كثيرة هي الأسرار الغامضة، التي كانت تشغل الناس منذ الأزل، ولاتزال، إنْ كان ما يتعلق بالكون أو الفضاء الخارجي، أو بما يتعلق بكوكبنا المليء بالخفايا المحيرة. تلك الأسرار الغريبة شكلت أرضية خصبة للأساطير عبر الحضارات البشرية المتعاقبة، بحيث ترجع تفسيراتها إلى قوى غامضة أو أسباب وهمية.
وقد حاول العلماء والمتخصصون جاهدين تفسير بعض الظواهر؛ إلا أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من الوصول إلى نتائج حقيقية مقنعة. ومن تلك الأسرار اختفاء الطائرات والسفن؛ وحتى الأشخاص في ظروف محيرة وغامضة، من دون أن يتم العثور على أي أثر لها حتى يومنا هذا.
اليوم تعود هذه المسألة إلى الواجهة من خلال سر اختفاء الطائرة الماليزية التي انطلقت بالرحلة MH 370 يوم السبت الثامن من مارس 2014، ولم يتم العثور عليها حتى إعداد هذا التحقيق، كما لم يتم وجود أي مؤشر يدل على مكان اختفائها.
في السطور الآتية سنحاول التطرق إلى قصة اختفاء الطائرة الماليزية، ونستعرض أبرز قصص اختفاء الطائرات في السنوات منذ القرن الماضي وحتى اليوم.
كان الكثير من العلماء والناس يحمّلون مثلث برمودا، أو مثلث التنين (برمودا الهادي) مسؤولية ابتلاع الطائرات والسفن، ولكن ماذا حين تكون تلك الحوادث بعيدة عن مكان هاتين المنطقتين المخيفتين؟
مثلثا برمودا والتنين
مثلث برمودا (بالإنجليزية: Bermuda Triangle) المعروف أيضاً باسم «مثلث الشيطان»، وهي منطقة جغرافية على شكل مثلث متساوي الأضلاع (نحو 1500 كيلومتر في كل ضلع) ومساحته نحو مليون كم²، يقع في المحيط الأطلسي بين برمودا، وبورتوريكو، وفورت لودرديل (فلوريدا)، ويعتير شقيق مثلث التنين.
هي منطقة شهيرة بسبب عدة مقالات وأبحاث نشرها مؤلفون في منتصف القرن العشرين، تتحدث عن مخاطر مزعومة في المنطقة. ولكن إحصاءات خفر السواحل للولايات المتحدة لا تشير إلى حدوث حالات اختفاء سفن وطائرات في هذه المنطقة أكثر من مناطق أخرى.
أما بحر الشيطان (باليابانية: ما نو أومي)، المعروف أيضاً باسم مثلث التنين أو مثلث برمودا الهادي، وفي تايوان يسمى مثلث فورموزا، هو امتداد مائي كبير في اليابان، يقع في المحيط الهادي حول جزيرة مياكي اليابانية، وعلى بعد 100 كيلومتر جنوبي طوكيو، وهي منطقة تقع بين هونغ كونغ، والفلبين، وتايوان، واليابان، ويقال إن آلاف السفن اختفت فيه، ويعدّ شقيق مثلث برمودا.
الطائرة الماليزية بوينغ 777
انشغلت القنوات الإخبارية والصحافة العالمية مؤخراً بتغطية خبر اختفاء الطائرة التابعة للخطوط الجوية الماليزية، التي لم يعثر على أي أثر لها حتى الآن، ولم يتم العثور على أي دليل على ما حدث للطائرة والركاب، وتم استعراض العديد من النظريات والفرضيات، التي ترصد جملة من التفسيرات والاحتمالات المثيرة، استعرضها طيارون سابقون وخبراء في مجال الطيران، ولكن بقي اللغز غامضاً، يجتهد الكثيرون في تفسيره؛ إذ مازال البحث جارياً عن الطائرة المفقودة، حيثُ شاركت في البحث 26 دولة باستخدام 58 طائرة و43 سفينة، وشمل نطاق البحث أراضي 11 دولة، من دون التوصل إلى أي إجابات شافية، تعطي أهالي الركاب الفرصة لمعرفة مصير أحبائهم، فما الذي حصل للطائرة الماليزية؟ وكيف اختفت؟ وما مصيرها؟
انطلقت الرحلة MH 370 يوم السبت الثامن من مارس 2014 من مطار كوالامبور باتجاه بكين، والطائرة من طراز بوينغ 777 حملت على متنها 227 راكباً و12 فرداً من الطاقم، وأرسلت الطائرة بثها الأخير عن طريق نظام ACARS «نظام معالجة وإبلاغ اتصالات الطائرات»، الذي يرسل معلومات الصيانة لأبراج المراقبة على الأرض.
هذا النظام توقف في وقت لاحق عن العمل. وليس من الواضح ما إذا كان توقفه كان قبل أو بعد آخر اتصال لفظي بالرحلة 370.
الكلمات الأخيرة
الكلمات الأخيرة من الرحلة 370 إلى الأرض كانت: «حسناً، ليلة سعيدة»، هذه الكلمات قيلت على ما يبدو من قبل مساعد الطيار، فريق عبدالحميد، حيثُ كانت الرحلة 370 توقّع خروجها من مراقب الحركة الجوية الماليزي.
