على مدار مشواره الفني الكبير الذي يزخر بالعديد من المحطات الفنية المهمة، استطاع الفنان خالد زكي أن يصنع لنفسه إرثاً فنياً ثرياً بالأعمال الدرامية والمسرحية اللافتة؛ إذ وضع لنفسه مبادئ فنية ومعايير يختار على ضوئها أعماله التي يحترم فيها عقلية المشاهد، فهو يأبى الظهور لمجرد التواجد، وإنما يبحث عن الدور المؤثر والعمل الذي يتضمن رسائل اجتماعية هادفة. ظهر في الموسم الرمضاني بشكل متميز من خلال أدواره في مسلسل «المداح 3» أمام الفنان حمادة هلال، وهي دراما تتطرق للعالم السفلي، ومسلسل «الأجهر» الذي ينتمي لنوعية الدراما الاجتماعية الشعبية. في لقاء مع «سيدتي»، كشف الفنان خالد زكي عن دوافعه لتقديم «المداح» و«الأجهر»، والمعايير التي يختار على ضوئها أعماله الفنية وتطرقنا في الحوار الآتي لقضايا أخرى متعلقة بالدراما.
كيف كانت تجربتك في تجسيد شخصيتين مختلفتين في مسلسل «المداح 3» ومسلسل «الأجهر»؟
كانت تجربة رائعة بالنسبة لي، فقد كانت تحدياً كبيراً أن أجسد شخصيتين مختلفتين في الموسم نفسه. ففي مسلسل «المداح 3»، قدمت شخصية دكتور جامعي وعالم تحول إلى جن، وكانت هذه التجربة ممتعة جداً بالنسبة لي، لأن الدور مختلف ولم أقدمه من قبل، والشخصية تطلبت مني بحثاً وتحضيراً كبيراً، أما في مسلسل «الأجهر»، فقدمت شخصية رجل أعمال يمر بعدد من الأزمات، وكانت هذه التجربة مختلفة تماماً، حيث كانت تحتاج إلى الكثير من العمل الجاد والتركيز.
دراما الأجزاء
لنقف معك عند مسلسل «المداح». أود أن أسألك عن رأيك في الدراما التي تتناول العالم السفلي؟ وما هو الهدف الذي تقدمه هذه النوعية من الدراما في المجتمع؟
بالنسبة لي أعتقد أن الدراما التي تتناول العالم السفلي، تحمل رسائل اجتماعية مهمة وتسلط الضوء على قضايا مهمة في المجتمع. وبالتالي، فإن هذه الدراما يمكن أن تلعب دوراً بارزاً في التوعية والإصلاح الاجتماعي، من خلال تسليط الضوء على مشاكل وقضايا مهمة في المجتمع، وتعرضها بطريقة تثير الوعي والاهتمام. ومن خلال هذه الدراما، يمكن للمشاهدين أن يتعرفوا إلى القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تؤثر على حياتهم، ويمكنهم أن يتعلموا كيفية التعامل معها بطريقة أفضل.
وما الذي تحتاجه دراما العالم السفلي حتى تؤدي الدور المنوط بها؟
هذه النوعية من الدراما تحتاج إلى تقديمها بشكلٍ متزن ومسؤول، حيث يجب أن تكون القصة والشخصيات متناسبة مع الواقع وتعكس الحقائق بشكل دقيق. وعندما يتم تقديم هذه الدراما بشكل صحيح، فإنها تساعد في توعية المجتمع وتحفيزه على التفكير والتحرك لتحسين الأوضاع.
هل تعتقد أن هذه النوعية من الدراما يمكن أن تؤثر على الجمهور بشكل سلبي؟ وما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها لتجنب ذلك؟
إذا لم يتم تقديم هذه الدراما بشكل صحيح، فقد تؤثر على الجمهور بشكل سلبي. ومن أجل تجنب ذلك، يجب أن يتم تقديم هذه الدراما بشكل مسؤول ومتزن كما قلت سلفاً، وأن تكون القصة والشخصيات واقعية. كما يجب أن يتم توجيه الجمهور بشكل صحيح، وتوضيح لهم أن هذه الدراما تعرض مشاكل وقضايا المجتمع، والهدف منها توعية الجمهور.
هل هذه العناصر وجدتها في «المداح» ما دفعك للمشاركة في البطولة؟
بالتأكيد ما لفت انتباهي في مسلسل «المداح 3» طريقة السرد وتناوله للعالم السفلي، حيث يؤكد أن السبيل الوحيد لحصن النفس من الجن هو الإيمان بالله، بعيداً عن الدجل والشعوذة الذي تروجه بعض الأعمال الأخرى، فالعمل يتضمن رسائل اجتماعية هادفة وهذا أبرز ما دفعني للمشاركة فيه.
