وسقطت ورقة التوت الأخيرة. كان يتمسكن ويداهن حتى يصل. كان همه الوصول بغض النظر عن الوسيلة. لديه استعداد لبيع أي شيء في سبيل الوصول. ما أرخص الحياة حين تموت المبادئ. ما أتفه الحياة حينما تغيب القيم.
مسكين هذا الشخص الذي يتنكّر لماضيه وينقلب على من حوله، ويجحد من وقف معه في سبيل أن يحقق غايته. هو من داخله جبان وضعيف. يدرك أن كل ما يحصل عليه ليس لأنه يستحقه، بل لأنه مارس كل الأدوار الرديئة والملتوية كي ينال ما يسعى إليه. ينسى أن الأشياء تنتهي قيمتها بمجرد حصولك عليها، ويبقى الصراع بين الصدق والزيف.
هويعرف أن الطريق الذي اختاره صعب، فيه الحلول الوسطى. لذلك يواصل المسار مغمضاً عينيه عن كل الحقائق.
مشكلة المزيفين أن انتصاراتهم وهمية، ولديهم قدرة في إدارة الخداع وتزيينه ، ويتوقعون أن يستمر. لكنهم ينسون أن لكل زيف نهاية، كما أن لكل نهاية سبب. تجدهم قلقون لأنهم لا يعرفون أنفسهم. مصطنعون حتى من دون سبب، لأنهم لا يريدون أن يكونوا أنفسهم. هم يتفنّنون في ارتداء كل الأقنعة ما عدا وجههم الحقيقي.
لا يضيرك هؤلاء.إنهم أجسام عابرة. نقوش مؤقتة. لا تندم على ما قدمت، فالعطاء طبع الكرام. والزمن وإن بدا لك أنه فقد البوصلة واتجه للطريق الخطأ، فتأكد أن العدالة تأخذ طريقها. ما يميز الكبار أنهم لا ينتظرون رد العطاء. هم يعطون لأن هذا ديدنهم. هم ينسون ما يقدمون لأن هذه هي حياتهم. محطات عطاء وعفة عن الأخذ. أجمل ميزة في سقوط المزيفين وانقشاع الأوهام، أنها تكشف معدن الكبار.
اليوم الثامن:
… لا أمنّ العطاء
لكنني أستغرب النكران