السؤال الشائع الذي يطرحه الآباء على أنفسهم هو: هل سلوك طفلي طبيعي؟ يتساءلون عما إذا كان ميل طفلهم إلى تجاوز الحدود هو مجرد فترات نمو في الطفولة أو أن هناك سبباً كامناً. عندما يصبح طفلهم قبل سن المراهقة متقلب المزاج ومنعزلاً، يتساءلون عما إذا كان ذلك هرمونياً أم أن هناك شيئاً أكثر خطورة يحدث، لا بد فعلاً في هذه الحالات، من تفقد ما يمر به الطفل من تغيرات، وإلا فكيف يمكن للوالدين التمييز بين السلوك "العادي" في مرحلة الطفولة والحالة العاطفية التي ينبغي تقييمها؟ إليك أهم التغيرات، التي تستوجب منك التصرف لحماية طفلك من الناحية النفسية.
1 - تغيير كبير في السلوك
في حين أن كل طفل يمر بفترات قصيرة من التغيرات السلوكية عندما يكون متعباً في نهاية الفصل الدراسي أو يشعر بالقلق بشأن مباراة رياضية مهمة، يجب على الآباء ملاحظة ما إذا كان سلوك الطفل مختلفاً بشكل كبير عن المعتاد لفترة زمنية أطول ولا يمكنهم تحديد سبب التغيير، إذا كان الأطفال عادةً ثرثارين ومنفتحين، ولكنهم بدأوا في الانسحاب ولا يريدون الخوض في أي تفاصيل، فهذه علامة على أن شيئاً ما قد يحدث على المستوى العاطفي.
ماذا أفعل؟
- حافظي على هدوئك. خذي نفساً عميقاً... لا بأس من الابتعاد قليلاً وإعطاء نفسك وقت لتهدئي. تمنحكِ خطوة تأجيل العقوبة الوقت اللازم للتفكير في إجراءات تأديبية مناسبة، وكذلك الوقت لطفلكِ للتفكير فيما قام به من خطأ. أخبريه بوضوح أنَّكِ بحاجة إلى وقت لتهدئي، وأنَّكِ ستُناقشين المسألة عندما تكونين مستعدةً لذلك. (إذا كان سوء السلوك يهدد حياة طفلكِ تصرفي فوراً وقومي بإبعاده بسرعة عن الخطر).
- قومي بتسمية أو وصف السلوك الخاطئ، ابدئي بقول "لقد لاحظت أن تصرفك هذا ...". امتنعي عن إصدار الألقاب على طفلك أنَّه "عنيد"، أو "غير مطيع"، أو "سييء" لأنَّ ذلك سيؤدي إلى تصرفات سلبية أكثر ويقوم بفعل ما تُلقبينه به بالضبط.
- تعرفي إلى السبب وراء هذا السلوك السيء . قومي بطرح أسئلة عليهم مثل: "هل تشعر بالتعب؟"، "هل تحتاج إليّ ...؟"، "هل المكان مُزعج جداً هنا؟"، "هل تحتاج لمساعدة؟" الخ...إنَّ هذهِ الخطوة لا تشعرهم بالتعاطف والتفهم والاحترام لهم وحسب، بل وأنَّكِ على استعداد أيضاً للنظر والاهتمام في احتياجاتهم.
- قدمي الحلول. حيث يُمكنكِ القيام بذلك بعدد من الطرق بحسب نوع الحالة: إذا لم يستمع جيداً أو كان يتصرف بعناد، قدِّمي له مجموعة من الخيارات. على سبيل المثال، "هل تريد أن تُنهي واجبك الآن أو بعد 10 دقائق؟" أو حاولي الحصول على الإجابة بنعم، على سبيل المثال، "هل ترغب في الذهاب إلى الحديقة؟ ... إذن دعنا ننهي الغداء سريعاً". إذا تصرَّف تصرف مشاغباً، اطلبي مساعدته، أو إعادة توجيه انتباهه إلى شيء آخر أو قومي بتذكيره بالحدود والعواقب التي قمتِ بتحديدها في وقت سابق، وأخبريهِ بأنَّكِ ستتحدثين إليه عندما يهدأ. قدمي لهم المكافأة على سلوكهم الإيجابي. حاولي تجنُّب المكافآت المادية والتركيز على المكافآت المعنوية مثل لعب لعبة معهم، أخذهم إلى الحديقة أو السماح لهم بالبقاء مستيقظين 15 دقيقة إضافية من موعد تنظيم النوم عند الأطفال.
