تُعتبر فترة الحمل واحدةً من أكثر الفترات حساسية في حياة المرأة، حيث تتعرض خلالها للعديد من التغيرات الجسدية والنفسية، ومن بين الأمور التي تُثير القلق في هذه المرحلة هي احتمالية انتقال المواد المسرطنة من الأم إلى الجنين. في هذا التقرير يتناول الدكتور حسين الألفي أستاذ الأورام الموضوع بالتفصيل، موضحاً ما هي المواد المسرطنة، وكيف تؤثر على الأجنة، وطرق حماية الحوامل لأنفسهن وأطفالهن. إضافة إلى توضيح تفاصيل دراسة تمت بهذا الشأن.
الاحتياطات اللازمة
إن موضوع انتقال المواد المسرطنة من الحوامل إلى الأجنة هو موضوع مهم يتطلب الوعي والحذر؛ إذ يمكن أن تؤثر المواد المسرطنة على صحة الأم والجنين، مما يستدعي اتخاذ الاحتياطات اللازمة وهي:
العناية بالتغذية الصحية، وتجنب المواد الضارة، والالتزام بالفحوصات الدورية، واستشارة الأطباء والمختصين، أمور تساعد الحوامل على حماية أنفسهن وأطفالهن، وفهم المخاطر بشكل أفضل.
كيفية انتقال المواد المتسرطنة
المواد المسرطنة هي مواد كيميائية أو عوامل بيئية يمكن أن تسبب تغييراً في الحمض النووي للخلايا، مما يؤدي إلى تكوين خلايا سرطانية، وهذه المواد تشمل:
المواد الكيميائية الصناعية مثل البنزين والزرنيخ، المبيدات الحشرية: التي تُستخدم في الزراعة، التبغ والدخان من المعروف أنها مواد متسرطنة، بجانب الجراثيم والفيروسات مثل فيروس الورم الحليمي البشري.
وتنتقل هذه المواد المسرطنة من الأم إلى الجنين عبر المشيمة، والتي تلعب دوراً في نقل العناصر الغذائية والأكسجين من الأم إلى الجنين، وبالتالي يمكن أيضاً أن تكون طريقاً لانتقال المواد الضارة.
كما يمكن وصول المواد المسرطنة إلى الجنين عن طريق الدورة الدموية، إذا كانت هذه المادة المسرطنة موجودةً في دم الأم، بعدها تنتقل عبر المشيمة إلى الجنين.
كما يحدث تغيير بالتركيبة الكيميائية؛ حيث يمكن أن تتحلل المواد داخل جسم الأم إلى مركبات أصغر، بحيث يمكنها أن تعبر المشيمة إلى الجنين.
التأثيرات المحتملة على الجنين
الجنين في مراحل نموه الأولى يكون أكثر عرضةً لتأثير المواد المسرطنة، وتشمل التأثيرات المحتملة:
- تأخر النمو: قد يؤثر التعرض للمواد المسرطنة على نمو الجنين، مما يؤدي إلى ولادة أطفال بأوزان أقل.
- تشوهات خلقية: بعض المواد المسرطنة قد تسبب تشوهات في الأعضاء أو الجهاز العصبي للجنين.
- زيادة خطر الإصابة بالسرطان: التعرض المبكر قد يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالسرطان في مراحل لاحقة من الحياة.
أين توجد عوامل الخطر؟
- التعرض المهني: حيث تُشير الدراسات إلى أن النساء الحوامل اللواتي يعملن في بيئات تحتوي على مواد كيميائية سامة، مثل المصانع أو مزارع المبيدات، قد يكن أكثر عرضة لانتقال المواد المسرطنة إلى أجنتهن.
- نمط الحياة: استخدام التبغ و التعرض للتدخين السلبي أثناء الحمل يُعتبر من عوامل الخطر الكبيرة؛ حيث أثبتت الدراسات أن التدخين يمكن أن يزيد من فرص انتقال المواد الضارة إلى الجنين، مما يؤثر على نموه.
- البيئة المحيطة: المناطق التي تحتوي على تلوث بيئي، مثل الهواء الملوث أو المياه الملوثة، يمكن أن تكون مصادر للمواد المسرطنة التي قد تؤثر على الحوامل.
دراسة تشير لاحتمالية نقل المواد المسرطنة
كما توصّل علماء في دراسة علمية جديدة نُشرت في جريدة "دايلي ميل" البريطانية، إلى حقيقة مقلقة تُشير إلى احتمالية نقل الحوامل بعض المواد الكيماوية المسرطنة من أجسادهن إلى أطفالهن خلال فترة الحمل.
