اشتهرت مهنة الحلاق في المسلسلات العربية، بطابع خاص تميزه الثرثرة والتقاط الأحاديث، ومراقبة كل يدخل ويخرج الحي بعينيه الفضوليتين، ة، «سيِّدتي نت» التقت برجال ونساء يجدون راحة في التحدث مع الحلاق، والعاملة في الصالونات النسائية عن حياتهم الخاصة وأسرارهم
في السعودية: الكوافيرة خبيرة اجتماعية وخاطبة
ارتاحت أم عبدالله، ربة منزل إلى عاملة في صالون ترتاده مرتين أسبوعياً منذ 8 سنوات، تتابع: «هي تنقل لي كل ما يدور في منطقتنا من مشاكل النساء مع أزواجهن، كذلك من تزوجت، ومن خطبت، ومن طلقت، وغيرها من الأمور، وتخبرني بما ستفعله ضرتي من خدمات في الصالون، وأنها صبغت هذا اللون، وقصت هذه القصة، وزوجي دائماً يسألني: هل أنت التي اخترتِ هذه القصة واللون؟ مندهشاً من التشابه بيننا بالاختيار، ولكنني لم أخبره السر، كما أن العاملة تخبرني عن الحيل التي تفعلها ضرتي أو ستفعلها بي، والطرق التي تتبعها ليجلب لها زوجي الهدايا؛ فأقوم بتطبيق خطتها»!
كما بين النساء، يبدأ الزبون في سرد همومه الأسرية إذا كان متزوجاً، أو العاطفية إذا كان شاباً ولديه مغامرات، ويحاول الحلاق أن يقترح حلولاً لمشاكله؛ فقد استطاع مقبل العنزي، موظف، أن يعرف من الحلاق أن شقيقه تزوج «زواج مسيار»، يتابع: «قال لي: هل ستفعل مثل شقيقك؟ فسألته: ماذا فعل؟ فأجابني بالجملة المعهودة: سأخبرك، ولكن لا تقل إنني أخبرتك، وأخبرني بأنه منذ 6 أشهر تزوج بامرأة أخرى، وهي معلمة وأرملة».
في الإمارات: تجميل وأحاديث سياسية!
تتفاجأ حميدة صالح، كوافيرة، أن زبونتها بمجرد أن تدخل وتخلع عباءتها وشيلتها وتسألها كيف حالك، حتى تبدأ بالبكاء، وبعد أن تهدأ، تشتكي من زوجها وأمه اللذين لا تسمع منهما إلا الأوامر، وتعتبر الأوقات التي تقضيها في الصالون الأوقات الوحيدة المريحة لها، والتي تستطيع أن تتحدث فيها براحتها.
غالبية الرجال يدعون أن الحديث مع الحلاق يفترض معرفة طويلة، وأن هذا لا يتم بسبب التنقل؛ فعبدالرحمن شعبان، موظف، يعتبرهم ثرثارين بطبعهم، ومن الممكن أن يفشي أحدهم الحديث الذي تحدث به أمام الآخرين.
لكن وليد محمود، حلاق، يمرّ عليه يومياً رجال، لا تتجاوز كلماتهم العشر، ومنهم من لا يصمت، هذا يتحدث عن عمله وكيف تمكن بذكائه من إقناع مديره بتعيينه مسؤولاً بعد أن كان مهدداً بالاستغناء عن خدماته، وآخر يسرد قصص حبيباته وكيف استطاع بلسانه المعسول أن يجعلهن يقعن بغرامه دون أن تشعر الواحدة بوجود الأخرى، هذا عدا المشادات بسبب المواقف السياسية، يتابع وليد: «وصف زبون الرأي الآخر بأقذر ما يمكنه، بأقذر الأوصاف؛ فثار الأخير؛ مما استدعى تدخلنا لتهدئة الرجلين، لكنهما بعد أن خرجا من الصالون أكملا مشاجرتهما في الشارع؛ لتنتهي في مركز الشرطة».