ما هي القيم التربوية التي يجب أن تعززيها بطفلك مع بداية العام الدراسي؟
2 - حدوث الانفعال المفاجئ
هل يغلق طفلك باب غرفة نومه عندما تسألينه عن يومه في المدرسة؟ هل يتجادل مع أشقائه أكثر من المعتاد؟ هل تتأثر صداقات الطفل بعصبيته؟
الغضب أو الانفعال أكثر من المعتاد هو علامة على أن الطفل قد يكون محبطاً وغير قادر على التعبير عن نفسه، يمكنك محاولة مطالبتهم بالتحدث عن مشاعرهم، ولكن يمكن لطبيب نفساني مساعدتك إذا لم تتمكني من تحقيق أي تقدم.
ماذا أفعل؟
- لا تخافي: الشيء المهم عمله هو البقاء هادئة ولا تزعجي نفسك. فقط ذكري نفسك بأنه شئ طبيعى، وهناك آباء كثيرون يتقنون التعامل مع غضب الأطفال بدون انفعال. حاولي تثبيت انتباههم: وأنت تستطيعين فعل ذلك إذا كنت في موقع وعرفت بأن الطفل سيغضب وينفعل بشدة لا محالة. يمكن التخلص من ذلك بواسطة تثبيت انتباههم، أشيري بأصبعك مثلاً إلى السيارات الرياضية الحمراء في الطريق. اضحكي على الصور المضحكة في المحل أو أعطهم لعبتهم المفضلة للعب بها.
- تصنعي إهمال نوبة الغضب: يجب وبكل هدوء الاستمرار بما أنت تفعلينه، مثلاً التحدث مع الآخرين أو التسوق لكن دائماً راقبي الطفل أنه في مأمن، تجاهل الطفل عملية صعبة لكن العكس قد تعطيهم الاهتمام الذي يريدونه وبذلك يتكرر الغضب في كل مرة.
- أثني على التصرفات الجيدة: أحياناً كثيرة تحدث نوبات الغضب ولكن في حالات الهدوء التي تظهر على الطفل مثلاً التوقف عن الصراخ امدحيهم فوراً والآن أعطي كل اهتمامك للطفل، تكلمي معه بدفء وعطف، وإذا كافأت التصرف الحسن الجديد سيبقى الطفل هادئاً وسيتعلم في المستقبل بأن الهدوء هو الشيء الوحيد الذى يجلب محبة الأهل وعطاياهم.
3 – حدوث تغيرات في الشهية
أي تغييرات كبيرة في عادات النوم والأكل المنتظمة لطفلك والتي تستمر لأكثر من أسبوعين يمكن أن تشير إلى وجود مشكلة أساسية تستحق التحقيق، قد يواجه طفلك صعوبة في النوم وتناول الطعام لأنه يشعر بالقلق أو التوتر أو الاكتئاب عند الأطفال. يمكن لطبيب نفساني أن يجعل طفلك ينفتح على مشاعره من خلال تقنيات مثل العلاج باللعب والتدخلات النفسية الأخرى .
ماذا أفعل؟
- ربما كان السبب طبيعياً وفسيولوجياً: السعرات الحرارية التي يحتاجها الطفل فيما بين عمر الـ 2 - 6 سنوات تقل عن السنة الأولى من العمر، والأمر له علاقة بالطول والوزن بالنسبة للعمر والتي يقوم الطبيب بتقييم نمو الطفل وكسبه للوزن من خلالها.
- فقدان الشهية الحاد والمؤقت عند الأطفال: يحدث بعد المرض والإصابة بالالتهابات الفيروسية والبكتيرية المختلفة، وهو أمر عادة ما تلاحظه معظم الأمهات وقت مرض الطفل.
- مشكلات الفم والأسنان: فوجود التهابات وتقرحات بالفم واللسان أو وجود تسوس في الأسنان من الممكن أن يكون سبب فقدان الشهية عند الأطفال. كما من الممكن أن تقل شهية الطفل خلال فترة بزوغ الأسنان (التسنين) ويرافق ذلك سرعة هيجان الطفل وبكاؤه.
