أثارت قضية انفجار رحم فتاة في مكة المكرمة؛ لتعاطيها حبوب إجهاض الكثير من الجدل حول المتاجرة بهذه الحبوب التي وصل سعرها إلى 3 آلاف ريـال عبر «تويتر».
«سيِّدتي» فتحت الملف، ودخلت عش الدبابير؛ لكشف تفاصيل خطيرة عن مروجي حبوب الإجهاض في المملكة، والإعلان عن أنفسهم من خلال موقع التواصل الاجتماعي الأشهر «تويتر»، والمفاجأة التي فجَّرها أحد أساتذة الطب النفسي، والتي تتمثل بأن الإجهاض بهذه الطريقة قد يدفع المرأة إلى الانتحار.
في المكالمات التي أجراها «سيِّدتي نت» مع أحد المروجين، والذي نحتفظ باسمه ورقمه وتسجيل صوتي لنص المكالمة، كان المروج يسأل عن كل تفاصيل المشتري، خصوصاً جنسيته، وإذا كان الحمل حلالاً أم حراماً، صمت طويل منه خلال المكالمات للتفكير في لهجة المتصل، وفي النهاية هرب من إكمال الصفقة بعد أن شك في حقيقة المتصل من أنه لا يريد الشراء بقدر ما يريد الحصول على المعلومة.
«سيِّدتي نت» ينشر نص المكالمات التي دارت مع المروج الذي ترك إعلانه على صفحته عبر «تويتر»، ورقمين لجوالين أحدهما للرجال والآخر للنساء.. والتفاصيل المثيرة في هذا التحقيق.
Cytotec ما بين تأرجح المعلومة حول الحبوب الـ«المحظورة» في السعودية ودول الخليج؛ كونها تمنع الحمل أو تسبب الإجهاض، أصبحت الكثير من النساء حائرات حول استعمال هذا العقار الممنوع، والذي أكد الأطباء أنه في الأصل كان يستعمل لحماية وتغليف جدار المعدة؛ لذا كان يستخدم لعلاج قرحة المعدة، لكن وجد أن له تأثيراً على المرأة الحامل؛ لأنه يسبب انقباضات في جدار الرحم، كما يسبب الإجهاض، واستغل ذلك الكثيرون للترويج له في السعودية بأسعار باهظة وصلت إلى 3 آلاف ريـال سعودي.
- تتبع المصدر
نظراً لخطورة القضية، «سيِّدتي» بحثت عن مصدر بيع هذه الحبوب في العاصمة السعودية الرياض، من خلال استخدام موقع التواصل الاجتماعي الأكثر انتشاراً في دول الخليج « تويتر»، فتوصلت إلى أحدهم الذي يسمي نفسه باسم دكتورة، وحين تم الاتصال به اتضح أنه رجل لم يفصح حتى عن اسمه، ومن خلال تطبيق «Number Book»، استطعنا أن نعرف أن رقم المروّج، وهو مسجل باسم «أمل..... » رغم أن صاحبه رجل، وكان نص المكالمة الأولى:
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام.
- يا أخي، قرأت إعلانكم عبر «تويتر» عن بيع حبوب إجهاض، وأنا بحاجة لشرائها، فكيف أقابلك أو أحصل عليها؟
- ما جنسيتك؟
- مصري.
- لا أنت لست من مصر.
- هل تريد أن أكلمك بالمصري؟ «إزاي آخد الحبوب دي منك؟ »
- أنت من أي منطقة في مصر؟
- من المعادي.
- أنت في الرياض؟
- نعم، أنا في الرياض، كيف أستطيع الحصول على الحبوب؟
- سأرسل لك واحداً يكلمك عن السعر وكل التفاصيل.
- سترسل لي أحدهم شخصياً؟
- لا، سيتواصل معك عن طريق الجوال.
- وكيف سأتسلمها؟
- كل شيء ستعرفه عن طريق الجوال.
- هل هناك متابعة طبية أم لا؟
- نعم، هناك متابعة طبية، ولكن في البداية أريد التأكد من جنسيتك.
