قارب شهر رمضان الفضيل من منتصفه ومازالت أقلام الكتّاب والنقاد وألسنة المشاهدين المستاءة تنهش في لحم مسلسلات كثيرة متهمة إياها بالإسفاف وبانتهاك حرمة شهر رمضان الفضيل وبالتحريض على ارتكاب المعاصي بدون خجل ، وكأن العالم العربي أصبح كباريه كبير. في حين أنه بإمكان العمل الدرامي الجيد أن يوحي بالسلبيات بدون عرضها بطريقة فجّة أو استعراضية. وكان من المفترض بالقائمين عليها أو الفضائيات التي تعرضها أن تضع عبارة "للكبار فقط" أي يلزم المراهقين والمراهقات بحضورها مع الأهل ومناقشتهم بتأثيرها عليهم، كما فعل مسلسل "موجة حارة" العام الفائت. وطالب المشاهدون والنقاد الفضائيات العربية بعدم عرض هذه النوعية من الأعمال في رمضان وعرضها بأي شهر من الأشهر الأحد عشر في السنة،فما هي هذه الأعمال؟
"كلام من ورق" و"إتهام" معالجة مختلفة للدعارة
لا شك بأن المخرج محمد سامي عندما اختار العمل مع هيفاء وهبي، اختار أن يدخل بقدميه عش الدبابير بعد منع فيلمها "حلاوة روح" في مصر ودول خليجية عديدة،واختار بإرادته نصاً صادماً وغير تقليدي كتبته ورشة كتابة على مقاس هيفاء وهبي وجمالها. فجعلها حورية عالم الدعارة غير البريئة التي يحوم زعماؤه حولها ويفوز بها أديب (أشرف زكي)،وامتلأت حلقاته الأولى بمشاهد القتل وشرب الخمر والرقص وتجارة الجسد والحب غير الشريف حيث يبيع الحبيب حبيبته لمن يدفع ثمنها كعماد (حسين الإمام) الذي يحب جمانة (روجينا) وفرج (أحمد زاهر) الذي يحب كارين (ندى أبو فرحات) وناصر الطيار (ماجد المصري) الذي يحب حبيبة (هيفاء وهبي) لكنه يجرها إلى عالمه الملوث ولا يعترض زواجها من صديقه وشريكه السري أديب (أشرف زكي).واتهم أحد الكتاب بأن القنوات التي تعرض هذا النوع من الأعمال قنوات بلا شرف لأنها تغذي في الجيل الجديد ثقافة اللاأخلاق عبر الدراما الهابطة البراقة بالصورة والنجمات الجميلات والهابطة بالمضمون والإيحاءات والأفكار،ومازاد من حدة الهجوم عليه من كل جانب سطحية النص، وعدم معالجته الجادة لقضية الإتجار بالبشر التي من ضمنها الإتجار بجسد المرأة بالإكراه والتهديد المسماة بالدعارة. وبدا مسلسل "إتهام" تأليف الكاتبة اللبنانية كلوديا مارشيليان وإخراج فيليب أسمر وبطولة ميريام فارس أكثر إحتراماً لحرمة شهر رمضان الفضيل منه حيث عالجت الكاتبة قضية الدعارة ذاتها، لكن بأسلوب أكثر عمقاً وجدية ورقياً بالمعالجة الدرامية والحوارات من "كلام على ورق". فأبرزت الظلم المجتمعي الذي يقع على الفتيات اللواتي يتم الإحتيال عليهنّ وإكراههنّ على ممارسة هذه المهنة القذرة، ووسائل التصدي لها عبر تضامن المجتمع مع البريئات منهنّ مثل ريم (ميريام فارس) ومساعدتها على تبرئة نفسها وإنقاذ ضحايا أخريات دون اللجوء إلى الإسفاف أو المصطلحات البذيئة. فمجرمو اليوم وبالأخص زعماء الدعارة أكثر لباقة ووسامة وثقافة من زعماء أمس،ولهم ألف وجه وألف لسان.
