اللوحات الجدارية المصنوعة من المعادن، رائجة في الديكور الداخلي المعاصر، فهي تُعبر عن فن زخرفي يجعل الجدران تتخلى عن بياضها و«تنطق» لغة جمالية. في هذا الإطار، تتضافر جهود الفنان المشتغل بالمعادن ومصمم الديكور الداخلي، فهذا الأخير يبرز العمل الفني المعدني ويجعله محط الأنظار.
طالما قام الإنسان بتطويع المعادن لصنع مشغولات وظيفية أو تزيينية. في مواقع قديمة بطروادة (منطقة الأناضول في تركيا)، هناك مصنوعات من الحديد والذهب والفضة والرصاص والبرونز والنحاس، عبارة عن أدوات معدنية وأوانٍ وأطباق وأقنعة. كان مؤرخون أرجعوا الأعمال المذكورة إلى العصر البرونزي. في مصر القديمة، كما في روما واليونان، منذ ما قبل الميلاد، حتى العصور الوسطى، كانت المعادن التي تجود الأرض بها تسمح للبشر بالتفنن وصنع أدوات منزلية وأخرى تزيينية. واحدة من أكثر خصائص الفن المعدني إثارة للإعجاب هي أنه يعمر طويلاً.
ما رأيك بالإطلاع على ديكورات معدة بمواد بديلة من الرخام الطبيعي في المنزل المعاصر
منتصف القرن العشرين
تُرجع نادين سجد، مهندسة التصميم الداخلي شعبية فن الجدران المعدني، بوصفه اتجاهاً في الديكور المعاصر، إلى منتصف القرن العشرين، حينما جرّب فنانون وحرفيون الاشتغال بالمعادن لغرض تصميم قطع فنية جدارية فريدة ومبتكرة. ثمّ، ما لبثت أن ازدادت شعبية فن الجدران المعدني بشكل مطرد على مر العقود، لا سيما في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته؛ إذ ظهرت أنماط مختلفة، مثل: التصاميم التجريدية والحديثة والصناعية التي تلبي الأذواق المتنوعة والجماليات الداخلية.
عن مميزات فن الجدران المعدني، تتحدّث المهندسة لـ«سيدتي»، عن متانة القطع، وتعدد استخداماتها، وقدرتها على إضافة الملمس والأبعاد إلى أي مكان أو منزل. وتضيء المهندسة على تطور الفن المذكور على مر العصور، بعد أن كان مصنوعاً بصورة يدوية، ويتطلب عمالة محترفة كثيرة العدد... ها هي التطورات في التكنولوجيا وعمليات التصنيع تجعل الوصول إلى الفن المذكور أكثر سهولة؛ إذ تعرض الجداريات بأسعار معقولة لجمهور أوسع. أضيفي إلى ذلك، تواكب التصاميمُ الحركات الفنية المتغيرة واتجاهات التصميم الداخلي. من الزخارف التقليدية إلى الأشكال التجريدية المعاصرة، يستمر فن الجدران المعدني في التكيف، ويعكس «الترندات» الفنية السائدة.
بشكل عام، تكمن جاذبية فن الجدران المعدني في قدرته على سكب الإبداع والأناقة في المساحات الداخلية.
جاذبية
عن الأمور الواجب أخذها في الاعتبار، عند تثبيت أي لوحة جدارية معدنية، هناك بعض الاعتبارات الرئيسة ليبدو العمل جذاباً، من الناحية البصرية:
- المثبتات الجدارية أو البراغي أو المسامير المناسبة لوزن العمل وحجمه.
- الحرص على تعليق الجدارية، بشكل مستقيم. على النقيض من ذلك، يمكن للعمل المعلق بشكل غير متساو أن يقلل من تأثيره البصري.
- في حال تعدّد «المعلقات» الفنية الجدارية المعدنية، تُرتب في مجموعة متماسكة؛ ما يخلق تأثيراً مرئيّاً أكثر أهمية وإحساساً بالتوازن.
- من الصحيح أن يعلق العمل الفني على مستوى العين (أي على ارتفاع يتراوح من 145 إلى 152 سنتيمتراً من الأرض). في حال وجود أريكة، تعلو الحافة السفلية للوحة من 15 إلى 30 سنتيمتراً الجزء الخلفي من الأريكة، مع أهمية التنسيق بين الفن المذكور والأثاث. أمّا إذا كانت اللوحة المعدنية تتجاوز الأريكة حجماً، يضبط الارتفاع وفق ذلك.
- بحسب المهندسة، قد تبدو القطع الأكبر حجماً أكثر جاذبية، عند تعليقها أعلى قليلاً؛ للحفاظ على علاقة بصرية متوازنة، مع الدعوة إلى عدم تغلب حضور الجدارية على الأريكة، بل يجب أن تكمل الجدارية منطقة الجلوس والديكور المحيط. لكن، لا تتمسك المصممة بما ذكرته آنفاً، لناحية المقاسات، على الدوام، بل هي تترك لتفضيلات ساكني المنزل الشخصية مكاناً، كما لأبعاد العمل الفني المحدد والجمال العام للغرفة. تنصح المهندسة أيضاً، باختيار الجدارية، بصورة تنسجم الأخيرة مع النمط الداخلي العام للمنزل؛ أي مراعاة نظام الألوان والأثاث وعناصر الديكور.
