في شهر رمضان الكريم، تتزايد الرحلات إلى المساجد التي تحمل تاريخاً طويلاً وحضوراً خاصاً في حياة المصريين. من بين هذه المساجد، هناك العديد من المساجد يحرص المسلمون على زيارتها لأداء صلاة التراويح. فما هي أبرز هذه المساجد التي تتميز بتصاميمها؟ هل تختلف الأجواء داخل المساجد التاريخية مثل جامع الأزهر ومسجد عمرو بن العاص عن تلك التي تُقدّمها المساجد الأحدث مثل مسجد الصحابة ومسجد الرحمن الرحيم؟ ما هي الخصائص المعمارية والتاريخية التي تجعل من كل مسجد منها وجهة روحية وثقافية استثنائية؟ من خلال إلقاء الضوء على هذه المساجد، مثل جامع الأقمر ومسجد الرفاعي ومسجد السلطان حسن، نجد أن كل واحد منها يحمل قصة خاصة، سواء كانت تتعلق بتاريخه أو بجوهره الروحي الذي ينقل المصلين إلى حالة من التأمل والخشوع، فهل يمكن أن تكتمل أجواء رمضان دون زيارة هذه المعالم الدينية التي تظل شاهدة على عراقة العمارة الإسلامية في مصر؟
مسجد الصحابة

يقع مسجد الصحابة بمنطقة السوق التجاري القديم بمدينة شرم الشيخ، بمحافظة جنوب سيناء. تم افتتاحه في العاشر من مارس عام 2017، بقدرة استيعابية لأكثر من 3 آلاف مصلٍّ. صحنه الرئيسي يقدر ارتفاعه بـ37 متراً ويسع 800 مصلٍّ، يقع المسجد على مساحة 1800 متر وبداخله رواق سفلي وبه مظلتان للصلاة في أول دور، كما يحتوي على مئذنتين ارتفاعهما 76 متراً وعدد كبير من القباب، يعد مسجد الصحابة ثاني أكبر المساجد في مدينة شرم الشيخ وأحد معالمها السياحية، كونه يطل على الجبال ويحيطه البحر، يضم المسجد مكتبة ثقافية إسلامية علمية تحتوي على المطبوعات وإصدارات المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية ومترجمة بلغات مختلفة، تصميم المسجد مزيج بين الطراز الفاطمي والمملوكي والعثماني، ويستقطب مسجد الصحابة، خلال شهر رمضان الكريم، أعداداً غفيرة من المصلين، الذين يترددون على ساحته لأداء صلاة التراويح.
مسجد الأقمر
يقع مسجد الأقمر في شارع المعز لدين الله الفاطمي، بالقاهرة الفاطمية وقد بُني سنة 519 هجرياً أي 1125 ميلادياً، ويعد الأقمر، أول جامع في القاهرة تحتوي واجهته على تصميم هندسي خاص، حيث توازي واجهته لخط تنظيم الشارع بدلاً من أن تكون موازية للصحن، ويتكون الجامع من صحن صغير مربع مساحته عشرة أمتار مربعة تقريباً يحيط به رواق واحد من ثلاثة جوانب وثلاثة أروقة في الجانب الجنوبي الشرقي أي في إيوان القبلة، وتتميز أجواء صلاة التراويح بمسجد الأقمر بالهدوء والراحة والسكينة، حيث يتردد أهالي منطقة الجمالية والحسين وباب الشعرية، لأداء الصلاة في ساحة المسجد التي تكتظ بالمصلين.
مسجد الرفاعي
سُميَ المسجد بهذا الاسم نسبة إلى الإمام أحمد الرفاعي، المولود في جزيرة أم عبيدة بالعراق سنة 512 هجرياً، والذي تلقى العلوم الدينية وحفظ القرآن في سن صغيرة، وتردد على كبار العلماء، كان المسجد الواقع بحي الخليفة بجوار قلعة صلاح الدين الأيوبي، يُعرف بزاوية الرفاعي وذلك لأنه دفن بها الشيخ علي أبي شباك الرفاعي والموجود قبره بالمسجد حتى الآن، إلا أنه بعد إنشاء المسجد نُسبت التسمية إلى الشيخ أحمد الرفاعي المدفون بالعراق، يعتبر المسجد البالغة مساحته 5600 متر، متحفاً مفتوحاً يعكس تاريخ العمارة الإسلامية في مصر، حيث يواكب في تخطيطه وطرازه المعماري وضخامته أكبر مساجد العالم الإسلامي، وقد طغى التقسيم الثلاثي على أغلب أجزاء المسجد، فنجده في تخطيط بيت الصلاة والواجهات، أنها قسمت كل منها إلى 3 أقسام، مثلت انعكاساً لفكرة تقسيم البازيلكا الذي بدأ في العمارة الإسلامية منذ العصر الأموي. ويذهل كل من يزور المسجد من التفاصيل الدقيقة في الزخارف على الحوائط الخارجية والعمدان العملاقة عند البوابة الخارجية، ويتردد العشرات من المصلين على ساحة المسجد لأداء صلاة التراويح، في رمضان 2025، كما تجدر الإشارة إلى أن هناك مصلَّى خاص للسيدات.
المسجد العتيق
حسب ما ورد في التاريخ المحلي لسيوة، المسمى بمخطوط سيوة، فإن الجامع العتيق بني في موقعه الحالي أعلى جبل إدرار عام 600 هجرية أي 1203 ميلادية، يقع المسجد بشالي الشرقيين، ويعد أقدم مسجد حالياً بواحة سيوة، يتميز المسجد بمئذنته الضخمة التي تقع بالزاوية الشمالية الشرقية وتشبه طراز مآذن المغرب والأندلس المعروفة بالصوامع.
شيد المسجد على مساحة 100 متر وبُني بالطريقة السيوية، حيث استخدم في بنائه مادة الكرشيف المعروفة لدى أهل سيوة والمشهور تصنيعها محلياً، وهو مكون من مادتيْ الطين والملح المصنع محلياً في سيوة. يلحق بالمسجد ساحة الخلاء أو الخلوة من الجانب الشمالي، وهي عبارة عن ساحة إضافية مستطيلة الشكل غير مغطاة، فترى السماء مباشرة دون حجاب أو عازل محاطة بأربعة جدران، ويحدها من الشرق المئذنة وغرف التخزين، وبحلول شهر رمضان يحرص الأهالي على اصطحاب ذويهم لأداء صلاة التراويح في هذا المسجد.
مسجد الظاهر بيبرس
أنشأه الملك الظاهر بيبرس البندقداري سنة 665 هجرية، وهو كائن بمنطقة الظاهر بالقاهرة الفاطمية، يعتبر هذا الجامع من أكبر جوامع القاهرة حيث تبلغ مساحته 103 في 106 أمتار مربعة، ولم يبق منه سوى حوائطه الخارجية وبعض عقود رواق القبلة، كما أبقى الزمن على كثير من تفاصيله الزخرفية، يتألف المسجد من صحن مكشوف يحيط به أربعة أروقة، أكبرها رواق القبلة والتي حملت عقودها على أعمدة رخامية فيما عدا المشرفة منها على الصحن، فقد كانت محمولة على أكتاف بنائية مستطيلة القطاع، وعن وجهات الجامع الأربع، فهي مبنية من الحجر الدستور، فتحت بأعلاها شبابيك معقودة وتوجت بشرفات مسننة وامتازت بأبراجها المقامة بأركان الجامع الأربعة وبمداخلها الثلاثة البارزة عن سمت وجهاتها، وتحلَّت مداخل المسجد بمختلف الزخارف والحليات، والتي اقتُبِس أغلبها من زخارف وجهات الجامع الأقمر وجامع الصالح طلائع ومدخل المدرسة الصالحية.
مسجد السلطان حسن

يوصف مسجد السلطان حسن بأنه درة العمارة الإسلامية بالشرق، ويعد أكثر آثار ومعالم القاهرة الإسلامية تناسقاً وانسجاماً، ويمثل مرحلة نضوج العمارة المملوكية، يقع المسجد بميدان صلاح الدين، في حي الخليفة وقد أنشأه السلطان الناصر حسن بن الناصر محمد بن قلاوون، خلال الفترة من 757 إلى 764 هجرياً، أثناء حقبة حكم المماليك البحرية لمصر.
