توافد ضيوف الرحمن إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية تأسيا بنهج النبي صلى الله عليه وسلم، إذ يصلون الظهر والعصر والمغرب والعشاء قصرا دون جمع.
وصلي الحجاج فجر يوم أمس الإثنين في منى، واليوم الذي يوافق الـ9 من ذي الحجة يتوجهون إلى صعيد عرفات للوقوف وأداء ركن الحج الأعظم، الذي يستمر حتى مغيب الشمس، ثم بعد ذلك يبدأ ضيوف الرحمن النفير نحو مزدلفة للمبيت ثم العودة إلى منى مجددا لرمي الجمرات وذبح الهدي في أول أيام العيد.
مشعر منى
يقع مشعر منى بين مكة المكرمة ومشعر مزدلفة، على بعد 7 كيلو مترات (شمال شرقي المسجد الحرام)، وهو مشعر داخل حدود الحرم، عبارة عن وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، ويقيم به ضيوف الرحمن يوم التروية وأيام التشريق.
ويحظى المشعر بمكانة تاريخية ودينية، ففيه رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم سار النبي الكريم على نهجه واستن المسلمون بسنته صلى الله عليه وسلم، يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
ومشعر منى هو حد من حدود الحرم، ولا يسكن إلا فترة الحج، وتحده من جهة مكة جمرة العقبة، ووادي محشر من جهة مشعر مزدلفة.
أكبر مدينة خيام في العالم
ويحتضن مشعر منى أكبر مدينة خيام في العالم صممت لضيوف الرحمن ضمن أكبر المشاريع التي نفذتها حكومة المملكة العربية السعودية لإيواء الحجاج بمساحة تقدر بـ2.5 مليون متر مربع، لاستيعاب 2.6 مليون حاج.
ورافق توافد مواكب ضيوف الرحمن إلى مشعر منى حزمةً من الإجراءات الصحية والأمنية والتنظيمية خلال توجه الحجاج إلى منى عبر الحركة الترددية للنقل العام بواسطة الطرق الفسيحة والأنفاق والجسور التي هيأتها حكومة السعودية، إذ ترتبط مكة بالمشاعر بشبكة طرق عديدة، إضافة إلى الأنفاق والطرق الخاصة بالمشاة التي زودت بجميع ما يحتاجه الحاج في طريقه إلى منى.
يوم التروية
يفد ضيوف الرحمن يوم 8 من ذي الحجة إلى مشعر مِنى بمكة المكرمة، لقضاء يوم التروية ضمن مناسك الحج، وذلك قبيل توجههم للوقوف بجبل عرفة الركن الأعظم للحج، وسمي يوم التروية لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء، ويحملون ما يحتاجون إليه.
ويُستحب التوجه إلى مِنى قبل الزوال - أي قبل الظهر- فيُصلي به الحجاج الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر قصرا للصلاة الرباعية بلا جمع، ويستحب أن يبيت الحاج في مِنى يوم التروية.
ويتدفق ضيوف الرحمن إلى صعيد جبل عرفات على بُعد 12 كيلومترا من مكة، ليشهدوا الوقفة الكبرى ويقضوا الركن الأعظم من أركان الحج، ثم ينفروا مع مغيب الشمس إلى مزدلفة.
ويعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم العاشر من ذي الحجة لرمي جمرة العقبة الكبرى (أقرب الجمرات إلى مكة) والنحر والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة ثم الحلق أو التقصير.
ويحرم المتمتعون المتحللون من العمرة من أماكنهم سواء داخل مكة أو خارجها، حيث يبقى الحجاج بها إلى ما بعد بزوغ شمس التاسع من ذي الحجة، ليتوجهوا للوقوف بعرفة (الوقفة الكبرى)، ثم يعودوا إليها بعد "النفرة" من عرفة والمبيت بمزدلفة لقضاء أيام (10 و11 و12 و13 ذي الحجة)، ورمي الجمرات الثلاث، جمرة العقبة الكبرى والجمرة الوسطى والجمرة الصغرى إلا من تعجل، وذلك لقوله تعالى "وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى"، (سورة البقرة/ من الآية 203).
جهود مكثفة لخدمة ضيوف الرحمن
ويواصل رجال المرور ودوريات الأمن تساندهم أفراد قوى الأمن جهودهم في تنظيم حركة التصعيد وإرشاد ضيوف الرحمن ومساعدتهم والحفاظ على أمنهم وسلامتهم الذين يبذلون الغالي والنفيس لخدمة الحجاج والسهر على راحتهم وتيسير تنقلاتهم بين المشاعر المقدسة.
استعداد وجاهزية في المشاعر المقدسة
وكانت وزارة الصحة قد أنهت كافة استعداداتها لتقديم الخدمات الصحية لضيوف الرحمن بأسرع وأفضل الإمكانات المسخرة لخدمتهم، مؤكدةً، أن جميع منشآتها على درجة عالية من الاستعداد والجاهزية في المشاعر المقدسة وتتواجد الخدمات الطبية بكثافة في المشاعر المقدسة الثلاث (منى، مزدلفة، وعرفة).
وقدمت الصحة خدماتها لموسم الحج لهذا العام 1444هـ، عبر المستشفى الافتراضي بعد تسجيله نجاحاً وتميزاً في موسم الحج الماضي، حيث تمت إضافة عدد من اليادات الافتراضية في المشاعر المقدسة والمدينة المنورة خلال هذا العام.
كما أعدت وزارة الصحة نقاطاً طبية في قطار المشاعر وقطار الحرمين، وجهَّزت عربات متنقلة طبية تكون موجودة على خط المشاة بين المشاعر المقدسة، وكثفت جهودها في المنطقة المركزية للحرم المكي الشريف، إضافةً إلى توفير 190 سيارة إسعاف، وتهيئة 16 مركز طوارئ على منشأة جسر الجمرات في مشعر منى.
مكانة وتسمية مشعر منى
يعد مشعر منى ذو مكانة تاريخية ودينية، إذ فيه رمى نبي الله إبراهيم - عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد فيه نبي الهدى محمد - صلى الله عليه وسلم - هذا الفعل في حجة الوداع.
وتقول بعض الروايات التاريخية إن تسمية (مِنَى) ترجع لما يراق في هذا المكان من دماء نحر الأضاحي والهدي في أيام الحج، وقيل أيضًا إن أصل التسمية يعود لكون نبي الله آدم - عليه السلام تمنى الجنة هناك، ورأى آخرون أن منى سُميت كذلك لاجتماع الناس بها، حيث إن العرب تسمي كل مكان يجتمع فيه الناس مِنَى.
يمكنكم متابعة آخر الأخبار عبر حساب سيدتي على تويتر