ألم تخشَ من المشاركة في الجزء الثالث من «المداح» باعتبار أن دراما الأجزاء عادة ما تكون محل نقد وتشكيك من الجمهور؟
إطلاقاً، لا أخشى من دراما الأجزاء، فقد قدمتها من قبل، و«المداح» دراما قماشتها عريضة تحتمل تقديم أجزاء عديدة منها، لأنها تدور في قالب مختلف ومثير، وهذا ما لمسته في السيناريو الذي عُرض عليّ، والذي وجدته مختلفاً تماماً عن الجزأين السابقين.
ومن عالم الفن أيضأً اخترنا لك هذا اللقاء مع الفنانة رانيا فريد شوقي
«الأجهر» دراما يحبها الجمهور
وما الذي دفعك للمشاركة في مسلسل «الأجهر»؟
مسلسل «الأجهر» ينتمي إلى نوعية الأعمال الاجتماعية الشعبية، وهي الدراما التي يحبها ويفضلها الجمهور، وأنا كفنان أحب أن أقدم التيمة أو الحبكة التي يحبها الجمهور ويرى فيها نفسه وتكون معبرة عن واقعه، وهذا ما وجدته في «الأجهر» الذي يلامس معاناة أناس كُثر.
ما رأيك في الدراما الحالية مقارنة بالأعمال السابقة التي شاركت فيها؟
هناك تطور كبير في الدراما من ناحية الصورة والتنوع في الحبكات، وسعيد أن الموسم الرمضاني لهذا العام شهد نوعيات درامية كاد أن يفتقدها الجمهور، مثل الأعمال التاريخية والدينية، وهذه النوعية من الدراما مهمة جداً لأنها تؤرخ لحقبة زمنية مهمة في تاريخ مصر، وكذلك الدينية في استعراض نماذج وشخصيات تاريخية ودينية مؤثرة، فهذه النوعية من الدراما تعدّ مرجعاً للأجيال الجديدة والمتعاقبة، وعودتها فتح بارقة أمل كبيرة للطاقات الشبابية الدؤوبة على تقديم دراما تسعى للخروج عن المألوف.
الدراما فقدت كُتّابها
وما الذي اختلف في الدراما الحالية مقارنة بالسابق؟
الدراما فقدت كُتّابها الذين كان يُنظر إليهم على أنهم أعمدة الدراما، الكُتّاب قديماً كانوا مهمومين بقضايا الشارع المصري، وما يدور في داخله، فكانت مرآة عاكسة لواقع حقيقي نعيشه ونتعايش معه، ولكن هذا لا يمنع أن هناك طاقات شبابية جديدة قادرة على حمل الراية وإعلاء ريادة مصر الفنية.
اقتباس الأعمال الفنية الأجنبية ووضعها في قالب مصري، هل يمثل هذا تهديداً لقيمنا أم هو انفتاح على العالم الواسع؟
قضية الاقتباس ليست عصرية كما يعتقد البعض، فقد شهدنا الاقتباس في المسرح والسينما والدراما من قبل، التمصير ليس مشكلة طالما يتم تقديمه ومعالجته بالشكل الذي يتفق مع مبادئنا وقيمنا الاجتماعية، وألا نجعله «موضة» ونتجاهل قضايا المجتمع الحقيقية، التي كان يعبر عنها بقلمه الكاتب الكبير أسامة أنور عكاشة وغيره من أعمدة الدراما العربية، والاستفادة من الأدب المصري وتطويعه لخدمة الدراما، نحن نمتلك إرثاً أدبياً كبيراً، إذا استطعنا معالجته والاستعانة به في الدراما سيكون لدينا أعمال نوعية ومختلفة.
هل تعتقد أن قلة ظهورك الفني في الفترة الأخيرة كانت بسبب اختياراتك الفنية أم لظروف صحية؟
ظروفي الصحية بخير، ولكن بعد هذا العمر أدقق في اختياراتي، وأحاول أن أختار الدور المؤثر عن كونه مختلفاً، لأنني طيلة مشواري الفني قدمت مختلف الأدوار والشخصيات، وقلة ظهوري الفني في الفترة الأخيرة بسبب التأني في اختياراتي الفنية، كنت أرغب في العمل على مشاريع محددة ومؤثرة تحمل قضايا ورسائل مهمة، ولذلك قمت باختيار بعض الأعمال التي تناسب رؤيتي الفنية وتحقق أهدافي الفنية، وهذا ما وجدته في «المداح 3» و«الأجهر».
نقترح عليك متابعة اللقاء مع الممثل أحمد أمين