للعام الثاني على التوالي، سيطرت قضايا وهموم المرأة على دراما رمضان، وكان لها النصيب الأكبر في عدد المسلسلات، والأهم أن أغلب هذه الأعمال حظي بنصيب وافر من معدلات المشاهدة، والرواج عبر مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة بعد طرح قضايا لم تكن حاضرة سابقاً في سياق الدراما، مثل حرمان المرأة من الميراث، أو الوصاية على أطفالها، وغيرها.. واللافت اعتقاد البعض أن الحضور المستمر لـ «دراما المرأة» يستهدف بالأساس العداء مع الرجل، فهل هذا صحيح؟ وهل كل انحياز لحقوق المرأة يعد ضمنياً انتقاصاً من مزايا الرجل؟
للمفارقة، كانت «مسلسلات المرأة» في موسم رمضان 2023 من صنع الرجال، سواء بالتأليف أو الإخراج، فظهرت نيللي كريم في مسلسل «عملة نادرة» بدعم المخرج محمد العدل، لتدافع عن حقها وحق رضيعها في ميراثها من أرض زوجها الراحل بالصعيد، تقف أمام الكبير والصغير متمسكة بالأرض، بينما برعت النجمة روبي في تجسيد أفكار الكاتب إبراهيم عيسى بمسلسل «حضرة العمدة»، وهي تتقلد منصب عمدة تمنع الختان، وتقف أمام زواج القاصرات بعلو صوتها، تطبق القانون لحماية الصغار والكبار، وخرجت علينا النجمة منى زكي بعمل من تأليف خالد دياب، ومن إخراج محمد شاكر خضير، لتقدم مشوار أرملة تبحث عن حقوق صغارها.
منى زكي: تحت الوصاية ينتصر لـ «ضمير المجتمع»
النجمة منى زكي، صاحبة العمل الأكثر مشاهدة في موسم رمضان 2023 «تحت الوصاية»، قالت إن الفن الحقيقي لا ينتصر لجنس على حساب الآخر، لأنه بالنهاية يتوجه لكل المشاهدين، وأشارت إلى أن طرح قضية «وصاية الأم على تركة أطفالها» وحقها في تقرير مصيرهم، هي صرخة موجهة لـ«ضمير المجتمع كله»، أطلقها صناع العمل، وأغلبهم من الرجال، خاصة أن الوصاية المالية للمرأة موجودة في مقترحات المجلس القومي للمرأة أمام اللجنة المختصة بوضع قانون الأحوال الشخصية الجديد، لتغيير قانون صدر قبل 71 عاماً.
روبي: «حضرة العمدة» محاولة لدفع المجتمع للتصالح مع أفكار العصر
النجمة روبي، طرحت عبر مسلسلها «حضرة العمدة» كل الأزمات التي تعانيها المرأة منذ طفولتها وحتى بلوغها مرحلة الكهولة في الريف المصري، مثل قضايا الختان وزواج القاصرات، والابتزاز الإلكتروني، وقالت إن العمل موجه بالأساس لنقد الأعراف والتقاليد البالية، ومحاولة دفع المجتمع للتصالح مع أفكار العصر الحالي، مؤكدة أن أغلب النماذج الشريرة داخل العمل كانت من النساء وليس الرجال، وأن من ساندها لإنقاذ المرأة هم الرجال.
وأضافت: «العدو الذي يواجهنا ليس الرجل أو المرأة، وإنما تمسك المجتمع بعادات وتقاليد قديمة لم تعد مناسبة لظروف العصر الحالي، والدراما هدفها دفع المشاهد للتفكير ونقد الواقع من أجل تغييره، وتأكيد كذب المقولات المؤسسة لهذه العادات، وفك الاشتباك بينها وبين صحيح الدين، بطريقة سهلة وبسيطة تخاطب عقول مختلف طبقات وثقافات المجتمع المصري».