- وكيف ستتأكد إن كنت مصرياً أم لا؟
- سأتأكد أنا، وإذا تأكدت أنك مصري سأعطيك، والليلة سوف أرد لك الخبر.
- هل هناك جنسيات معينة لا تتعامل معها؟
- أتعامل مع أصحاب الأرقام الدولية فوراً، لكن توجد جنسية واحدة لا أحب التعامل معها، ولا أود الإفصاح عنها.
- هل هم أصحاب الجنسية الخليجية أم غيرهم؟
- لا ليسوا من الخليج، وأنا أتعامل مع السعوديين بشكل طبيعي، ولماذا تريد معرفة ذلك؟ هذا ليس استفسار زبون.
- فقط استغربت من سؤالك عن الجنسية..
- يوجد في طنطا فيه جامع مشهور، ما اسمه؟
- السيد البدوي.
- جيد، سأكلمك اليوم.
- هل تريد معرفة أسماء جوامع أخرى بأي مكان في مصر، وتأكد أنني حريص على السرية أكثر منك.
- أنت كأجنبي الأفضل لك أن تشتريها من مصر.
- لماذا؟
- أنا أشك بأنك ما بين أردني ومصري.
- أنا مقيم منذ فترة طويلة هنا، والطبيعي أن تكون كلماتي من جنسيات متعددة من التعاملات اليومية.
- ما اسمك؟
- اسمي......
- سأتواصل معك اليوم.
مكالمة ثانية
وفي مكالمة أخرى:
- السلام عليكم.
- وعليكم السلام.
- البارحة قلت لي إن أحدهم سيتصل بي ولم يقم أحد بذلك.
- لم يتبقَ لدينا منها.
- هل تستطيع أن توفر لي هذه الحبوب للضرورة؟
- تريد مني أن أكلم لك أحدهم؟
- أنا سمعت أن هذه الحبوب غالية الثمن.
- نعم، إنها غالية فعلاً، هل تود التواصل مع مصري؟
- لا.
- هل الحمل حلال أم حرام؟
- أفضل ألا أجيب عن هذا السؤال.
- سأبقي رقمك لديّ، وهناك شخص أجنبي في الرياض سيتواصل معك، لكن لماذا أنت مُصرّ بهذا الشكل؟
- أنا حصلت على رقمك من خلال «تويتر»، ورسالتك فيها «سرية تامة»، فأعجبني الأسلوب، وهذه الأشياء ليس من السهل الحصول عليها في الرياض.
- و...................
- هل هناك مشكلة؟
- اجعل أحدهم يشتريها لك من مصر.
هنا توقف المروج عن التواصل مع «سيِّدتي»، مؤكداً شكه في جدية المتصل بالشراء من كثرة الأسئلة الاستفسارية.
مخالفة شرعية قانونية
«سيِّدتي نت» أجرى استطلاعاً حول قضية بيع حبوب الإجهاض عبر «تويتر» في السعودية رغم أنها محظورة، ومدى مخالفاتها الشرعية والقانونية، حيث يقول أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود الدكتور حزاب بن ثاني الريس: «حبوب الإجهاض محرمة قانونياً، ويجب ملاحقة من يبيعها عبر «تويتر»؛ لأن فيها مخالفات شرعية قانونية، والملاحقة القانونية ستلغي تداولها، كما أن وسائل التواصل الاجتماعي تحمل الجوانب السلبية والإيجابية في الحياة، وفي تعاملنا معها نختار الجانب الذي نرغب به».
وتقول الإعلامية هدى الخطيب: «لا أتصور أن تجارة مثل هذه الحبوب ظاهرة في مجتمعنا، ليس فقط لأننا مجتمع محافظ، بل لأن شراء مثل هذه الحبوب والإقبال عليها سيكون لافتاً، ويضع الفتيات المقبلات عليها في موضع الشك والريبة من كل من حولهن؛ لذا يجب تدشين حملة توعية في المدارس والجامعات والمستشفيات؛ للتحذير من خطورة مثل هذه التجارة الإلكترونية التي قد تروح ضحيتها الكثيرات، إن لم تتم مكافحة مثل هؤلاء المروجين».
