السياحة البيئية.. دعوة إلى استكشاف الطبيعة والحفاظ على ثرواتها

إطلالة على بحيرة بليد في سلوفينيا
إطلالة على بحيرة بليد في سلوفينيا

لم يعُد يقتصر مفهوم السياحة على زيارة المعالم البارزة في الوجهة المقصودة، واختبار تجربة مرفهة ومريحة، بل راجت راهنًا مفاهيم جديدة متعلقة بالسياحة والسفر، منها السياحة البيئية التي تعتبر أكثر من مجرد زيارة الأماكن الطبيعية؛ بل يتعلق الأمر بالقيام بذلك بطريقة مسؤولة ومستدامة. يشير المصطلح نفسه إلى السفر إلى المناطق الطبيعية مع التركيز على الحفاظ على البيئة. الهدف هو تثقيف السياح حول جهود الحفاظ على البيئة مع منحهم الفرصة لاستكشاف الطبيعة.
لا يُستهان بدور السياحة البيئية التي تُمثّل راهناً نحو 20% من إجمالي حركة السياحة حول العالم. وفق تقديرات "منظّمة السياحة العالمية"، من المتوقع أن تزيد حصة السياحة البيئية من إجمالي حركة السياحة العالمية خلال الأعوام القليلة المقبلة، نتيجة انتشار الوعي البيئي.
وفق تعريف الأمم المتحدة، السياحة البيئية، هي أحد أنواع السياحة المُستدامة التي تسهم في الحفاظ على التراث الطبيعي والثقافي.

زيارة الطلب على السياحة البيئية

جيلبير مخيبر


من جانب، جيلبير مخيبر، خبير السياحة المستدامة وسياحة المغامرات ومؤسس "دروب بقعة لبنان" وصاحب شركة 33 North، هناك أنواع من السفر كانت معروفة، لكن كثُر الحديث عنها اليوم بشكل واضح. يفسّر الخبير فكرته، قائلًا: "منذ سبعينيات القرن الماضي، كانت السياحة البيئية وسياحات المغامرات والريفية والتضامنية وغيرها قائمة، فضلًا عن السياحة التقليدية التي تقتصر على زيارة المعالم السياحية الشهيرة. لكن في السنوات الأخيرة، ازداد الطلب على السياحة في الطبيعة والنشاطات في الهواء الطلق، كالتخييم والمشي لمسافات طويلة ما عزز سياحة المغامرة التي كانت موجودة منذ القدم". بالتالي، حسب الخبير، فإن حاجة الأفراد إلى الاتصال بالطبيعة للشعور بالراحة كبرت، خصوصًا أن ناس كثيرين يقضون ساعات طويلة خلال الأسبوع وراء مكاتبهم في العمل. يرجع تجدد مفهوم السفر أيضًا إلى رواج الزيارات إلى الأماكن الطبيعية والمواد الدعائية التي تُسلّط الضوء على المناطق الريفية على وسائل التواصل الاجماعي، وهذه الأخيرة أصبحت جزءًا أساسيًّا من حياة الفرد، ما دفع بالسائحين إلى زيارة الأرياف والاطلاع على طريقة عيش الآخرين ومشاركتهم عاداتهم وتقاليدهم".

مصطلح السياحة المستدامة

الدكتورة نور فرا حداد
الدكتورة نور فرا حداد

 


تسعى قطاعات كافة إلى تحقيق مفهوم الاستدامة، الذي يضمن احترام المجتمعات المحلية ويحافظ على الموارد الطبيعية. من هذا المنطق، يتردد على مسامعنا راهنًا مصطلح السياحة المستدامة؛ تنضوي تحته مفاهيم السياحة البديلة والسياحة الاختبارية والسياحة المسؤولة، وكلها يهدف إلى إفادة المجتمعات المحلية من القطاع الاقتصادي وحماية البيئة. في هذا الإطار، تركز الدكتورة نور فرا حداد، الباحثة والأستاذة الجامعية ومستشارة التنمية السياحية المستدامة على السياحة الاختبارية، التي تجعل السائحين يتعرفون إلى ثقافة الوجهة المقصودة وتذوق وجبات أهلها التقليدية عوضًا عن التوجه إلى مطعم كائن في فندق والتعرف إلى الأحياء وزيارة الأسواق التقليدية ومشاركة الحرفيين طرق عملهم، وليس مجرد شراء أعمالهم". لناحية السياحة المسؤولة، فإن السائح لا يترك أثرًا سلبيًّا على البيئة، وإنما بصمة إيجابية؛ فإذا مارس نشاط المشي بالطبيعة، مثلًا، يجب أن يكون مسؤولًا وينظف المكان قبل مغادرته".