- وجود تحسس من طعام معين: وهذا يتسبب بألم البطن أو الغازات وذلك بعد تناول نوع معين من الطعام. هناك أنواع مختلفة من حساسية الطعام مثل حساسية القمح، وحساسية الطفل من الحليب، والتحسس من أنواع معينة من الفواكه.
- الإمساك: إن معاناة الطفل من الإمساك المزمن، يجعل الطفل فاقد للشهية.
- أسباب نفسية: ومنها عدم شعور الطفل بالسعادة أو ربط الطعام بحادثة غير سعيدة قد حدثت له سابقاً، أو سوء طريقة تعامل الأم مع طفلها وكيفية تقديم الطعام له، أو كراهية الطفل لأصناف الطعام التي تقدمها أمه له، وكذلك إصرار الأم على الطفل أن يأكل كمية من الطعام أكثر مما يستطيع، وكلها أمور تسهل معالجتها، مع معرفة السبب.
4 – تغير في أنماط النوم
سبب سوء أنماط النوم هو العادات السيئة التي تتبعها الأم في البيت، ولا بد من ضبط مشكلات النوم لدى الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة الذين تتراوح أعمارهم بين 3 و 5 سنوات. حتى تتمكن أسرتك من الحصول على قسط كافٍ من النوم ليلاً في نهاية المطاف. وإليك ما يمكن فعله حيال ذلك.
ماذا أفعل؟
حددي روتيناً للاستعداد للنوم يساعدك أنت وطفلك في الشعور بالاسترخاء. قد يتضمن هذا الروتين أي شيء يهدئ طفلك. ومن الأفكار المقترحة:
- حممي طفلك.
- اقرئي لطفلك القصص.
- تحدثي عن اليوم.
- شغلي موسيقى هادئة وقت النوم.
- أغلقي أي جهاز إلكتروني، واسمحي لطفلك باستخدامه قبل موعد النوم بساعة تقريباً. ومن ضمن هذه الأجهزة الإلكترونية الأجهزة اللوحية والتلفزيون والأجهزة الأخرى المزودة بشاشات. ومن الجيد أيضاً إبقاء هذه الأجهزة خارج غرفة النوم.
- أجلي اللعب لوقت آخر بعيداً عن موعد النوم. فيمكن أن تزيد الحركة الكثيرة أثناء اللعب، مثل الجري، من شعور طفلك بالطاقة والنشاط.
- ضعي طفلك في الفراش وهو ناعِس ولكنه مستيقظ. وقولي له تصبح على خير.
5 - يمر بتغيرات عاطفية تتسبب بإجهاد نفسي
عندما يُظهِر الأطفال مشاعر أقوى مما يظهرون عادةً، يتساءل الآباء غالباً عما إذا كان هذا مجرد مرحلة عابرة أو ربما تكون هذه هي العلامات المبكرة للبلوغ. فهم غير متأكدين مما إذا كان عليهم الانتظار وترقب ما سيحدث أم طلب المساعدة. إذا كان طفلك يبكي أو يغضب أكثر من المعتاد، فعليك أن تنتبهي. فقد يكون هناك الكثير مما يحدث تحت السطح. لا تترددي في طلب المساعدة إذا لم يمر الأمر.
ماذا أفعل؟
- حدِّدي أسباب هذا التطور العاطفي لدى الأطفال: فما الذي كان يحدث في الوقت الذي شعر فيه الطفل بالإجهاد النفسي؟ وما الذي كان يفكر فيه أو يشعر به أو يفعله قبل لحظات من حدوث ذلك الشعور؟ وحالما يحدد الطفل الصعوبات، يمكنك البحث عن طرق لمنع الإجهاد النفسي أو التعامل معه بسرعة عند حدوثه.
- زوّدي طفلك بمزيد من الحب والوقت والاهتمام. وارصدي ما إذا كان الإجهاد النفسي يؤثر على صحة الطفل أو سلوكه أو أفكاره أو مشاعره. وتذكّري أن تستمعي إلى الطفل وأن تتحدثي معه بلطف وتطمئنيه.