ثم كشفت الرادارات العسكرية الماليزية عن وجود الرحلة 370 في المدخل الشمالي لمضيق ملقا، جنوب جزيرة فوكيت، تايلاند، وغرب شبه الجزيرة الماليزية. مبتعدة بذلك مئات الأميال عن مسارها، وبعد نحو أربع ساعات كان من المقرر أن تهبط الرحلة 370 في بكين.
نظريات وتكهنات
تواصلت النظريات والتحليلات، في محاولة لفك لغز اختفاء الطائرة الماليزية، قد يكون بعضها أقرب إلى سيناريوهات أفلام الخيال العلمي منها إلى علم الطيران والمنطق.
والفرضية الأكثر انتشاراً في وسائل التواصل الاجتماعي هي أن حريقاً في قمرة القيادة أو حادثاً خطيراً تسبب في تعطيل نظام الاتصالات في الطائرة بُعَيْد إقلاعها، وأرغم الطيارين على القيام بهبوط اضطراري، ومنهم من قال إن نيزكاً صدم الطائرة وفجرها.
وإلى أن يتم العثور على الطائرة؛ فإن النظريات والتكهنات الخيالية، والشعوذات ستكثر، كما قال ديفيد كامينسكي مورو الصحافي في مجلة فلايت إنترناشيونال، الذي قال: «أي خيط لم يتم التحقق منه نظرية محتملة».
حوادث مشابهة
لكن حادثة اختفاء الطائرة الماليزية ليست الأولى من نوعها، فسجل التاريخ يحفل بحوادث اختفاء مماثلة، لم يتم تفسيرها حتى يومنا هذا من أبرزها:
1937 إميليا إيرهارت
تعد حادثة اختفاء إميليا إيرهارت، من أبرز الحوادث غموضاً، فهي بطلة الولايات المتحدة الأميركية في الطيران، وأول سيدة تسافر عبر المحيطات، والتي كانت تطمح لأن تصبح أول امرأة تدور حول الأرض بطائرتها من طراز «لوكهيد»، وأثناء قيامها برحلة مع الطيار «فريد نونان»، اختفت الطائرة بالقرب من جزيرة «هاولاند» وسط المحيط الهادي، ولكن لم يعثر على جثة إميليا، وتلاشى آخر أثر لها؛ على الرغم من عمليات البحث الواسعة، التي غطت ربع مليون ميل مربع، بتكلفة 4 ملايين دولار.
يذكر أن إميليا في العام 1929 شاركت في تشكيل أول رابطة للنساء، تتمحور حول شؤون الطيران، وأسمتها «ناينتي ناينز»، وانتُخبت أول رئيسة لها. وبعد عام من ذلك سجلت رقماً قياسياً في السرعة، عندما تمكنت من التحليق بسرعة 292 كلم في الساعة.
طائرة غلين ميلر 1944
«غلين ميلر» هو أحد قادة فرقة «بيغ باند» الشهيرة، وأحد الفنانين أصحاب أكثر التسجيلات مبيعاً من 1939م إلى 1943م، كان مسافراً من لندن إلى باريس لترفيه القوات الأميركية في فرنسا أثناء الحرب العالمية الثانية، ولكن الطائرة التي كان يستقلها اختفت فجأة فوق القناة الإنجليزية، في بحر المانش لظروف الطقس السيئة.
ولاحقته العديد من النظريات، مثل إصابة طائرته بإحدى «القذائف» عن طريق الخطأ، وهناك من ادعى نجاحه في الوصول إلى فرنسا حيثُ توفي هناك بسبب أزمة قلبية.
1945 عام الرحلة 19 لقاذفات قنابل تابعة للبحرية الأميركية
اختفى أثر 5 قاذفات تابعة للبحرية الأميركية، كانت تقوم برحلات تدريبية قبالة سواحل فلوريدا في 5 ديسمبر/كانون الأول 1945، على الرغم من أنهم مكونون من مدرب إحدى الطائرات، والآخرون كانوا طيارين أكفاء، واختفى أثرهم منذ ذلك الوقت، وزاد من لغز الحادث، تلاشي أثر طائرة سادسة خرجت للبحث عنهم، وذلك في مثلث برمودا، الذي لم يكن يسبب أي قلق للطيارين؛ لأنهم لم يكونوا على معرفة بقوة المجال المغناطيسي لتلك المنطقة وقدرتها على جذب أي طائرة أو باخرة في وقت قصير.
1947 طائرة ستاردست البريطانية
في عام 1947 اختفى أثر طائرة ستاردست البريطانية عقب الإقلاع من مدينة «بوينس أيرس» الأرجنتينية في رحلة إلى «سانتياغو» في تشيلي، في ظروف غامضة، وحتى الآن لم يتم العثور عليها، والبعض ذهب به الخيال إلى اتهام مخلوقات فضائية هاجمت الطائرة، وتسببت في تدميرها، حتى عام 2000 عندما عثر على حطام الطائرة بين الثلوج.
ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية أن 11 شخصاً قتلوا في الطائرة، التي كانت آخر شيفرة بعثت بها هي كلمة STENDEC، وظل معنى الكلمة غامضاً حتى كتابة هذه السطور.
المزيد:
10 نظريات تفسر اختفاء الطائرة الماليزية
أحد ركاب الطائرة الماليزيَّة ودَّع عائلته وسلم زوجته خاتم الزواج!
ابنة كابتن الطائرة الماليزية تعود لكوالالمبور دفاعاً عن والدها