وأوضحت أن هناك بعض المواد الكيماوية المسرطنة تستوطن في جسم الإنسان إلى الأبد ولا يُمكن التخلص منها، وهي مواد يُمكن أن تنتقل بسهولة من الأم إلى الجنين.
وفي الدراسة حلّل الباحثون من جامعة "فودان" في الصين عيّنات دم لـ1076 مشاركاً، ووجدوا أن المواد الكيماوية الموجودة في مجرى الدم تشق طريقها إلى المشيمة والحبل السرّي وحليب الثدي وتصل إلى الأجنّة أثناء الحمل وبعده.
وهذه المواد مجهرية تستغرق آلاف السنين لتتحلّل، وتلتصق بالبروتينات الموجودة في الجسم، والتي تنقلها من مجرى دم الأم عبر المشيمة إلى مجرى دم الجنين.
وأشار الباحثون أيضاً إلى أن التعرّض لهذه المواد الكيماوية قبل الولادة يرتبط بزيادة التعرّض للأمراض المُعدية والتوحّد واضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط لدى الأطفال.
وتتواجد هذه المواد في معظم الأطعمة والهواء والماء والتربة ومنتجات التنظيف، ما يسمح لها بالمرور عبر جلد الإنسان ودخول مجرى الدم بسهولة.
كما خلُصت الدراسة في النهاية، إلى أن كمية المواد الكيماوية التي يتعرّض لها الرضّع تعتمد على: النظام الغذائي الخاص بالأم، ومؤشر كتلة الجسم، وعمر الأم عند الحمل والولادة
طرق الحماية والتقليل من المخاطر
التغذية الصحية:
اتباع نظام غذائي متوازن غني بالفيتامينات والمعادن، يمكن أن يساعد في تعزيز صحة الأم والجنين، ولهذا يُنصح بتناول الفواكه والخضروات الطازجة التي تحتوي على مضادات الأكسدة، بجانب البروتينات الصحية:مثل الأسماك واللحوم الخالية من الدهون، والحبوب الكاملة كذلك، التي تحتوي على الألياف وتساعد في تحسين الهضم.
تجنب المواد الضارة:
يجب على النساء الحوامل تجنب التبغ والجلوس لاستنشاق الدخان السلبي؛ حيث يؤثران على صحة الجنين، تقليل التعرض للمبيدات الحشرية، من خلال اختيار المنتجات العضوية، عندما يكون ذلك ممكناً، كما يمكن استخدام بدائل طبيعية للمواد الكيميائية المنزلية بدلاً من المنظفات القاسية.
الفحص والتشخيص المبكر:
ضرورة إجراء الفحوصات الطبية الدورية، إذ يمكن أن يساعد في الكشف عن أي مخاطر صحية، و يُنصح بإجراء الفحوصات بشكل شامل؛ للتأكد من سلامة الأم والجنين.
التعليم والتوعية:
من الضروري أن تكون المرأة الحامل على دراية بالمخاطر المحتملة، ويمكن ذلك من خلال المشاركة في ورش العمل؛ التي تتحدث عن الحمل الصحي، وضرورة استشارة الأطباء؛ للحصول على معلومات دقيقة حول المواد المسرطنة.
حالات خاصة:
هناك حالات يحتجن إلى رعاية خاصة أثناء الحمل، لأنهن عرضة للإصابة بأمراض معينة؛ وذلك نتيجة لوجود تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان، أو اللواتي يعانين من أمراض مزمنة مثل: السكري أو ارتفاع ضغط الدم ، حيث إن بعض الأدوية المستخدمة في علاج هذه الحالات قد تكون متسرطنة.
استشارة الأطباء:
من المهم استشارة طبيب مختص في الأمراض النسائية أو الأطفال لفهم المخاطر الخاصة بك، ويُنصح بطرح الأسئلة حول:
الأدوية: إذا كانت هناك حاجة لتناول أي أدوية أثناء الحمل، واستفسار عن نظام غذائي مناسب، مع القيام بفحوصات لمعرفة إذا كانت هناك حاجة للقيام بفحوصات أخرى.
*ملاحظة من"سيدتي": قبل تطبيق هذه الوصفة أو هذا العلاج، عليك استشارة طبيب متخصص.