فيما تقول الناشطة الحقوقية والإعلامية سكينة المشيخص: «لا توجد سيدة تتخلص من جنينها؛ إلا في الغالب تكون لها علاقة غير شرعية، ومن تتخلص من جنينها بهذه الطريقة فهي تعاني من انعدام أخلاقي، وهناك طرق أخرى أفضل من التواصل مع مروجي حبوب الإجهاض، كما أن هؤلاء المروجين غير موثوق بهم، وأستغرب ممن تتواصل مع أشخاص غير موثوق بهم، كذلك لا توجد سيدة تستطيع التخلي عن جنينها، ومن تتصرف بهذا السلوك تنعدم لديها مشاعر الأمومة».
قد يدفع المرأة إلى الانتحار
يقول أستاذ علم النفس الإكلينيكي بجامعة الملك سعود الدكتور فهد بن عبدالله الربيعة: «المشكلة تكمن في بث الشائعات؛ لاستدراج مثل هؤلاء الفتيات والنساء، باعتبار أن هذه الحبوب آمنة، وليس لها أي مضاعفات أو تأثيرات، وأنها مفيدة في التخلص من الجنين، دون التفكير بنتائجها السلبية الكثيرة، التي يأتي في أولها الشعور بتأنيب الضمير، فحين تستعمل المرأة الحبوب للتخلص من الجنين، فهي حاولت حل المشكلة في فترة قياسية، لكنها لم تفكر في العواقب من تأنيب الضمير، وقد ينتج عن هذا التأنيب حالة انتحار».
تسبب الفشل الكبدي والكلوي
ليس حبوب الإجهاض فقط ما يتم الترويج لها عبر «تويتر»، إنَّما حبوب الرشاقة أيضاً، وغالباً ما يتم الترويج لما هو غير مصرح له من العقاقير، ويسبب أضراراً بالغة كالفشل الكلوي والكبدي وغيرها من الأمراض الخطيرة، وعن ذلك يقول أستاذ واستشاري جراحة المناظير والسمنة الدكتور عائض ربيعان القحطاني: «هناك عقاقير كثيرة تُباع، وتصل إلى المملكة عبر البريد وغير مؤكد سلامتها، وبعضها يؤدي إلى فشل في الكبد والكلى وأحياناً الدماغ».
الصحة العالمية تحذر منها
تشرح استشارية أمراض النساء والولادة في مستشفى د. سليمان الحبيب بالتخصصي الدكتورة ميسون بن عبيد عن أهم مخاطر استخدام حبوب الإجهاض من دون استشارة طبية بقولها: «في الحقيقة إن كثيراً من السيدات اللاتي يستخدمن حبوب الإجهاض ليس لديهن الإدراك الكافي لمخاطر هذا النوع من أساليب الإجهاض، لاسيما إذا كان هذا الاستخدام يتم دون إشراف طبي مباشر؛ لأن الاستعمال الخاطئ لهذه الحبوب قد يؤدي بالمرأة إلى الدخول في غيبوبة جرَّاء مضاعفات الإسهال الشديد الذي تسببه تلك الحبوب، كذلك قد يتسبب لها بمشاكل في الرحم أو المعدة، علاوة على تعريض حياة الأم للعديد من المضاعفات الخطيرة، وكذلك انعدام الخصوبة».
النجيمي: يجب تطبيق حد الحرابة على مروجي حبوب الإجهاض
يقول عضو مجمع الفقه الإسلامي العالمي، وأستاذ الدراسات الشرعية في كلية الملك فهد للعلوم الأمنية الأستاذ الدكتور محمد بن يحيى النجيمي: «الإجهاض في الأساس غير مسموح به شرعاً وقانوناً، فالله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الكريم: « وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ»، كما قال: « وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا»، ومن يبيع هذه الحبوب من أجل الإجهاض فإنه يبيع الشر ويريد الفساد في الأرض، والرسول صلى الله عليه وسلم حرَّم بيع الخمر وحلوان الكاهن، وكل ما فيه بيع محرَّم، ونهى عن كل ما يؤدي إلى قتل النفس».
عصابات تبيع حبوب الإجهاض عبر «تويتر»!
- أخبار
- سيدتي - حسين أبو السباع
- 10 يونيو 2014