المزيد من عالم الفن المجلس القومي للمرأة يدعم "حضرة العمدة" روبي
نيللي كريم: أحارب الضعف سواء عند المرأة أو الرجل
النجمة نيللي كريم، دافعت عن حقوق المرأة المطلّقة في موسم رمضان 2022 عبر مسلسل «فاتن أمل حربي»، وطرحت قضية حق المرأة في ميراث زوجها عبر مسلسلها «عملة نادرة» عام 2023، ومع ذلك كانت حريصة على تأكيد أن موقفها غير منحاز للمرأة في المطلق على حساب الرجل، وقالت إنها لا ترى الأمر بهذه الصورة، وأنها تسعى دوماً وراء السيناريو الجيد الذي يترك أثراً لدى الجمهور، وأنها عندما قدمت «فاتن أمل حربي»، نظرت إلى السيناريو، وما حدث بعدها من تغيير في قوانين الأحوال الشخصية. وتأثيره جماهيرياً كان أمراً رائعاً، ولكنه غير متعمد.
وعن التشابه بين شخصية «نادرة» ونيللي كريم، قالت: «بالتأكيد هناك شبه في قوة الشخصية، مشيرة إلى أنها تحب المرأة ذات الشخصية القوية، ولا تحب الضعف والاستكانة، وأنها تفضل هذا الأمر في المرأة والرجل. من جهته، قال ماندو العدل، مخرج «عملة نادرة»: «إن بطلة العمل نيللي كريم «نادرة» تواجه تقاليد أهل الصعيد في عدم حصول المرأة على ميراثها، حيث لديهم ثقافة أن الرجل يملك الأراضي ويعطي المرأة المال فقط، دون الحق في الميراث، ونحن هنا لا نهاجم مجتمع الصعيد ولسنا ضده، ولكن نناقش الموضوع بمنتهى البساطة المتمثلة في أن المرأة قادرة على إدارة شؤونها، ونطرح سؤالاً مفاده: لماذا يتم النظر إليها على أنها لا تستطيع فعل ذلك؟ وحاولنا تقديم مشكلات من أرض الواقع، وطالما لم نقدمه بشكل مبالغ فيه فيعتبر ذلك جيداً».
النجمة نيللي كريم دافعت عن حقوق المرأة المطلّقة، ومع ذلك كانت حريصة على تأكيد أن موقفها غير منحاز للمرأة في المطلق على حساب الرجل
أمينة خليل: قدمنا هموم الرجل بالتوازن مع أزمات المرأة
النجمة أمينة خليل، طرحت قضية «الأزمات الزوجية» في مسلسلها «الهرشة السابعة»، وتوقفت أمام قضية تشغل بال العديد من الزوجات، وهي: هل التفرغ لرعاية الأسرة والأطفال حق للزوج أم تطوع من الزوجة؟ وكيف يمكن للأخيرة ضمان مستقبلها المهني والمادي بهذا الوضع؟ وأشارت إلى أن العمل رغم أن مؤلفته امرأة، إلا أن الكل كان حريصاً على طرح وجهات نظر الرجال والنساء بطريقة متوازنة. وأضافت: «لم نكن نريد أن يكون هناك مسلسل نسائي، أو يعرض وجهة نظر المرأة دون الاهتمام بالرجل، ويعكس عنها صورة أنها الأضعف، وفي الوقت نفسه، لا يعكس عن الرجل صورة أنه الأقوى، أردنا فقط أن يكون هناك مسلسل متوازن يعرض وجهة نظر الجميع، ليصبح الجمهور مدركاً لمشاعر الثنائي».
إقرأي أيضاً جانب آخر.. مسلسلات تناقش المشاكل الزوجية في موسم دراما رمضان
روجينا في «ستهم»: إذا لم أدافع عن المرأة سأدافع عن من؟
النجمة روجينا، خطفت الأنظار في موسم رمضان 2023 ببطولة مسلسل «ستهم»، الذي يعكس واقع المرأة في صعيد مصر، ويكشف معاناة حقيقية في الحصول على فرصة عمل، ورفضت فكرة أن الدفاع عن المرأة تهمة يجب أن تنفيها، وقالت: «إذا لم أدافع عن المرأة سأدافع عن من؟ وإذا لم تكن هموم المرأة تشغلني ما الذي سيشغلني، وهذا كله لا يعني بالضرورة أنني في حالة عداء مع الرجل، وإنما استغلال لفرصة أنني بطلة مطلقة لعمل يخاطب الجمهور، ومن حقي طرح القضايا التي تشغلني».
