فصل الألوان في كتاب التصميم الداخلي كثير المعلومات والتفاصيل، لأن الألوان هي موضع اهتمام غالبية الناس، لا سيما المُصمّمين وأصحاب المنازل. بالإضافة إلى ما تقدّم، تمتلك الألوان تأثيرات على عواطف البشر وأمزجتهم وسلوكياتهم، لذا من المهمّ حسن اختيار الألوان في الديكور الداخلي، بصورة تُلبّي الأذواق الشخصية، كما تُراعي وظيفة كلّ غرفة منزلية.
قال بيار بونار (1867-1947)، وهو رسّام فرنسي، إن "اللون هو قوة تؤثّر بشكل مباشر على الروح"، وكان مُحقّاً في قوله البليغ. إليك في السطور الآتية، معلومات عن تأثيرات الألوان في الديكور الداخلي وأمزجة الناس، للأخذ بها عند تجديد منزلك.
كيف تؤثر ألوان المنزل على أمزجة ساكنيه وسلوكياتهم؟

أظهرت أبحاث أن الألوان يُمكن أن تؤثّر على عواطفنا وأفكارنا، وهي قد توجّه سلوكياتنا، بالتالي، بشكل خفي. على سبيل المثال، قد تُعزّز الغرفة المطلية بألوان هادئة وباردة الاسترخاء والسلام، في حين أن المساحة المزينة بألوان جريئة وحيوية قد تُحفّز الإبداع والطاقة.

لناحية المزاج، يُمكن أن يرفع لون طلاء الغرف المنزلية مزاج المرء أو يفسده؛ على سبيل المثال، وُجد أن الألوان الفاتحة مثل الأزرق الناعم والأخضر واللافندر تُحفّز مزاجاً هادئاً ومُريحاً، في حين تثير الألوان النابضة بالحياة مثل الأحمر أو البرتقالي الطاقة والإثارة، وهي قد تُلهم النشاط والمحادثة والشهية. كما يُعتقد أن بعض الألوان يؤثر على إنتاج السيروتونين، وهو هرمون يساهم في الشعور بالسعادة والرفاهية؛ يُعتقد أن درجات اللون الأزرق، والأخضر، وحتى الوردي، الفاتحة تعزز إفراز مادة السيروتونين، مما يساعد على تحسين الحالة المزاجية.
أهمية الدراية بعلم نفس الألوان

قبل طلاء جدران أي غرفة منزلية، واختيار قطع الأثاث والاكسسوارات الخاصة بها، من المُهمّ فهم أساسيات علم نفس الألوان لتحديد الأفضل بين الأخيرة حسب وظيفة كل مساحة أرضية. علماً أن هناك بعض الألوان، التي ينصح الخبراء عموماً بعدم استخدامها في غرف معينة. على سبيل المثال، في حين أن اللون الأحمر قد يكون منبهاً، إلا أنه قد يرفع أيضًا مستوى طاقة الغرفة، وهو ما قد لا يكون مثاليّاً لغرفة نوم حيث الاسترخاء والراحة هما الهدفان الأساسيان. وبالمثل، في حين أن الألوان الزاهية والجريئة قد تمدّ غرفة ما بـ"الشخصية"، إلا أن الألوان المذكورة قد تكون "ساحقة"، عند توظيف جرعات كبيرة منها أو الاستخدام في مساحات صغيرة.
في العموم، من المُستحسن تجنب الألوان الزاهية أو النيون في المساحات الكبيرة، لأنها يمكن أن تكون مفرطة التحفيز. وفي غرفة النوم، يُنصح غالباً بالالتزام بظلال مريحة وناعمة لأجواء هادئة. وفي غرفة المعيشة، من الأفضل تجنب الألوان الداكنة للغاية، لأنها يمكن أن تجعل المساحة تبدو أصغر وأقلّ ترحيباً. إذا كانت صاحبة المنزل تريد أن تضفي شعوراً بالحيوية على المطبخ، يصحّ اختيار اللون الأحمر، الذي يُعبّر عن الشغف والإثارة، أو اللون الأصفر الذي يزيد من التفاؤل، ويضفي الإشراق. وفي إطار اختيار الألوان للمنزل، تقوم التفضيلات الشخصية بدور مهم.
ما هي نظرية الألوان؟

تقوم نظريّة الألوان على الكيفيّة، التي تتفاعل حسبها الألوان، لإنشاء تركيبة متناغمة، فمن خلال الجمع بين الصبغات والظلال والدرجات العائدة للون واحد أو خلط ألوان عدة مع بعضها، يمكن للتصميم الداخلي أن يحمل تأثيرات تثير المشاعر أو تنقل رسالةً.
يساعد فهم نظرية الألوان في أساسيات التصميم الداخلي، المتمثلة في:
- التباين: هناك العديد من الوسائل لخلق تباين جذاب في أي غرفة منزلية، سواء عبر وضع قطعة مربعة في غرفة ذات أشكال وزوايا مستديرة، أو إضافة مادة أو لون أو ملمس متباين إلى المحتويات.
- الوحدة: تتمثل الوحدة في التصميم الداخلي في أن يكون لكل غرفة منزلية موضوع متماسك، سواء أكان الأخير يُركّز على المواد المتطابقة مثل درجات ألوان الخشب المحايدة، أو أحجام الأثاث الدقيقة، أو مخطط ألوان متطابق، أو الانسجام بين أشكال الديكور المختارة للغرفة...
- التركيز: ما هي النقطة المحورية في الغرفة؟ في غرفة النوم، قد يكون السرير. وفي غرفة الطعام، ربما تكون الطاولة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتمثل نقطة التركيز في قطعة فنية مثيرة، أو مدفأة، أو غطاء ملون فوق الأريكة، أو لوحة جريئة.
عجلة الألوان

