجيد هو ما يجعلك تشعر بشيء ما، وقد لا يكون محبباً للجميع، ولكن تأثيره أكثر قوة في النفوس
الثقافات الجميلة
تفضل شذى بصفتها مصممة إضافة لمسة تراثية عتيقة إلى تصاميمها، ولتحقيق التوازن تمزجه مع العصري والحديث، من دون أن تلتزم بأسلوب معين، فقد تعودت على الغوص في ثقافة العميل لتستخرج منها العناصر التي تقوم بتحديثها. تستدرك قائلة: «هذا هو نمط تصميمي بشكل عام، الذي أكمّله بالإكسسوارات، وقد قمت بتصميم فيلا لعائلة عمانية شابة أرادت تجديد منزلها، كانوا يسافرون كثيراً، ويتابعون الثقافات الجميلة الأخرى، وأبدوا اهتمامهم بالطراز المغربي في العمارة. فبدأت بدراسة وفهم العناصر المعمارية المغربية، بما في ذلك الأقواس والأنماط والألوان. وحاولت إضافة هذه العناصر في جميع أنحاء التصميم؛ حيث تتميز كل غرفة بعنصر مختلف. على سبيل المثال، يحتوي المجلس على الأقواس والأنماط، بينما تتميز غرفة الطعام باللون الأزرق الذي يتناسب مع الطراز المغربي. والسمة الأكثر إثارة للاهتمام هنا هي التوازن بين الطراز العصري والمغربي؛ حيث تتم إضافة العناصر بطريقة متناغمة».
ومن عالم الديكور أيضاً اخترنا لك هذا اللقاء مع المصممة Bani Singh: أعمالي تجعل المساحات «تهمس» وتثير المشاعر
عملي مع «تنوين»
كانت هناك مرحلة في حياة المصممة شذى شعرت فيها بالراحة مع استخدام المواد الأساسية، مثل الخشب والمعدن والزجاج، ولكن في وقت ما، أدركت أن هناك الكثير من المواد الجميلة والمستدامة الأخرى المتاحة التي يمكن استخدامها لخلق قطع وفضاءات فريدة وجميلة، ولهذا السبب قضت عاماً في استكشاف مادة جديدة تسمى «جلد الكوموشا»، من خلال برنامج «تنوين» التابع لتشكيل. بعد عام من البحث والتجربة في المواد ساعداها حقاً على التفكير في المواد بطريقة مختلفة، تستطرد قائلة: «الاستدامة هي موضوع مهم جداً تشارك فيه دولة الإمارات بنشاط. أعتقد أنه من الصعب التفكير بشكل مستدام في كل الأوقات؛ لأن ليس كل العملاء مستعدين لاتباع هذه الخطوة حتى الآن، ولكن فكرتي هي إذا كان لدينا ما يكفي من المواد التي يمكن أن تحل محل المواد غير المستدامة وبتكلفة مماثلة أو أقل، فيمكن أن نتبنى نموذجاً أكثر استدامة. كان عملي مع «تنوين» بواسطة تشكيل خلال العام الماضي مركزاً بشكل رئيسي على تطوير مادة يمكن استخدامها في تصميم المنتجات، وتمكنت من القيام بذلك من دون إضافة أي مواد كيميائية، أو تغيير طبيعة المادة الطبيعية المنسوجة بواسطة البكتيريا والخميرة. يسمّى هذا المنتجSKin ، وهو عبارة عن مصباح معلّق في السقف مستوحى من زهرة البلوميريا، ويتميز بمادة طبيعية نمت بواسطة البكتيريا أثناء عملية تخمير الكمبوتشا، وهو مشروب مصنوع من الشاي المخمّر والعسل غنّي بخمائر البروبيوتيك الطبيعية».
تعتقد شذى بشدة أنه إذا لم يجد المصمم صعوبة في التصميم، فهذا يعني أنه لا يحاول صنع شيئاً جديداً. تتابع: «أواجه صعوبة في معظم مشاريعي؛ لأنني أحاول باستمرار ابتكار شيء جديد أو غير متوقع، وحتى تتحقق رؤيتي، لا أنام. في معظم الأحيان، كلما بدا التصميم أكثر سهولة، كان قد وُضِع مزيد من الجهد فيه».
سيكون مستقبل التصميم أكثر حيوية وملاءمة، وسيتركز على تسهيل الحياة. أتخيله يحتفي بتفتحنا وقبولنا لجميع الأعراق والثقافات
سيتحرر المستقبل من الاتجاهات المعتادة
تفكر شذى للعمل في مشروع ذا لاين السعودي، وتعتقد أنه سيكون شيئاً مثيراً للاهتمام، لإعجابها الشديد بفكرته ووظيفيته، وتعتقد أنه سيكون من الرائع، بالنسبة إليها، أن تكون جزءاً منه. تعلّق: «أعتقد أن المستقبل سيكون مكاناً شائقاً جداً. سيتحرر المستقبل من الأعراف والاتجاهات المعتادة، ويتبنى نمط حياة غير تقليدي، وهذا سيدفع باتجاه التصميم غير التقليدي. سيكون مستقبل التصميم أكثر حيوية وملاءمة، وسيتركز على تسهيل الحياة. أتخيل مستقبلاً يحتفي بتفتحنا وقبولنا لجميع الأعراق والثقافات. سيكون مستقبلاً أكثر اندماجاً وتأثيراً، ولا أستطيع الانتظار لأكون جزءاً منه».
ومن عالم الديكور نقترح عليك لقاء المصممة روزان نشار: أحب أن تندمج قطعي بأي منزل مهما كان طرازه