عندما سئل عميد المسرح العربي يوسف بك وهبي عن "ملخص حياته" قال إنه عاش 1000 مرة، ولم يكن في كلامه أية مبالغة، فالرجل الذي ولد ضمن الطبقة الارستقراطية المصرية، وهجر فجأة منزل والده الباشا ليعمل في السيرك، ثم المصارعة، وبعدها يهرب إلى إيطاليا لتعلم التمثيل، ويعود ليؤسس بداية المسرح المصري ويترك بصمة لا تنسى في السينما العربية، عاش بالفعل 1000 مرة.. في ذكرى ميلاده التي توافق اليوم الإثنين 17 يوليو يستعيد "سيدتي نت" معكم أبرز محطات حياة يوسف وهبي الفنية والشخصية.
يوسُفُ عبد الله هديب وهبي قطب الشهير باسم يوسف وهبي ولد يوم 17 يوليو 1898 وتوفى في 17 أكتوبر 1982.
ولد في مدينة الفيوم على شاطئ بحر يوسف وسُمي تيمناً باسمه، وكان والده (عبد الله باشا وهبي) يعمل مفتشًا للري بالفيوم، وكان يقطن منزلاً يقع على شاطئ بحر يوسف
بدأ تعليمه في كُتَّاب العسيلي بمدينة الفيوم، ثم انتقل مثل بقية أطفال الطبقة الارستقراطية في مصر وقتها للتعليم بالمدرسة السعيدية بالجيزة، ولكن زيارة إلى سيرك الحاج سليمان وقتها غيرت مسار حياته حيث فتن بفاصل لرياضة المصارعة كان من المعتاد تقديمه وقتها بين عروض خفة اليد والغناء والاستعراضات فقرر ترك التعليم والعمل ممثلا ومصارعا وتلقى دروسا بالفعل على بطل الشرق في المصارعة آنذاك المصارع عبد الحليم المصري.
قرار يوسف وهبي لم يعجب والده خاصة وأن نظرة المجتمع وقتها لطبقة العاملين في السيرك كانت سلبية جدا، فقرر الوالد إلحاق ابنه بالمدرسة الزراعية بمشتهر، كخطوة للتمهيد لإشراف الصغير على أملاك والده الزراعية.
انتقل غرام يوسف وهبي من المصارعة إلى التمثيل بعدما شاهد فرقة الفنان اللبناني سليم القرداحى في سوهاج، وبدأ هوايته بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادى الأهلى والمدرسة.
لم يجد يوسف مهربا من والده إلا تغيير اسمه ل "رمسيس" والهرب إلى إيطاليا لتعلم فنون التمثيل، بعد الحرب العالمية الأولى بإغراء من صديقه القديم المخرج محمد كريم، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالى كيانتونى، وعاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده، حيث حصل على ميراثه عشرة آلاف جنيه ذهب وهي ثروة ضخمة جدا، أنفقها على تأسيس فرقة "رمسيس" أول فرقة احترافية في مصر بعد عقود من عروض الهواة.
تأسيس فرقة رمسيس
افتتح يوسف وهبي عروض فرقة رمسيس المسرحية بالمشاركة مع عدد من الممثلين الكبار مثل عزيز عيد ومختار عثمان وحسين رياض، وأحمد علام، وفتوح نشاطي، وزينب صدقي، وأمينة رزق، فاطمة رشدي، وعلوية جميل، في 10 مارس 1923، وبدأت الفرقة بمسرحية المجنون كباكورة لأعمالها المسرحية حيث عُرضت على مسرح راديو عام 1923 وكانت معظم مسرحياتها في بداياتها مترجمة عن أعمال عالمية لشكسبير وموليير وإبسن، ويعتقد البعض أن يوسف وهبي هو الذي أدخل فكرة الموسيقى التصويرية قبل رفع الستار التي لم تكن معروفة إلا في أكبر المسارح في العالم، وقدمت الفرقة بعد ذلك عددًا كبيرًا وصل إلى أكثر من 300 من المسرحيات المؤلفة والمقتبسة باللغة العربية أو بلغات أخرى منها الفرنسية، ونقلت العديد من مسرحيات الفرقة إلى السينما مثل: كرسي الاعتراف، راسبوتين، المائدة الخضراء، بنات الشوارع، أولاد الفقراء، وبيومي أفندي.
تكليف يوسف وهبي بتأسيس المسرح القومي
نجاح عروض فرقة رمسيس "الجادة" بمواجهة عروض علي الكسار ونجيب الريحاني الهزلية، دفع الحكومة المصرية لتكليفه عام 1933م بتشكيل فرقتها المسرحية التي كانت نواة المسرح القومي فيما بعد، كما عمد يوسف وهبي بجانب تمثيله الأدوار الرئيسة في مسرحياته إلى التأليف والإخراج، فإجمالًا قام يوسف وهبي بتمثيل 302 من المسرحيات العالمية، وأخرج منها 185 مسرحية، وقام بتأليف 60 مسرحية، وكان يهدف من وراء أعماله إلى نشر الوعي الاجتماعي ونقد عيوب المجتمع؛ حيث عرض مشكلات مثل: الزواج من أجنبيات، وأطفال الشوارع، وأبناء الخطيئة، والصراع بين الضمير والعاطفة، كذلك عمد إلى محاربة الاستعمار والفساد.