الموضوع واحد ألا وهو الدعارة في المسلسلين. لكن الفرق بينهما أن "كلام من ورق" أظهر الشكل الجذاب اللامع للدعارة لا تأثيراتها السلبية المدمرة على المجتمع أو على الضحايا ،و"إتهام" أظهر مضمونه وتأثيراته ونتائجه،ولا شك بأن كون كاتبة نصه امرأة،أكثر إحساساً بهموم بنات جنسها من ضحايا هذه التجارة العالمية الشائكة التي تحاربها الدول ومنظمات المجتمع المدني وجمعيات حقوق المرأة، لعب دوراً كبيراً في أن يكون للنص عمق وبعد إجتماعي واضح من حلقاته الأولى لغاية هذه اللحظة. وما ساعد على ذلك عدم تدخل ميريام فارس بالنص،وعدم إستغلالها جمالها ونجوميتها في العمل على حساب زملائها أو زميلاتها ما أضفى واقعية على الأحداث،وحقق هدفاً من خلال ضرورة التضامن مع ضحايا الإتجار بالبشر وتأهيلهنّ نفسياً وتمكينهنّ مادياً للعيش بكرامة في مجتمعهنّ من جديد. لكن احتواءه على مشاهد شرب الخمر والإعتداء على صديقة ريم،ومشاهد أخرى تجعله مناسباً لمن هم فوق الـ 18 عاماً لكنه عمل راق يسهم في توعية الفتيات بطرق حماية أنفسهنّ من عصابات الإتجار بالبشر،وعدم الوقوع في فخ الإغواء أو إغراء المال السريع.
"دكتور أمراض نسا" يثير استياء أطباء النساء في مصر
وأثار مسلسل "دكتور أمراض نسا" لبطله مصطفى شعبان استياءً شعبياً عاماً في مصر، وبالأخص استياء نقابة الأطباء المصريين حيث أعلنت نيتها في تقديم شكوى إلى النيابة بهدف إيقاف عرضه متهمة إياه بتشويه سمعة أطباء أمراض النساء في مصر،والطبيب لا يملك إلا سمعته ، لعمله في مهنة حساسة. والشك بأخلاقياته يدمره، حيث يؤدي مصطفى شعبان دور طبيب أمراض نساء زير نساء ومحبوب من مريضاته والممرضات والفتيات. وفي ليلة دخلته يطلق زوجته بعد أن تصفه بالحمار أمام المدعوين بعد أن تسبّب بإيقاع الشراب على فستانها، ويتعاطى مخدراً، ويفقد توازنه، ويلتقط امرأة من الشارع، وحين ناقش برنامج "العاشرة مساء" على قناة دريم المصرية القضية مستضيفاً أحد الأطباء والممثلة حورية فرغلي التي مثّلت دوراً هاماً فيه، دافعت عن العمل، وطالبت بفصل مهنة الطبيب عن شخصيته الإنسانية،لأن لا أحد يعرف الوجه الآخر لهذا الطبيب ،فمثلما يوجد طبيب منحرف،يوجد أطباء محترمون. والبعض طالب بغضّ النظر عن المشاهد غير اللائقة، بحكم أنه مسلسل كوميدي ليس إلا.
واتهم بأنه يصور الأطباء على هذه الشاكلة،كما استعان بطريقة غير مبررة بسبحة كبيرة لإظهار توبته من مطاردة النساء وإقامة علاقات معهنّ عند نيته الزواج،ويردد طوال الحلقات بطريقة ساخرة: لقد تبنا إلى الله.
"سجن النسا" بالإجماع أصدق مسلسل إجتماعي في رمضان 2014
المسلسل الإجتماعي "سجن النسا" المأخوذ عن مسرحية "سجن النسا" للكاتبة الراحلة فتحية العسال التي سجنت كثيراً في حياتها،وشهدت تصويره لكنها لم تشهد عرضه، لم يشفع له تحقيقه أعلى نسبة مشاهدة،وأكبر نسبة إنتشار في الفضائيات المصرية العربية حيث أسهم نجاح مسلسل "ذات" للفريق ذاته تسويقاً جيداً لـ "سجن النسا" حيث انتقد كثيرون جرأته وكشفه عالم السجينات اللواتي يقضين عقوبة السجن جراء عملهنّ في الدعارة وتجارة المخدرات والسرقة والقتل. كما كشف الستار عن عالم سجن النسا القائم بذاته داخل العالم الخارجي، والذي يقوم فيه أيضاً على القوة والمحسوبية والرشوة كالعالم الخارجي تماماً، حتى أن بعض السجينات المصريات أضربن عن الطعام حتى يتم إيقافه لأنه يسيء لسمعة سجينات مصر. لكن النقاد أجمعن على أنه من أصدق وأقوى مسلسلات رمضان 2014 بصدقه وواقعيته ،وهو بالفعل أصدق مسلسل بقصص سجيناته اللواتي أصبحن سجينات بالصدفة تارةً مثل غالية (نيللي كريم) التي بعد أن كانت حارسة السجن،قادها حظها العاثر للوقوع في حب شاب عابث لا شرف ولا ضمير له، أقام معها علاقة بالحرام، وتزوج غيرها ليسترها بعد إغوائها ومواقعتها بالحرام طمعاً بمال والدها راضي صاحب معرض ميكروباصات ،وبعد وفاة زوجته عاد إلى غالية،وصار ينهب أموالها أولاً بأول،ويخونها مع صديقتها،وحين يزوره حماه لأخذ أقساط الميكروباص منه، يشهد شجاراً حاداً بينه وبين زوجته غالية، ويحملان بيدهما موس كباس، يقترب منهما خلال عراكهما فيدخل الموس عنقه بالخطأ ويقتل. فيهرب زوج غالية (أحمد داود) من المكان، وتتهم زوجته غالية بجريمة القتل، وتدخل السجن كسجينة هذه المرة لا كحارسة. فكيف ستعاملها الحارسات والسجينات؟
ويعدّ هذا العمل أصدق وأفضل عمل إجتماعي في رمضان 2014 ولوحة درامية متكاملة نصاً وأداءً وإخراجاً.
