يعاقب القانون في تونس على الإرساليّات القصيرة التي تبعث عبر الهاتف النقال إذا تضمّنت شتماً أو تجريحاً أو ابتزازاً، ومن بين أطرف القضايا التي وصلت إلى المحاكم شكوى تقدم بها أحد مديري فرع بنك تونسي إلى القضاء، بعد أن تلقى على هاتفه الجوال إرساليّة هذا نصّها: "صباح الخير يا جميل"، ورغم أنها تحية لا تحمل شتيمة أو تجريحاً، إلا أن المدير- لأسباب هو أدرى بها- كان له رأي آخر وسارع برفع المسألة إلى الشّرطة التي أجرت بحثاً للتعرف إلى باعث أو باعثة هذه الرسالة.
وبالتنسيق مع شركة الاتصالات تم بسهولة معرفة صاحب الرقم، وكانت مفاجأة مدير البنك عندما اكتشفت الشرطة أن المرسلة هي موظفة عنده في المصرف نفسه، وفي بحثها اعترفت بأن الرقم هو فعلاً رقمها، ولكنها أنكرت أنها هي من أرسلت "التحية الوردية" إلى السيد المدير، مؤكدة أنها تجهل رقم هاتفه الشخصي، وذكرت أنها اعتادت عند خروجها لشأن ترك هاتفها الجوال في المكتب لحين عودتها، وأن في المكتب يوجد العديد من زملائها وزميلاتها، وأشارت إلى أن شخصاً آخر لا تعلم إن كان زميلاً أو زميلة لها اغتنم الفرصة ليرسل عبر هاتفها التحية مدار الشكوى من دون علم أو ترخيص منها.
وأمام هيئة المحكنة تمسّكت بالإنكار، وفي مرافعة قال محاميها إنّ موكّلته غالباً ما تنسى هاتفها عند خروجها لمكتب آخر، ثمّ حلّل في مرافعته الجوانب القانونيّة، وقال إنّ الإرسالية لم تتضمّن شتيمة بل كانت مجرّد تحيّة رقيقة مؤدّبة، وليس فيها أيّ عنصر يعاقب عليه القانون وطالب بالحكم بعدم سماع الدعوى.
وفي شهادة أخرى لامرأة تقدمت بشكوى إلى القضاء قالت إنّها خامرتها شكوك حول وجود علاقة لزوجها بامرأة أخرى، فإغتنمت فرصة نومه لتفحّص هاتفه الجوّال واكتشفت وجود العديد الرّسائل القصيرة من امرأة لزوجها، وفيها إشارة واضحة إلى اللّقاءات الحميميّة الّتي تجري بينهما في أحد فنادق المدينة، والقضية اليوم أمام القضاء.
وهكذا فإنّ الهاتف الجوّال أصبح يمثّل كابوساً، وقد بيّنت الدّراسات أنّ فرنسيّا من كلّ أربعة يقوم دوريّاً بعمليّة "تجسّس" على الهاتف الجوّال لزوجته.
ومنذ فترة تقدمت المطربة التونسية لطيفة (المقيمة في مصر) بشكوى إلى العدالة ضد فتاة تونسية لها من العمر 27 سنة، أرسلت لها كلاماً جارحاً بذيئاً على هاتفها الجوال وتبين أنها فتاة مهووسة بهذه المطربة، وسعت في مناسبات عديدة إلى الاتصال بها والتقرب منها، ولما وجدت صداً منها عمدت إلى شتمها عبر رسائل على الهاتف الجوال، وقد قضت المحكمة على هذه الفتاة بعام سجناً، ولمّا استأنفت الحكم قرّرت محكمة الاستئناف تخفيض العقوبة إلى 4 أشهر، واعترفت الفتاة بأنّها تحبّ فعلاً لطيفة ـ بجنون ـ وقد استمع أحد القضاة إليها في جلسة سريّة.
وكثيرون لاموا لطيفة فهي نجمة، ومن الطبيعي أن تتعرض من جمهورها إلى حب مفرط قد ينقلب إلى عداء ناتج عن خيبة أمل، بعد أن حاولت هذه المعجبة مقابلة لطيفة والتقرب إليها، ولما فشلت انقلب حبها حقداً واعتبر البعض أن رد فعل هذه الفتاة لا يستحق أن يصل إلى القضاء، بل إن البعض استاء مما أقدمت عليه لطيفة إذ لم تسقط الدعوى، وتمسكت بتتبع المعجبة قضائياً وأدخلتها السجن، وهي سابقة في تونس إذ لم يحصل أن تسبب مطرب أو مطربة في سجن أحد المعجبين أو المعجبات.
وهكذا بات أمراً واقعاً اعتماد المحاكم الفرنسيّة على رسائل الإيميل والرّسائل القصيرة عبر الهاتف الجوّال كحجّة على الخيانة الزّوجيّة، وبالتّالي الحكم بالطّلاق حتّى أنّ معلّقاً قال: الإيميلات ورسائل الجوّال قد أحدثت ثورة في قضايا الطّلاق في فرنسا، فربع مستعملي الهاتف الجوّال في فرنسا اكتشفوا الخيانة الزّوجيّة عبر الرّسائل القصيرة، الّتي يرسلها عاشق للزوجة أو عاشقة للزّوج، ولكن المشكلة الّتي ظهرت أنّ ربع هذه الرسائل تبيّن أنّها أخطأت طريقها. وزاد هذا الكابوس ذعراً بعد أن اعترفت المحاكم الفرنسيّة وأقرّت بأنّ الرّسائل القصيرة يمكن اعتبارها حجة قانونية على الخيانة من الزوج أو الزوجة.