عجلة الألوان هي واحدة من أفضل الأدوات لمساعدتك في فهم نظرية الألوان.
تتكون عجلة الألوان من:
- الألوان الأساسية: الأحمر والأصفر والأزرق، هي الألوان الأساسية التي لا يمكن تحصيلها عن طريق خلط ألوان أخرى.
- الألوان الثانوية: البرتقالي والأخضر والأرجواني هي ألوان ثانوية. لتحصيل الألوان الثانوية، يجب خلط الأحمر والأصفر والأزرق معاً.
- الألوان الثلاثية: عند مزج لون أساسي، مثل الأحمر، بلون ثانوي، مثل الأرجواني، لإنشاء ظل مختلف من الأرجواني، يصبح هذا الظل الآخر من الأرجواني لوناً ثالثيّاً.
- الألوان التكميلية: يقع اللونان التكميليان في مقابل بعضهما على عجلة الألوان، مما يخلق تبايناً حادّاً عند الاستخدام في التصميم الداخلي. على سبيل المثال، الأحمر والأزرق، والأحمر والأخضر، والأصفر، والأرجواني - هذه نماذج عن الألوان التكميلية.
- الألوان التكميلية المنقسمة: على غرار الألوان التكميلية، يمزج اللون التكميلي المنقسم أيضاً درجات الألوان من أي جانب من مكمله. على سبيل المثال، البرتقالي والأصفر والأزرق هي ألوان تكميلية منقسمة.
- الألوان المتماثلة: تقع الألوان المتماثلة جنباً إلى جنب على عجلة الألوان، مما يخلق جوّاً لطيفاً في التصميم. الأحمر والأرجواني والأزرق والأخضر، على سبيل المثال، هي ألوان متماثلة.
- الألوان الأحادية: هي عبارة عن لون واحد، ولكن بدرجات وظلال مختلفة. على سبيل المثال، إذا كانت صاحبة المنزل تريد خلق جو هادئ، يمكن صبغ المساحة وتأثيثها بكل درجات اللون الأزرق.
- الألوان المحايدة: الأبيض والأسود والرمادي والبيج والبني، هي ألوان محايدة يمكن أن تتناسب بسهولة مع أي ألوان أخرى في الغرفة المنزلية.
- درجة حرارة اللون: الألوان الباردة، مثل الأزرق والأخضر، تخلق مساحة هادئة، في حين أن الألوان الدافئة، مثل الأحمر والبرتقالي والأصفر، هي ظلال دافئة ونشطة. سيوازن الظل المحايد مثل البيج أو الرمادي بين النقيضين من الألوان الباردة أو الدافئة، في الغرفة الواحدة.
8 نصائح عامة لاختيار الألوان لمنزلك

- استخدمي عجلة الألوان.
- اختاري الألوان بعناية، مع مراعاة التأثيرات المرغوبة إشاعتها في كل غرفة.
- استخدمي الألوان الأحادية للحصول على تأثير متوازن.
- وازني بين الألوان الأساسية وتلك الثانوية للحصول على تركيبة جذابة، من الناحية البصرية.
- فكري في نسب الألوان، فالكثير من لون واحد قد يكون مرهقاً، لذا قرري مقدار اللون الذي ستستخدميه في تصميمك.
- ضعي في اعتبارك تأثيرات الإضاءة في المساحة، إذ يمكن للإضاءة الاصطناعية أن تغير الألوان. وقد يؤدي استخدام لون داكن للغاية في منطقة ذات إضاءة منخفضة إلى خلق شعور بضيق المساحة.
- لا تنسي إضافة الألوان المحايدة؛ سواء أكانت هذه الألوان المحايدة تأتي من الأثاث الحديث باللون الأسود مثل الطاولات والكراسي أو ظلال اللون البني الطبيعية من لمسات الخشب. أضيفي هذه الظلال إلى لمسات الديكور الداخلي والإكسسوارات.
- طبقي قاعدة 60-30-10، التي تقضي بأن يكون 60% من الغرفة بلون مهيمن واحد، و30% بلون ثانوي، و10% بلون مميز أو متباين.
مع وضع الأساسيات المذكورة آنفاً في الاعتبار، ستكونين على الطريق الصحيح، وتستطيعين تصميم غرف منزلك، بالصورة التي تحلمين بها. نظرية الألوان مورد لا يقدر بثمن في تصميم منزلك ويساعدك في إنشاء مساحات داخلية مثالية.