- الحجم والنسبة: من المهم مراعاة أبعاد الجدار؛ ذلك الكبير يحضن عملاً ضخماً أو مجموعة من الأعمال الفنية الصغيرة، فيما الجدار الأصغر يضم قطعة واحدة متوسطة أو أصغر. الهدف هو تحقيق مظهر متوازن من دون إرباك.
- لون الجدار: في حال كان الهدف إبراز العمل الفني، يصح اختيار ألوانه متباينة مع طلاء الجدار. من جهة أخرى، قد تتكامل الألوان العائدة إلى الجدارية مع طلاء الجدار؛ ما يحقق مظهراً أكثر تناسقاً. في ما يتعلق بأنواع الجدران، فإن اللوحات الفنية الجدارية المعدنية مناسبة بشكل عام لمعظم الجدران، باستثناء المكسوة بألواح جبسية التي قد لا تتحمل الأوزان، وقد تكون غير آمنة.
تابعي معنا ديكورات البيوت المعاصرة استخدام الألوان الساطعة النابضة بالحياة
نظرة فنية إلى الجداريات المعدنية
من جانب الفنان محمد ناصر الدين، الاشتغال بفن الجدران المعدني، يمر بالخطوات الآتية، ابتداءً من التصور حتى التنفيذ:
الإلهام والمفهوم: تبادل الأفكار مع الآخرين وإيجاد الإلهام، مع الوضع في الاعتبار السمات والأشكال والأنماط التي تتناسب وتتماشى مع الرسالة المقصودة أو الغرض من العمل الفني.
الرسم والتصميم: تحويل الأفكار إلى رسومات تخطيطية أو تصميمات رقمية؛ الأمر الذي يسمح بتحسين العمل وتكوين تفاصيل، قبل الانتقال إلى مرحلة التصنيع.
اختيار المواد: تشتمل المعادن الشائعة المستخدمة في فن الجدران، على الحديد والنحاس والنحاس الأصفر و«الستاينلس ستيل». لكل معدن خصائص فريدة، مثل: المتانة والوزن وتنوعات الألوان.
القطع والتشكيل: بحسب مدى تعقيد التصميم، يقطع المعدن ويُشكّل، باستخدام أدوات وتقنيات مختلفة. تتطلب هذه الخطوة الدقة للوصول إلى الشكل المطلوب.
المعالجة السطحية: من المُمكن معالجة السطح المعدني بطرق مختلفة لتحقيق تشطيبات مختلفة؛ أي صقل الخامة المختارة للحصول على مظهر ناعم وعاكس، أو آخر محكم، أو المعالجة بالصدأ لتحقيق تأثيرات عتيقة أو تأثيرات مشابهة للعوامل الجوية.
التلوين والطلاء: إذا كان مالك(ة) المنزل يرغب في إضافة اللون إلى فن الجدران المعدني، يمكن استخدام تقنيات، مثل الطلاء تحت الحرارة العالية؛ ما يتيح استخدام مجموعة واسعة من الألوان، ويعزز المظهر المرئي للعمل الفني.
الجمع والتركيب: جمع المكونات المختلفة لفن الجدران المعدني، إذا كان التصميم متعدد القطع، ثمّ التثبيت بإحكام على الجدار، باستخدام الأجهزة المناسبة.
رسائل...
سؤال الفنان ناصر الدين عن الرسالة أو الرسائل الكامنة خلف استخدام اللوحات الجدارية المعدنية، يجيب عنه، قائلاً: «الرسائل مختلفة اعتماداً على نية الفنان أو السياق الذي يتم عرض العمل فيه»، متحدثاً عن بعض الأسباب الشائعة لاختيار فن الجدران المعدني وسيلة للتعبير، مثل:
القوة والمرونة: بمعنى أن المعدن مادة متينة، فاستخدامه في فن الجدران قد يرمز إلى القوة والمرونة، وينقل رسالة التحمل والثبات.
الجماليات الحديثة والمعاصرة: أي تماشي التصاميم الأنيقة والتجريدية لفن الجدران المعدني، في كثير من الأحيان، مع الأنماط الداخلية الحديثة والمعاصرة؛ ما يعزز المظهر العام للمساحة.
الموضوعات الصناعية والحضرية: يرتبط المعدن عادة بالبيئات الصناعية والحضرية. في هذا الإطار، يمكن لفن الجدران المعدني أن يشيع إحساساً بالثقافة الحضرية أو يكرّم الجماليات الصناعية.
الملمس والأبعاد: يمكن أن تضيف اللوحات المعدنية قواماً وأبعاداً إلى الجدران؛ ما يخلق نقطة محورية ديناميكية لافتة للانتباه.
الاستدامة وإعادة التدوير: يمكن أن يؤدي استخدام المعدن المعاد تدويره في فن الجدران إلى تعزيز الاستدامة والممارسات الصديقة للبيئة، وإرسال رسالة حول الوعي البيئي.
الرسالة وراء فن الجدران المعدني مفتوحة للتفسير، في الخلاصة، ويمكن أن تحمل أهمية شخصية لكل من الفنان والمشاهد؛ ما يجعلها وسيلة متعددة الاستخدامات وذات مغزى للتعبير الإبداعي.
قد يهمّك الاطلاع على نسيج البوكليه رائج في تنجيد الأثاث بالمنزل المعاصر