الإنسان مكوَّنٌ من جسدٍ وروحٍ، من عواطفَ ومشاعرَ وأحاسيسَ وأمنياتٍ.
فالله تعالى خلق الإنسان، وجعل نفسه تتوق لكلّ شيءٍ، وخلق داخله شعوراً بالرّضا، أو شعوراً بتمنّي ما لدى الآخرين من نِعمٍ ونجاحاتٍ، فبعض أصدقائك قد يحصل على ترقيةٍ في عمله، أو يشتري بيتاً جديداً، أو أيَّ أمرٍ جميلٍ، وهنا يتسلَّل شعورٌ بالغضب والإحباط إليك، في حين كان لا بدَّ أن ينتابك إحساسٌ بالسّعادة والفرح لما حصل عليه، وقد تظهر هذه المشاعر على لغة جسدكِ، أو قد تحتفظ بها داخلك. وقد تؤدّي تصرُّفات بعضهم لتدمير العلاقات، ويعود سبب ذلك إلى أنَّ المرء يشعر بأنّ غيره لا يستحقُّ ما وصل إليه، وليس كفئاً له، أو أنَّه سيتعالى ويتكبَّر عليه، وهذه الأفكار جميعها غير صحيحةٍ، بل سرعان ما تكبر وتتطوَّر، متحوِّلةً لأفكارٍ سلبيّةٍ مدمّرة، تنعكس على صاحبها، فينظر لنفسه بعدها بعين الفشل، وللآخرين بعين النّجاح، وهذا المنظور غير صحيحٍ، لأنّ نجاح بعضهم، لا يعني فشل الآخرين، بل من الممكن أن ينجح الجميع معاً عندما يعلم المرء يقيناً أنَّ ما حصل عليه هو تقديرٌ من الله، وأمرٌ مكتوبٌ في السّماء، وأنّه نتيجة تعبه وجهده، وصل لما وصل إليه، مبتعداً عن مفهوم الغيرة وأنواعها المتعدّدة، التي قد تسبِّب الاكتئاب نتيجة نجاح بعضهم، مترافقةً بشعور فشل الآخر، وأيضاً هناك نوعٌ آخرُ من الغيرة، الغيرة العدوانيّة، وما يترتّب عليها من شعورٍ بالغضب ورغبةٍ في فشل النّاجحين، وسعادةٍ وفرحٍ إن حصل وفشلوا، كذلك هناك نوعٌ آخر من الغيرة، وتسمَّى الغيرة الحميدة، وهي أفضل الأنواع، إذ تعمل على تقدير إنجازات الشّخص النّاجح، ومراقبة أعماله، والتّفكير في السّير وفق المنهج الذي اتّبعه، بغية التّعلّم منه، واكتساب مهارات، تساعده في الوصول إلى ما وصل إليه.
إنَّ الشّخص النّاجح لا ينبغي عليه أن يقارن ذاته بالآخرين، ولا أن يقيس نفسه بهم، فلكلّ شخصٍ قدراته وظروفه التي قد لا تنطبق على الجميع، وتكون سبباً في زرع الآثار السّلبيّة داخل النّفس البشريّة من قلقٍ وإحباطٍ وغضبٍ، قد تصل لدرجة الكره والحقد، وتؤدي إلى إحباطٍ شديدٍ، كأن يظنّ أنّه من المستحيل أن يصل المرء للنّجاح أمام هؤلاء الأشخاص نتيجة ما تطرَّق لقلبه من أفكارٍ مغلوطةٍ غير صحيحة، وعلى الإنسان أن يسعى جاهداً للتّخلّص من هذه الغيرة بعدم مقارنة نفسه بالآخرين، وأن يعترف بنجاحاتهم، ولا يقلّل منها أبداً، مدركاً أنَّ ما يمتلكه من صفاتٍ إيجابيّةٍ ونقاط قوّة، تساعده في النّجاح دون التّركيز على نقاط الضّعف لديه، والسّعي لرسم طريق النّجاح الخاصّ به، وأيضاً التّركيز على الأهداف المحدّدة لتزول هذه الغيرة، ولا يبقى أثرها في القلوب.