وأشارت روجينا إلى أن مسلسل «ستهم» جاء بمثابة تكريم للمرأة، عبر طرح نماذج واقعية حقيقية من كفاح النساء في صعيد مصر، احترمها الرجال قبل السيدات، فالعمل لا يتحدث عن أنثى واحدة، ولكن يتحدث عن جميع النساء في المجتمع، فكل امرأة في المجتمع لديها قضية، مثل الرجل، تحاول أن تنجح في عملها وتوفر لأولادها كل ما يمكن، فمسلسل «ستهم» قريب مني ومن أمي وخالتي وعمتي وابنتي وابنة خالتي، العمل «يوجع القلب».
تصريح رئيسة المجلس القومي للمرأة
الدكتورة مايا مرسي، رئيسة المجلس القومي للمرأة، كانت حريصة طوال شهر رمضان على متابعة ودعم الأعمال الدرامية التي تطرح قضايا المرأة، وتقدم يومياً تأصيلاً فقهياً وقانونياً لجذور المشكلة، مع حالات واقعية تؤكد أن الأعمال الدرامية تكشف عن الواقع دون مبالغة، وقالت تعليقاً على أحداث مسلسل «تحت الوصاية»: «دراما واقعية وعمل فني صادق، نستقبل المشاكل كل يوم من أمهات أصبحن بين ليلة وضحاها أرامل ومعهن أطفال قصّر». وأضافت: «شكراً لدراما نقلت الواقع بحرفية عالية، صدقت منى في كل مشاعرها، فشخصية حنان حقيقة لحم ودم ومشاعر وأمومة، أملها في الحياة لقمة عيش وحياة آمنة لابنها وابنتها».
وتابعت رئيسة المجلس: «الإنسانية مبدأ والأمانة عهد والحنان والطمأنينة قبل كل شيء، والأم يجب أن تؤتمن على أموال أولادها ويحاسبها القانون». وأشارت إلى أن «الفن حينما يقدم رسالة إنسانية تحاكي واقع الإنسان ومعاناته وفرحه وحزنه وتطلعه، يستطيع بها تغيير مجتمع بأكمله».
وأكدت الدكتورة مايا مرسي، أن أي عمل فني لابد أن يهدف إلى رفع الوعي بقضايا المجتمع الذي نعيش فيه، وتسليط الضوء على النماذج البارزة والناجحة. وأضافت رئيسة المجلس القومي للمرأة، أن صناع الدراما عليهم مسؤولية مجتمعية أمام المجتمع، ويقع على عاتق جميع القائمين على الأعمال الفنية من مؤلفين ومخرجين وممثلين ومنتجين، المسؤولية الكاملة تجاه حماية أفراد المجتمع مما يعرض على الشاشات، من خلال اختيار الأدوار والموضوعات الهادفة وليست الرابحة فقط.
وتابعت رئيسة المجلس القومي للمرأة: «نحن نرفض أي دراما مهينة أو مسيئة أو تضر المجتمع».
وأكدت أنها تتوجه بالشكر لصناع الدراما، لعدة أسباب، أولاً للشراكات الفنية المتعددة، ثانياً لأعمال فنية أعادت لنا الدراما المهمة، مشيرة إلى أنها تشعر بالرضا إلى حد كبير عن المحتوى الدرامي المقدم الذي تناول صورة المرأة بشكل عام، وتقدمت بالتحية لصناع مسلسلات «عملة نادرة»، و«حضرة العمدة»، و«تحت الوصاية» لكسرها حاجز الصمت في العديد من القضايا التي كان يصعب تناولها درامياً في السابق.
المزيد من عالم الفن السينما المصرية.. تجارب واقعية عبرت عن قضايا المرأة