كيف يعتذر الشعراء دون كلمات الاعتذار

الشعراء
كيف يعتذر الشعراء- الصورة من envatoelemtes By Nejron
كيف يعتذر الشعراء- الصورة من envatoelemtes By Nejron
الشعراء
2 صور
لطالما عُرف عن العرب علو الكرامة والهمة والاعتزاز بالذات، والميل للفخر والتفاخر، والشعور الدائم بالكبرياء وما يجاوره من إباء وشمم، وهو ما يناقض ثقافة الاعتذار، فكثير من العرب الأولين كانوا يعتقدون أن الاعتذار نقطة ضعف واعتراف بالذنب يصاحبها شعور بتقليل الذات وانتقاص الشأن، فكانوا يتجنبون الاعتذار.

• لماذا لا يُقبل العرب على الاعتذار

كيف يعتذر الشعراء- الصورة من envatoelemtes By Nejron

كان العرب قديما لا يميلون للاعتذار إلا بأضيق الحدود، حيث كانوا يعتقدون أنه دليل انكسار وهزيمة لا تليق، وعندما يُجبر أحدهم على الاعتذار أو يُضطر له، بسبب خطبٍ ألمّ بصاحبه من حبيب أو حاكم أو صاحب نفوذ، يكون إما بشكلٍ ضمني أو مخفيّ على أن هذا لا ينفي أن بعض العرب قديمًا وإن قلّ عددهم فقد كانوا يعتقدون أن الاعتذار لا يعني الانهزام بهذا المعنى، بل يحمل بطياته قوة وشجاعة الشخص المعتذر ومن هؤلاء الشعراء، فلطالما أبدع شعراء العرب فى نظم أبيات وقصائد تحمل معنى الاعتذار وتسبر غوره لترقى بصاحبها بمصاف من يتسامون إحقاقًا للحق، وإنصافًا للصدق وعدم التشبث بالخطأ فالاعتذار لغة النفوس الراقية التي تحترم ذاتها..
في السياق التالي، وفي ظل إطلاق السعودية على العام الحالي (2023) عام الشعر العربي، واحتفاءًا بدوره الحضاري وقيمته المحورية في الثقافة العربية، سيدتي انتقت لك عددًا من أبيات الشعر توضح لك كيف كان يعتذر الشعراء قديمًا، يمكنك الاستعانة ببعض منها إذا وجدت نفسك بموقف الاعتذار فتكون خير معين للخروج منه.
ويمكنك التعرف على المزيد عن ثقافة الاعتذار ورأي الخبراء

• أبيات شعرية تتضمن مختلف مجالات الاعتذار

- - لكي يعتذر النابغة الذبياني نظم قصيدته الشهيرة طالبًا الوصل والرضا من الخليفة النعمان، يقول فيها:
أَتاكَ اِمرُؤٌ مُستَبطِنٌ لِيَ بِغضَةً لَهُ مِن عَدوٍّ مِثلَ ذَلِكَ شافِعُ
حَلَفتُ فَلَم أَترُك لِنَفسِكَ ريبَةً وَهَل يَأثَمَن ذو إمَّةٍ وَهوَ طائِعُ
وَلا أَنا مَأمونٌ بِشَيءٍ أَقولُهُ وَأَنتَ بِأَمرٍ لا مَحالَةَ واقِعُ
فَإِنَّكَ كَاللَيلِ الَّذي هُوَ مُدرِكي وَإِن خِلتُ أَنَّ المُنتَأى عَنكَ واسِعُ
- ويعتذر الشاعر الدمشقي عرقلة الكلبي (أبو الندى حسان بن نمير بن عجل بن بني وبرة بن الحلاج الكلبي)، المعروف بعرقلة الأعور قائلًا:
أَما آنَ للغضبانِ أَنْ يتعطَّفا
لقد زَادَ ظُلماً في القَطيعةِ والجَفا
بعادٌ ولا قُربٌ، وسَخطٌ ولا رضىً،
وهجرٌ ولا وصلٌ، وغدرٌ ولا وَفَا
- الشاعر الأندلسي بن زيدون يعتذر لحبيبته ولادة بنت المستكفي عن قسوته معها بكلمات رقيقات قائلأ
إن تكن نالتكِ بالضرب يدي
وأصابتك بما لم أُرِد
فلقد كُنتُ -لعمري- فاديًا لك
با لمال وبعض الولد
- ويعتذر سري السقطي، أول من أَظهَرَ ببغداد لِسَان التوحيد، وتكلَّمَ في علوم الحقائق، وإمام البغداديين في الإشارات، لحبيبته قائلا:
ولمّا اِدّعيتُ الحبّ قالتْ كَذَبتَني
فما لي أرَى الأعضاءَ منكَ كَواسيا
فمَا الحبُّ حتى يلصق الجِلدَ بالحَشا
وتذبُلَ حتّى لا تُجيبَ المُناديا
و تنحلُّ حتى لا يبقي لكَ الهَوَى
سِوَى مُقلَةٍ تبكي بها أو تُناجيا
- الشاعر الجاهلي الحطيئة (أَبُو مُلَيْكَة جُرُولْ بْنْ أَوْسْ بْنْ مَالِكْ اَلْعَبْسِيّ) يعتذر للخليفة عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، لهجاؤه الصحابي الجليل الزِّبْرِقان بن بدر، حتى لا يناله عقاب، فيعتذر بأبيات جزلة حتى لا يناله عقاب فيقول
ماذا تقولُ لِأفراخٍ بِذي مَرَخٍ
حُمْرِ الحواصلِ، لا ماءٌ ولا شجرُ؟
ألقَيْتَ كاسبَهم في قَعْرِ مُظلِمةٍ
فاغفرْ، عليكَ سلامُ اللهِ يا عُمَرُ
- ومن ناحيته يحثنا الإمام الشافعي، صاحب المذهب الشافعي في الفقه الإسلامي، ومؤسس علم أصول الفقه، العلامة الرائد في علم التفسير وعلم الحديث، على قبول اعتذار من يعتذر فيقول:
اقبَل مَعاذيرَ مَن يَأتيكَ مُعتَذِرًا
إِن بَرَّ عِندَكَ فيما قالَ أَو فَجَرا
لَقَد أَطاعَكَ مَن يُرضيكَ ظاهِرُهُ
وَقَد أَجَلَّكَ مَن يَعصيكَ مُستَتِرا
- كما دعا الشافعي لقبول الاعتذار، دعا البحتري، أشهر وأشعر شعراء العصر العباسي، كذلك فيقول ناصحُا
إقبل مَعَاذِيرَ مَنْ يأتيكَ مُعْتَذِراً ..
إنْ برَّ عندكَ فيما قال أو فَجَرَا
فَقَدْ أطاعكَ منْ يُرضِيكَ ظَاهرُهُ ..
وقد أَضَلَّكَ من يعصيكَ مستترا
خيرُ الخَلِيلينِ من أغضى لصاحبهِ ..
ولو أراد انتصاراً منه لانتصرا .؟