وجهات مناسبة للسياحة البيئية


كثُر الحديث عن السياحة البيئية راهنًا، والتي تتعلق بوجهات نحدث فيها تأثيرًا إيجابيًا طويل المدى على البيئة والمجتمعات المحلية. السياحة البيئية عادة ما تكون على نطاق صغير، بحيث يتم التقليل من الآثار السلبية للسفر قدر الإمكان. في الآتي، وجهات مناسبة للسياحة البيئية.

كوستاريكا

جانب من متنزه حدائق شلال لاباز الطبيعي في كوستاريكا


تعد كوستاريكا واحدة من أشهر الأمثلة على السياحة البيئية. إنها وجهة استوائية تتميز بالغابات المطيرة والغابات السحابية وعدد لا يحصى من الشواطئ والبراكين والجبال. إن الطبيعة وأسلوب حياة "بورا فيدا"، أي الحياة النقية، يقعان حقًا في قلب كوستاريكا. والدليل على ذلك حقيقة أن أكثر من 25٪ من مساحة البلاد تتكون من حدائق وطنية ومحميات للحياة البرية. تعد حديقة كوركوفادو الوطنية تقريبًا مثالًا للسياحة البيئية. كونها واحدة من أكثر الأماكن تنوعًا بيولوجيًا على هذا الكوكب، فإن كوستاريكا حريصة على حمايتها. للقيام بذلك، قاموا بتحديد العدد اليومي للزوار ويجب أن يكون لديك دليل للزيارة. يمكنك أيضًا المشاركة في السياحة البيئية في كوستاريكا من خلال العمل التطوعي.

أيسلندا

شلال جذاب في أيسلندا


أيسلندا هي وجهة الحلم للكثير منا. ومع تزايد عدد السياح كل عام، كان عليهم أن يفكروا بجدية في كيفية الحفاظ على السياحة لتكون مستدامة ومسؤولة. ولكن الأمر متروك لنا أيضًا كمسافرين. بدلًا من الإقامة في الفنادق الكبيرة، اختر أحد خيارات الإقامة العديدة الصديقة للبيئة. القيام بجولة؟ اختر المكان الذي ستسافر إليه بالدراجة أو المشي لمسافات طويلة. تتمتع أيسلندا بوفرة من الطاقة الحرارية الأرضية، والتي تستخدم لتسخين المياه في المنازل والفنادق. ويمكن أيضًا تسخيرها لإنشاء منتجعات صحية طبيعية.

جزر غالاباغوس

منظر لشاطئين في جزيرة بارتولومي في جزر غالاباغوس


هذه الجزر الواقعة قبالة سواحل الإكوادور لا تقدر بثمن، لذلك تم اتخاذ خطوات لحمايتها. كانت جزر غالاباغوس أول مكان يُضاف إلى قائمة اليونسكو للتراث العالمي. جزر غالاباغوس ساحرة حقًا وربما ترغب في قضاء وقت أطول فيها.

كينيا

محمية ماساي مارا الوطنية في كينيا


يمكن القول إن كينيا هي واحدة من أفضل أمثلة السياحة البيئية في أفريقيا. حتى أن الحكومة أنشأت منظمة تسمى "السياحة البيئية في كينيا". يتضمن عملهم تعزيز السياحة المستدامة التي من شأنها الحفاظ على البيئة الطبيعية في كينيا وتحسين سبل عيش المجتمعات المحلية. كونها موطنًا لـ 54 متنزهًا وطنيًا، يزور كينيا أكثر من مليون سائح كل عام. وقد شجع هذا الحكومة على وقف الصيد غير المشروع، وحظر المواد البلاستيكية والأكياس البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد مع تعزيز السياحة المستدامة.

سلوفينيا

متعة التجديف بالكاياك في نهر سوكا بسلوفينيا


60% من مساحة البلاد مغطاة بالغابات و54% من أراضيها محمية. يتوافد السياح إلى سلوفينيا لرؤية جمالها الطبيعي، سواء كان ذلك للتنزه في أحد جبالها المذهلة، أو للتجديف عبر بحيرة بليد. كما أنها سهلت عليك اختيار الخيارات المستدامة. إذا كانت إحدى خدمات الإقامة أو السياحة تحمل العلامة الخضراء السلوفينية، فأنت تعلم أنك تساعد في الحفاظ على التقاليد المحلية وحماية البيئة. يعد التخييم في سلوفينيا أيضًا طريقة رائعة للتقرب من الطبيعة ودعم جهود الحفاظ عليها.

بوتان

بوتان وجهة غنية بالمناظر الطبيعية


بوتان هي واحدة من أفضل أمثلة السياحة البيئية في العالم، وإن كانت باهظة الثمن. منذ عام 1991، تفرض بوتان على الزائرين رسومًا يومية للتنمية المستدامة. أصبحت بوتان أول دولة خالية من الكربون في عام 2017. وتستهلك البلاد ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تنتجه.