في الكويت: أماكن للطب النفسي
الأحاديث عن الرجال، هي الأكثر تداولاً بين الكوافيرة وزبوناتها، وأحياناً باعتراف مديرة أحد الصالونات، وفاء غندور، تتشارك نساء الصالون في حديث مشترك، وعندما سألت إحدى الزبونات زبونةً أخرى: هل أنت متزوجة؟ فردت عليها: بل مطلقة حديثاً؛ فشاركت باقي النساء بالتعليق: «برافو عليك»، أما عن الأكثر ثرثرة بين الجنسين؛ فترى أن النساء يتفوقن على الرجال بما نسبته 70%، تتابع وفاء: «أتتني زبونة قد طلقت حديثاً؛ فبدأت تشكو وتبكي، وبعد أن انتهت؛ سألتها عن طلباتها؛ فشكرتني وخرجت دون أن تطلب أي طلب».
قد يصل الأمر بزبونة إلى أن يدب الحماس بها، وتجري ماكياجاً لزبونة أخرى، دون «إحم ولا دستور» على رأي إحدى صاحبات الصالون؛ فتعجب الزبونة الأخرى بعملها، وتطالب صاحبة المحل بالتمسك بها.
كثيرات يرتبطن بصداقة مع صاحبة الصالون؛ فيأتين صباحاً لشرب القهوة ومجرد الزيارة.
في لبنان: سيرة الحموات
في الصالونات يتبادلن الثرثرة والأحاديث حول الزوج والأولاد والحماة، فبرأي أمل عماري، سيدة منزل أنه لا مكان أفضل من هذا المكان للحديث عن مثل هذه الأمور، خاصة وأن معظم السيدات تعانين من نفس المشاكل والهموم، تعلّق: «أشعر براحة نفسية مع السيدات في الصالون».
لهذا تعبر منال جعفر موظفة، عن ارتياحها كثيراً عندما تقصد صالون التجميل، والوقت الذي نقضيه لا يخلو من تناول قصص عائلية، ومسائل شخصية تمر خلال الأحاديث، تتابع: «في إحدى المرّات كنت أتحدث لإحدى السيدات عن حماتي وعن تصرفاتها البشعة معي، ولم أكن أعلم أن جارتها موجودة إلى جانبي، فلم تلبث هذه الجارة إلا أن نقلت كل الحديث لحماتي، ما تسبّب بأزمة عائلية بيني وبينها وبين زوجي لم تحلّ أبداً بسهولة، ومنذ ذلك الوقت أصبحت آخذ الحيطة والحذر في كل أحاديثي».
أحاديث الرجال في صالونات الحلاقة تختلف تبعاً لاختلاف الطبقات الاجتماعية التي ينتمون إليها، كما يؤكد علاء وهبي، صاحب صالون حلاقة للرجال، فالأحاديث التي يتداولها رجل الأعمال أو التاجر ليست نفسها التي يتداولها الموظف، أو الشخص العادي الذي يملك قدراً معيناً من الثقافة. يتابع: «أبرز المواضيع المتداولة هي السياسية والاقتصادية، وأحياناً الرياضية إذا كان هناك أي مناسبة لها، وقد يتعرضون لمواضيع النساء، بغض النظر عن الأشخاص الموجودين في المحل، وهي أحاديث، غالباً ما تجرح الأخلاق العامة والأدب».
الرأي الاجتماعي
العلاقة بين العاملة في الصالون النسائي وزبوناتها قد تتحول إلى صداقة فيما بينهن، وقد يتم تبادل للمنفعة، في السعودية، برأي الأخصائية الاجتماعية من كلية العلوم بالمنطقة الشرقية منال أحمد، التي ترى أن صاحبات هذه المهنة يجعلن الزبونات يرغبن بالحديث معهن دون شعور، تتابع: «يحاولن تزويدهن بالحلول المناسبة، وأعتقد أن هذه الظاهرة موجودة في أغلب المجتمعات».