يرى باحثون وخبراء في شؤون السيارات بأن لون السيارة يلعب دوراً حاسماً في مخاطر حوادث السير بالرغم من عدم اتفاق جميعهم على هذه النظرية، ولكن المهم هو معرفة هل بالفعل هناك علاقة بين لون السيارة وحوادث السير. أن لون السيارة يشبه إلى حد كبير الثياب الخارجية التي يرتديها الإنسان، حيث اللون يلعب دوراً في عدد من جوانب تحديد مدى الاقتراب أو الابتعاد من هذا الشخص أو ذاك بسبب ألوان ثيابه. ففي الظلام مثلاً يمكن أن يصعب رؤية شخص قادم باتجاهك وهو يرتدي ثياباً سوداء، بينما لو كان يلبس اللون الأبيض أو الأصفر فبالامكان رؤيته. فهل يمكن أن ينطبق الشيء ذاته على السيارات؟
تقع العديد من حوادث السيارات لأسباب قد تتعلق بإغفال سائق لسيارة مجاورة، ويرجح باحثون أن لون السيارة قد يلعب دوراً حاسماً في مخاطر الحوادث ولكن لا يتفق كافة خبراء حوادث السير في هذا الأمر.
ففي دراسة أجراها باحثون في سنغافورة ونشرت نتائجها في دورية "بروسيدينجز" التابعة للأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم تبين أن سيارات الأجرة الصفراء أقل تعرضاً لحوادث السير من السيارات الزرقاء.
فما هو لون السيارة الأقل حوادث؟
اللون الأصفر يلفت
ويرى الباحثون أن زهاء اللون الأصفر يلفت النظر بصورة أفضل، ما يجعل تمييز سيارات الأجرة في الطرقات أفضل.
وذكر الباحثون أنه إذا تم مراعاة اللون في وسائل النقل العام فإن ذلك سيؤدي إلى إنقاذ الكثير من الأرواح وتوفير الكثير من الأموال.
وفي الدراسة التي أُجريت في سنغافورة قيم (تيك هوا هو)، نائب رئيس الجامعة الوطنية لسنغافورة مع معاونيه إحصائيات حوادث السير لإحدى شركات سيارات الأجرة، وتشغل هذه الشركة أسطولاً مكوناً من 16700 سيارة صفراء وزرقاء، أي ما يعادل 60% من كافة سيارات الأجرة في سنغافورة، وتزيد السيارات الزرقاء في الشركة بمقدار ثلاث مرات عن السيارات الصفراء.
وحلل العلماء عدد الحوادث التي وقعت خلال ثلاث سنوات، وربطوا تلك الحوادث بلون السيارة وسمات مختلفة للسائق.
وجاءت النتيجة كالآتي:
حوادث الطرق التي تعرضت لها السيارات الصفراء كانت أقل بصورة واضحة من نظيرتها الزرقاء، رغم أنه تم استخدام النوعين بنفس الكثرة، كما قطع النوعان نفس المسافة، وسارا بنفس السرعة.
وذكر الباحثون أن الفارق في حوادث السير بين السيارات الصفراء والزرقاء واضح إحصائياً، حيث تتدنى احتمالية تعرض السيارات الصفراء لحوادث سير بنسبة 9% مقارنة بالسيارات الزرقاء.
واستبعد الباحثون أن يعود السبب في تراجع عدد حوادث السيارات الصفراء مقارنة بالزرقاء إلى تفضيل السائقين الأكثر حذراً في القيادة للون الأصفر، موضحين أن سيارات الأجرة كانت توزع بصورة عشوائية على السائقين.
وفيما يتعلق بعوامل أخرى مثل العمر أو التعليم أو أوقات الدوام، لم يرصد العلماء أي فوارق بين سائقي السيارات الصفراء والزرقاء، وأوضح الباحثون أن وضوح رؤية السيارات الصفراء بصورة أفضل من مثيلاتها الزرقاء أدى إلى تمكن السائقين المجاورين من رؤية السيارات الصفراء بصورة أفضل وتجنب وقوع حوادث على نحو أسهل. وأشار الباحثون إلى أن حوادث التصادم البسيطة للسيارات الصفراء في الوضع الأمامي كانت أندر مقارنة بمثيلاتها الزرقاء.
وكتب الباحثون في مقالهم بالنشرة الدورية أن اللون الأصفر من الألوان المفضلة لسيارات الأجرة منذ عام 1907، حيث أظهرت دراسة في شيكاغو في ذلك الحين أن الأصفر هو أكثر الألوان لفتا للانتباه. وكانت أغلب سيارات الأجرة آنذاك مطلية باللون الأسود. وأضاف الباحثون أنه إذا تم اليوم إعادة طلاء باقي سيارات الأجرة باللون الأصفر فإن ذلك سيقلل من عدد الحوادث بصورة كبيرة.
ويرى خبير حوادث السير في شركة "ديكرا" الألمانية المعنية بفحص المركبات، فالتر نيفونر، أن التحديد العام لـ"لون سيارة آمن" أمر شائك، وأوضح نيفونر أن هناك حوادث وقعت بسبب ضعف التباين، موضحا أنه عندما تسير سيارة خضراء على سبيل المثال في طريق مراعي خضراء فإن ذلك يؤثر على وضوح رؤية السيارة، ما يؤدي إلى وقوع حوادث.
وذكر نيفونر أن السائق نفسه يلعب دورا أكثر حسما من لون طلاء السيارة في مخاطر الحوادث، موضحاً أن هناك تزايداً ملحوظاً منذ فترة في حوادث السير بسبب الإلهاء خلال القيادة عبر الهواتف الذكية على سبيل المثال.