- كوني قدوة حسنة، وتحدثي إلى طفلك عن طرق للتعامل مع الحالات المجهدة نفسياً. ويمكنك إلهام طفلك لتحديد عادات لإدارة الإجهاد النفسي التي تلائمه، وذلك من خلال إطلاعه على تجاربك في هذا المجال.
- عززي التفكير الإيجابي، خصوصاً المراهقين، وإذا سمعت طفلك يقول "أنا لا أجيد أي شيء"، أو "أنا لا أحب نفسي"، أو "أنا أخشى من مغادرة البيت"، اسأليه ما الذي يجعله يشعر بهذا الشعور، وذكّريه بالأوقات التي أنجز فيها شيئاً ما وكيف أنجزه.
- ادعمي العادات الصحية، مثل النوم والتغذية الجيدين عاملين أساسيين في تخفيف الضغوط النفسية عند الأطفال. ويوصي الخبراء بفترة نوم تتراوح بين 9 إلى 12 ساعة في الليلة للأطفال بسن 6 إلى 12 سنة، وفترة تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات للمراهقين.
6. التراجعات المفاجئة في التصرفات العادية
عندما يعود طفلك إلى السلوكيات التي تجاوزها أو يبدأ في التصرف مثل أخيه الأصغر، فمن المحتمل أنه يعاني من التراجع، قد تشمل الانحدارات عدم الرغبة في الذهاب إلى المدرسة، والتبول اللاإرادي، والحاجة إلى المزيد من العناق، والبكاء بسهولة أكبر وطلب المساعدة في الأشياء التي يمكنهم القيام بها عادةً بأنفسهم. إذا لم تتمكني من تحديد المحفز للانحدار ولم يختفي، فربما حان الوقت للتواصل.
ماذا أفعل؟
- اعرفي سبب تغير سلوك الطفل حسب فئته العمرية الحالية، وقومي بقياس درجة السلوك وشدته وفهم دوافعه.
- تعلمي مهارات التعامل مع سلوك الطفل في مختلف المواقف، واحصلي على جداول وواجبات منزلية مساعدة.
- تدربي على استخدام الطرق والأساليب الصحيحة مع الطفل، وتعلمي فنيات العقاب والثواب العلمية، من خلال قراء مستفيضة عبر الإنترنت.
7 – ينعزل عن أصدقائه بشكل مفاجئ
هل يتجنب طفلك أصدقاءه وينعزل عن الآخرين أكثر من المعتاد؟ حاولي التحدث معه لمعرفة السبب، ولكن اطلبي المساعدة إذا استمر هذا السلوك، قد يكون ذلك لأنهم يعالجون شيئاً عاطفياً أو يشعرون بالحرج وعدم القدرة على تقديم أي شيء، والإحباط والحزن يجعلان الأطفال لا يرغبون في اللعب مع أصدقائهم. ومن المهم تفريغ هذه الأشياء، يجب على الآباء أن يثقوا في غرائزهم عندما يتعلق الأمر بسلوكيات أطفالهم وعواطفهم. إذا شعرت أن طفلك لا يتصرف على طبيعته وأن سلوكه غير الطبيعي مستمر، فاطلبي المشورة المهنية.
ماذا أفعل؟
- قومي ببناء احترام طفلك لذاته وتعزيز ثقته بنفسه، فمن المهم جداً أن يواجه العالم بفكرة أن حبك له غير مشروط؛ دعيه يشعر أنه في مواجهة أخطائه، فأنت أول من يراهن على مساعدته على اتخاذ موقف بنّاء.
- احرصي على تعزيز المهارات الاجتماعية لدى الطفل، وشجعيه على التفاعل في سياقات مختلفة، فعندما يظهر نزاع ما، حاولي أن تجعليه يتحدث عنه ليصفه بالكلمات؛ حقيقة بناء قصة لما حدث ستجعله بالفعل أكثر ذكاء على المستوى الاجتماعي.
- اطلبي مساعدة متخصص إذا كانت الصعوبات التي يواجهها طفلك في تكوين صداقات ملحوظة وواضحة، فقد يكون لديه رهاب اجتماعي.
*ملاحظة من «سيدتي»: قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص