أحباها بجنون وعندما طلبت الطعام قتلاها

6 صور

الحب أسمى علاقة في الوجود، ولا يمكن أن تستقيم الحياة بدونه، وسمعنا كثيرا في القصص والروايات عن المحبين الذين ضحوا بحياتهم من أجل أحبتهم، ولكن هل يحدث هذا في وقت الجوع؟
والجوع منل نعرف، وكما قال عنه يوما على بن أبي طالب: لوكان الجوع رجلا لقتلته»، فهل ينتصر الجوع على الحب؟
أرق الجميلة النائمة
هذه التساؤلات طرحتها مسرحية فلسطينية جديدة تعرض على مسارح فلسطين وخاصة المسرح الوطني الفلسطيني «الحكواتي»، وهي بعنوان «أرق الجميلة النائمة».
نص لبناني لكاتب شاب
المسرحية هي نص مسرحي لكاتب لبناني شاب هو عبد الرحيم العوجي، الذي كتب المسرحية باللهجة العامية اللبنانية، وقدمها للمسرح الفلسطيني، حيث جرت التدريبات المكثفة تحت إشرافه رغم عدم تمكنه من الوصول للقدس، وبذلك فنحن أمام مسرحية صالحة لكل زمان ومكان.
المسرحية في كلمات
الكاتب عبد الرحيم العوجي قال عن محتوى المسرحية: هي مسرحية تبحث في سؤال عن أي شيء يحتاجه الإنسان، الغذاء أم الحب، وهل الحب يغني عن الغذاء، وهل في زمن الجوع يتم الضرب بعرض الحائط بكل القيم؟ فهناك امرأة جميلة يتصارع عليها رجلان وكل واحد يراها من منظوره، وتنبه بداخلهما الأحاسيس والمشاعر التي اعتقدوا أنها قد ماتت، ولكنها حين تطلب منهما أن تشاركهما الطعام وهما لا يملكان منه إلا اليسير جدا يقرران قتلها، فهل الجوع يحولنا لقتلى متجردين من المشاعر الإنسانية؛ حتى نقتل أحلامنا، وكل ما هو جميل حولنا.
رأي المختصين
المخرج رمزي مقدسي يقول عن النص المسرحي بأنه ملائم لكل الدول العربية التي خدعت بالربيع العربي، وأصبحت حماماً للدم، ودمرها الاقتتال الداخلي، وهو بذلك يراها تستحق العرض في كافة الدول العربية، أما الفنان والمخرج المقدسي كامل الباشا فهو يقول عن دوره بأنه دور صعب ومركب، ويعري النفس البشرية من خلال شخصية الكهل ويجعلنا نتساءل دوماً: لماذا جلبنا الشر لهذا العالم؟ فالكهل كان من الممكن أن يكون أسرة وعائلة، ويكون له زوجة محبة لولا ظروفه وتربيته، والإنسان بطبيعته يولد على فطرته والمجتمع هو الذي يشكل شخصيته.
أحداث المسرحية
تدور أحداث المسرحية بين رجلين أحدهما كهل والآخر شاب، يلتقيان في قبو مسرح قديم إبان الحرب، وكلاهما يرى الآخر للمرة الأولى، ويدور صراع بينهما بسبب اختلاف تفكيرهما، فالرجل قناص وقاتل محترف ومأجور، وقد قتل عم الشاب وزوجته وابنه، فيما الشاب فنان مسرحي رهيف الحس، ويلتقيان في نقطة واحدة رغم اختلاف تفكيرهما، وهي أنهما سجينان في هذا المكان وحولهما الموت، ولا يملكان سوى اليسير من الطعام، وفجأة تهبط عليهما جثة من سقف المسرح وهي جثة فتاة جميلة، فيبدأ كل واحد يتخيلها حسب شخصيته، فالكهل القناص القاتل يتخيلها أمه التي حرم منها، والشاب يتخيلها حبيبته، ويتوق كل واحد لتقبيلها، ولكنها تنهض فجأة فيدور صراع جديد بينهما، وهو نظرة كل واحد للأميرة النائمة التي امتلأت بها الحودايت، ولكن فجأة أيضاً وحين تطلب الطعام يقرران قتلها؛ حتى لا تشاركهما مالديهما من طعام، وهنا تبدو رسالة المسرحية واضحة، وهي أن الحرب تشبه الأميرة النائمة، وأن الخير ربما كان متأصلاً والشر دخيلاً، وكان من الممكن أن يكون الكهل طيباً لو تغيرت ظروفه، ولم يتربَّ يتيماً في كنف عمه الذي علمه أن أرواح البشر رخيصة. وفي النهاية تريد المسرحية القول بأن النزاعات والحروب تقضى على المشاعر الإنسانية وبأن الجوع والفقر يلغيان المشاعر الإنسانية تماماً.
طاقم المسرحية
المسرحية هي إنتاج مشترك لمؤسسة «قدس آرت»، وهي مؤسسة فلسطينية غير ربحية تعنى بالفن الفلسطيني وبين المسرح الوطني الفلسطيني «الحكواتي»، ويتكون طاقم المسرحية من الممثلين كامل الباشا في دور الكهل ومحمد باشا في دور الشاب والفنانة المطربة شادن سليم في دور الفتاة، وهناك المخرج المقدسي الشاب رمزي مقدسي في أول تجربة إخراج مسرحي له، ويرافقهم الموسيقي الشاب كنعان الغول، فيما يعمل الفنان عبد السلام عبدو على إنجاز التصميم، ويعمل رمزي الشيخ قاسم على الإضاءة والديكور بالتعاون مع عماد سمارة، أما الملابس فيتابع تصميمها حمادة عطا الله.
ختامها موت وجوع
أجمل ما جاء في المسرحية مشهد الختام، حيث الفتاة تزحف باتجاه الدرج قائلة: ااااه.. جوعانة.. ما معكم اشي يتاكل.. رح اموت جوع.. جوعانة، وهنا ينظر الشاب والرجل إلى بعضهما البعض فقط، بينما تتابع هي: جوعانة
ينظر الشاب للرجل قائلاً: «مش لازم نطعميها اشي؟».
الشابة: جوعانة!
الرجل: مجنون أنت إذا هي أكلت احنا شو بيضللنانا؟
الفتاة: يا ماماماماماماممممممم.
(يتبادلان النظرات، يتفقان على قتلها، الرجل يمسك الرمح، يتوجهان نحوها، انفجار شديد، تعتيم، موسيقى، إضاءة تدريجيه، حيث تظهر الفتاة ملقية على الدرج، والرجل والشاب ملقيان قتلى، والكل يلبسون أقنعة الموتى كباقي الدمى، تعتيم).