يوسف وهبي يؤسس لانطلاقة السينما المصرية
في عام 1930 وبالتعاون مع المخرج محمد كريم أنشأ يوسفوهبي شركة سينمائية باسم رمسيس فيلم التي بدأت أعمالها بفيلم زينب سنة 1930، والذي كان من إنتاجه وإخراج محمد كريم، وفي عام 1932 أنتج أولاد الذوات الذي كان أول فيلم عربي ناطق وكان الفيلم مقتبسًا عن إحدى مسرحياته الناجحة، حيث قام بكتابة النص وقام ببطولة الفيلم، كما قام محمد كريم أيضا بإخراجه، ثم كتب فيلمه الدفاع سنة 1935، ليخرجه هذه المرة بنفسه بالتعاون من المخرج نيازي مصطفى حتى بلغ به التكامل الفني إلى تلحين أغاني هذا الفيلم. ثم في عام 1937 قدم فيلمه الثالث المجد الخالد وهذه المرة كان هو الكاتب والبطل والمخرج، ثم قدم فيلم ساعة التنفيذ 1938 من بطولته وتأليفه وإخراجه وبذلك قدم يوسف وهبي مجموعة من أوائل أفلام السينما المصرية فكان عدد الممثلين السينمائيين قليل وكانت الأفلام غالبًا ما تكون من بطولة يوسف وهبي أو نجيب الريحاني أو علي الكسار في فترة الثلاثينيات.
بعد ذلك بدأ يوسف وهبي في تقديم ثنائي ناجح مع المطربة والممثلة الشابَّة في ذلك الوقت ليلي مراد حيث شارك معها في ثلاث أفلام متتالية هي ليلة ممطرة 1939، ليلى بنت الريف 1941، وليلى بنت المدارس 1941، وكانت هذه الأفلام من إخراج توجو مزراحي.
البكوية على بطولة فيلم "غرام وانتقام"
قدم يوسف وهبي فيلم غرام وانتقام عام 1944، وكان من إخراجه وتأليفه، ويعتبر الفيلم من أعظم وأهم أفلام يوسف وهبي والسينما المصرية عمومًا، كما يتميز الفيلم بمشاركة نجمة الغناء أسمهان فيه بجانب أنور وجدي، وبشارة واكيم، ومحمود المليجي، وفاخر فاخر وغيرهم، وعند مشاهدة الملك فاروق لأول عرض للفيلم بسينما ريفولي بالقاهرة أُعجب به وقرر منح يوسف وهبي رتبة البكوية.
يوسف وهبي وطريق العالمية
حقق يوسف وهبي إنجاز العالمية 1949م عندما قدم الفيلم المصري الإيطالي أمينة من إخراج المخرج الإيطالي جيوفريدو إليساندريني ومن تأليفه بالاشتراك مع يوسف وهبي ومن بطولة يوسف وهبي والممثلة الإيطالية ذات الأصل الروسي آسيا نوريس ورشدي أباظة وسراج منير وحسن البارودي.
من أهم مسرحياته: الموت المدنى، راسبوتين، ابن الفلاح، بنت مدارس، أولاد الشوارع، ناكر ونكير، بيومى أفندى.
من أهم أفلامه: بنت ذوات، جوهرة، سيف الجلاد، ابن الحداد، غرام وإنتقام، سفير جهنم، ملاك الرحمة.
تزوج يوسف وهبي في حياته ثلاث مرَّات ولم يُرزق بأي ابن أو ابنة.
انتخب يوسف وهبي نقيبا للممثلين العام 1953 وعمل مستشارا فنيا للمسرح بوزارة الإرشاد، ونال وسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1960، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية العام 1970، وحصل على جائزة الدولة التقديرية والدكتوراة الفخرية العام 1975 من الرئيس المصري أنور السادات.
توفي يوسف وهبي في 17 أكتوبر عام 1982 بعد دخوله لمستشفى المقاولون العرب اثر اصابته بكسر في عظام الحوض نتيجة سقوطه في الحمام، توفي أثناء العلاج إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة، وكان إلى جواره عند وفاته زوجته، وقد ودعه محبو فنه بعد حياة حافلة بالإبداع، وتخليداً لذكراه تكونت في مسقط رأسه الفيوم جمعية تحمل اسمه هي «جمعية أصدقاء يوسف وهبى»، وأقيم له تمثال أمام مقر هذه الجمعية بحي الجامعة بالفيوم على رأس الشارع الذي يحمل اسمه.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا «إنستغرام سيدتي».
وللاطلاع على فيديوغراف المشاهير زوروا «تيك توك سيدتي».
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر «تويتر» «سيدتي فن».