"السبع وصايا" نص جريء يخترق التابوهات والخطوط الحمراء
من حلقته الأولى استقطب المشاهدون بقصته الجامعة للواقعية والخيال في نص محكم غني بالأبعاد الدينية والنفسية لإخوة أخرجهم طمعهم من نعيم الحلال وفردوسه، من تأليف محمد أمين راضي وإخراج المخرج خالد مرعي اللذين حققا أيضاً في عام 2013 نجاحاً لافتاً بمسلسلهما غير التقليدي "نيران صديقة"، وأثار مسلسل "السبع وصايا" الكثير من الإعجاب الجماهيري والنقدي والقليل من الإستياء حيث تدور أحداثه حول سبعة أشقاء يقتلون والدهم سيد ليرثوه رغم أنه على وشك الموت. إلا أن تشكيكه بأبوته لستة منهم واعتباره بوسي فقط إبنته الشرعية، يدفعهم إلى تعجل موته. لكن اختفاء جثته الغريب يدخل شقيقتهم بوسي (رانيا يوسف) السجن. فيهرب الأخوة الستة إلى مدن بعيدة،ويرتكبون خطايا أكبر. وقد حقق العمل المعادلة الصعبة بحصده إعجاب الجمهور والنقاد معاً لكنه في الوقت ذاته أثار استياء البعض،لاحتوائه كمّا هائلاً من مشاهد البلطجة والشعوذة والممارسات اللاأخلاقية من تبرع صبري بالحيوانات المنوية لنساء حتى يحملن من غير أزواجهنّ،والدعارة، والشذوذ حين تحاول إحدى السجينات إقامة علاقة شاذة مع بوسي لكنها ترفض، وما إلى غير ذلك ، ما يضعه في خانة "أعمال للكبار فقط".
"صرخة روح2" صور الخيانة الزوجية
مسلسل واقعي يطرح في خماسيات تلفزيونية صوراً للخيانة الزوجية وكيفية وقوعها من طرف الأزواج والزوجات بطرق ووسائل مختلفة، ما يجعله غير مناسب متابعته سوى للكبار فقط. وتقوم ببطولته نخبة نجوم سوريا من بينهم: بسام كوسا، أيمن زيدان، عباس النوري، مديحة كنيفاني وهبة نور.
"سرايا عابدين" حريم وجواري وعلاقات مفتوحة
مع أنه مسلسل تاريخي بالشكل والمضمون، إلا أن تركيزه على حياة الخديوي اسماعيل النسائية من خلال زوجاته وجواريه، وخلوته بهنّ، وتبادل الخدم للعلاقات غير الشرعية حتى في عنبر الرجال، واستغلال طبيب القصر معرفته سر نخلة الفتاة المتخفية ما يجعله يعتدي عليها وقتما يشاء ، والدسائس ووضع السم في شطائر الطعام، وغيره من مشاهد قد تحفّز المراهقين والمراهقات على تقليده، يجعله حصرياً للكبار فقط وبالأخص في شهر رمضان الفضيل.
14/30 عين على الشاشة: مسلسلات للكبار فقط
- مشاهير العرب
- سيدتي - سميرة حسنين
- 13 يوليو 2014