صحيح أنَّ الهدف من الإجازة هو الحصول على قسط من الراحة، بعد عناء عام دراسي طويل، لكن هناك من يفضلون الإفادة من تلك الفترة في ممارسة وظيفة ما؛ إيماناً منهم بأنَّ تلك الوظيفة على بساطتها تكسبهم مهارات وخبرات متنوِّعة، وتمثل إضافة ديناميكيَّة إلى سيرتهم الذاتيَّة، عدا أنَّها توفر مردوداً مادياً لا بأس به.
وهذا التحقيق يكشف لنا أنَّ هناك نسبة كبيرة من الطلبة ممن يحرصون على هذا الأمر.
اكتساب الخبرة والتعرُّف إلى المجتمع
بداية أوضح أوسيد سندي، أحد طلاب جامعة أم القرى، قسم إعلام تخصص علاقات عامَّة، أنَّ الذين يعملون في وقت الإجازة يكتسبون الخبرة في العمل، ويقضون وقت فراغهم في شيء مفيد، إضافة إلى الخبرة النفسيَّة والثقة الداخليَّة بالنفس، التي تمكنهم من مواجهة الحياة العمليَّة بمعرفة القواعد والقوانين التي تمكنهم من معرفة حقوقهم كاملة. مضيفاً أنَّ العمل أثناء الدِّراسة يعطي تفوقاً في مجال الدراسة وتنظيم الوقت وكسب المال، وتحسين أساليب التعامل مع الأشخاص، ومعرفة الأشخاص، والتعرُّف على المجتمع وتكوين علاقات وثيقة معهم.
كفاح لم ينتهِ
أما محمد علي حداد (٢٠ عاماً) فيقص قصة كفاحه التي لم تنته بعد قائلاً: بدأت في فترة الصيف، ومنذ المرحلة الثانويَّة، العمل رغبة بخوض التجربة واستغلال وقتي في شيء مفيد في الصيف؛ حتى لا أقضي إجازتي وأنا أبحث ماذا أفعل. وأضاف: بدأت العمل بشركات التسويق، ورغم قلة الراتب؛ إلا أنَّني كنت سعيداً جداً بما أكسبه لاعتمادي على ذاتي، ومع مرور الوقت أصبحت لديّ خبرة في العمل والتعامل مع الناس والالتزام بالمواعيد الوظيفيَّة وكذلك تحمل المسؤوليَّة؛ لافتاً إلى أنَّ العمل ساعدني على صقل شخصيتي، وجعلني شخصاً ناضجاً مهنياً وعملياً، كما ساعدني على اختيار تخصصي الجامعي وتحديد أهدافي المستقبليَّة، فأصبحت أنتظر الإجازة الصيفيَّة بفارغ الصبر.
كما أنَّ التزامي بالعمل جعل أصحاب العمل يثقون بي ويستقبلونني كل إجازة، وبعد تخرجي في الثانوية عملت معهم بدوام كامل ورسمي وبراتب جيد وتمت ترقيتي، وسمحوا لي بإجازات أثناء الاختبارات الجامعيَّة، وأنا اليوم أدرس وأعمل في الوقت نفسه ومكتفٍ مادياً، ومعتمد على نفسي في معظم أمور حياتي.
مزايا متعدِّدة
وقال الكاتب علي البلوشي، طالب كليَّة مهنيَّة: العمل جعلني أعتمد على نفسي بشكل دائم، والقضاء على وقت الفراغ يمنحك الالتزام، ويجعلك تهتم بالمستقبل. ويضيف: تجربتي الأولى كانت في أحد محلات الهواتف النقالة أكسبتني القدرة على البيع، ومن ثمَّ التفكير في عمل مشروع في المستقبل. والعمل ليس عيباً حتى لو كنت بائع خضار، مع العلم أنَّني كاتب وممثل، وهذا لا يمثل إساءة لسمعتي الفنيَّة.
تجربتي مع العمل التطوعي
وتروي أفراح الجعفر قصتها مع العمل التطوعي الذي بدأ عام 2005 قائلة: استمتعت بالتجربة في مهرجان الدوخلة الوطني بالشرقيَّة في قسم الأمن، ثم عملت في النسخ التالية من المهرجان ضمن اللجنة الإعلاميَّة، وتكرَّرت تجاربي في مهرجانات عديدة، لكن تواجهنا في بعضها عدم تعاون المتطوعين، وأحياناً عدم تفهم المسؤولين لحاجات المتطوِّع بسبب أنَّه انخرط في العمل، فهو ملزم به من دون النظر لما قد يصيبه من ظروف.
أما أضواء محمد، طالبة أدب فرنسي، فقالت: من منطلق تجربتي الفريدة من نوعها بحكم أنَّني كنت أدرس بالجامعة، وفي الوقت نفسه كنت أتطوع لوجه الله تعالى، فالعمل فيه متعة لا توصف رغم التعب، وقد استفدت كثيراً، وتعلمت كيف أعطي كل شيء حقه، وكيف أستغل وقت فراغي في شيء يعود عليَّ بالفائدة والنفع.