يتكون البناء من المسجد الذي تبلغ مساحته 7906 أمتار مربعة، وأقصى طول 150 متراً، إلى جانب مدرسة للمذاهب الأربعة الشافعية والحنفية والمالكية والحنابلة، وكان يْدَرَّس بها أيضاً علوم تفسير القرآن، الحديث النبوي، القراءات السبع، إضافة إلى مُكتِّبين لتحفيظ الأيتام القرآن وتعليمهم الخط، وخلال شهر رمضان يتوافد الأهالي من كل حدب وصوب على المسجد، الذي تستقبل ساحاته الشاسعة المصلين لأداء صلاة التراويح. وتتميز الصلاة في السلطان حسن عن غيره، بأنه من المساجد المفتوحة وهو ما يجعل الهواء الطلق يمنح المصلين أجواء مميزة للغاية.
مسجد الإمام الحسين
يقع مسجد الإمام الحسين بن علي في القاهرة القديمة، بحي الجمالية، بجوار منطقة خان الخليلي، في مقابلة الجامع الأزهر الشريف، بني المسجد في عهد الفاطميين سنة 549 هجرية الموافق لسنة 1154 ميلادية، تحت إشراف الوزير الصالح طلائع، تتسم صلاة التراويح في مسجد الإمام الحسين، بأجواء لا توجد في غيره من المساجد، حيث تجد أحباب ومريدي آل البيت من أنحاء العالم الإسلامي كافة.
مسجد عمرو بن العاص
يقع الجامع بشرق النيل، بمدينة الفسطاط بميدان عمرو بن العاص في حي مصر القديمة، يعد أول جامع بني بمصر بعد أن فتحها عمرو بن العاص عام 20 هجرياً، أي عام 641 ميلادياً، وفقاً للموقع الرسمي للهيئة العامة للاستعلامات في مصر، وللجامع أهمية تاريخية لم تقتصر على أداء الفرائض الدينية، فحسب بل كانت تعقد فيه محكمة لفض المنازعات الدينية والمدنية، إضافة إلى أنه كان المكان الذي تجمع فيه الأموال لليتامى والفقراء، وخلال شهر رمضان يتجمع المئات من المصلين لأداء صلاتي العشاء والتراويح في ساحات المسجد الذي يتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة أروقة ذات أسقف خشبية بسيطة، وأكبر هذه الأروقة هو رواق القبلة.
مسجد الأزهر

يعتبر المسجد ثاني أقدم جامعة قائمة بشكل مستمر في العالم بعد جامعة القرويين، ورغم أن جامع عمرو بن العاص في الفسطاط سبقه في وظيفة التدريس، إلا أن الجامع الأزهر يعد الأول في مصر في تأدية دور المدارس والمعاهد النظامية، يعتبر الجامع الأزهر أهم مساجد مصر وأحد المعاقل التاريخية لنشر وتعليم الإسلام، ولصلاة التراويح في الجامع الأزهر، أجواء مميزة، حيث يصطف المصلون داخل المسجد وأروقته وصحنه في صفوف متتالية، ويأتي للصلاة في الأزهر المسلمون من الجنسيات المختلفة كافة، كما أن هناك ركناً كبيراً مخصصاً للسيدات وهو ما يمنحه أجواءً أسرية رائعة.
مسجد الرحمن الرحيم
يعد الرحمن الرحيم، الذي يقع بشارع صلاح سالم، بالعباسية، أحد أشهر وأفخم مساجد مدينة القاهرة، فهو يمتد على مساحة تبلغ نحو 1000 متر، يعتبر المسجد تحفة معمارية، وذلك يرجع إلى أن معالم العمارة الإسلامية ترصع جنبات المسجد، عمارة المسجد وأجواء شهر رمضان الكريم، تمنح صلاة التراويح بالرحمن الرحيم أجواء خاصة..