لا تستطيع الدراما السورية ولو أرادت، التنصل من الأزمة السورية وإسقاطاتها على الشعب السوري والمجتمع السوري في الوطن أو المغترب أو المنفى القسري للنازحين في محاولة منها نقل وجهة نظر الجهة المنتجة للأزمة السورية، سواء كانت وجهة نظر منحازة للشعب أو للإبداع أو للنظام المستمر بدعم الدراما السورية عبر المؤسسة العامة للإنتاج الفني والإذاعي، لهذا فإن الأزمة السورية حاضرة بقوة بطريقة مباشرة وغير مباشرة بهذه الأعمال السورية والعربية:
"حلاوة الروح" الأزمة السورية من وجهة نظر إبداعية
يعتبر مسلسل "حلاوة الروح" للكاتب رافي وهبي والمخرج شوقي الماجري والمنتجة رولا تلج العمل الأكثر معالجة للأزمة السورية من وجهة نظر إبداعية حرة غير منحازة لأي طرف من الأطراف سوى الشعب الضحية الذي يقتل دون ذنب أرتكبه من جيش النظام ومن الجماعات المسلحة المختلفة الولاء، بل ويحاول كشف القناع عن بعض الجماعات المتسترة والمتاجرة بالدين حيث تقع الإبنة الإعلامية سارة (دانا مارديني) تحت تأثير اسماعيل (مكسيم خليل) فيقنعها بالسفر معه إلى سوريا لتصوير فيلم تسجيلي لصالح جماعته وتقع في أسر جماعة متشددة دينياً يستغل أفرادها منصب والدها جمال جادالله (خالد صالح)، ويطلبون منه فدية مقابل إطلاق سراحها بينما يحاول اسماعيل إنقاذها دون جدوى،فأرض الحرب قد يدخلها المرء بإرادته لكنه لا يستطيع الخروج منها سوى بإرادة الله والمنظمات المسلحة التي يسيطر كل منها على حصة من أراضي مناطق الصراع والقتال،وهذه الجماعات التي تتعارض رغباتها وسياساتها مع رغبات الشعب وإرادته.
ويحسب للمخرج شوقي الماجري رؤيته الإخراجية الجادة والمرهفة إنسانياً التي تحاول توثيق ما يحدث في سوريا بعين الإبداع وبعين إنسان غير منحاز سوى لإنسانيته في زمن أصبح للسلطة والكرسي قيمة أعلى من قيمة الإنسان وحياته.
"القربان" معالجة إنسانية ناضجة كتبها أصغر الكتاب سناً
حظي مسلسل "القربان" الإجتماعي بنسبة مشاهدة عالية من قبل السوريين لمعالجته الدرامية الإنسانية الناضجة التي كتبها أصغر الكتاب والسيناريست سناً رامي كوسا وأخرجها بتميز علاء الدين كوكش وقام ببطولة قصته نخبة نجوم سوريا: رشيد عساف وأمل عرفة وسامر اسماعيل ووفاء موصلي، حيث تدور أحداثه في فترة ما قبل اندلاع الأزمة السورية في عام 2010 حيث يتفشى الفساد في المجتمع ويصل إلى كبار أعضاء مجلس النواب والمسؤولين ممن يصبح البسطاء قرابين لهم ، تسفك دماءهم وحياتهم ثمناً رخيصاً على مذبح طموحهم الملوث ليصلوا إلى أعلى المناصب وأكبر الثروات ما يهيّء كثيرين للثورة بحثاً عن العدالة والكرامة.
ويشارك فيه سامر اسماعيل الذي قام عام 2013 الفائت بدور الفاروق عمر، وتراجع هذا العام ليشارك ببطولات جماعية في أعمال سورية من أهمها: القربان، ما يعني أن نجاح العمل الكبير عربيا لم يفده هو شخصياً بدليل عدم استثمار المخرجين له بأدوار بطولة أولى خاصةً وأن نجاح المسلسل الديني لم ينعكس إيجاباً عليه لكون فنان آخر هو الفنان الأردني أسعد خليفة شاركه بالبطولة صوتياً لامتلاكه صوتاً جهوري قوي في إيقاعه تعبير وهيبة.
"الحب كله" قصص بشر تطحنهم ماكينات الحرب بلا رحمة
"الحب كله" مسلسل إجتماعي واقعي حيث تطرح كل قصة في خماسية تلفزيونية يخرجها مخرج مختلف في كل خماسية، وحازت خماسية "الحافلة تسير" للمخرج غسان جبري المتابعة والإعجاب وهي من بطولة: وائل رمضان وعبير شمس الدين وتدور حول مخرج شاب (وائل رمضان ) مخلص لوطنه وبلده،ويعيش وحيداً مع نجله الصغير الذي يضطر إلى وضعه أمانة لدى جارته الحسناء (عبير شمس الدين) التي تكتشف اعتداء زوجها على خادمتهما القاصر وحملها منه فتقف إلى جانبها، وترفع عليه دعوى خلع، وترفض السفر معه وإبنهما إلى دبي، للبقاء في الوطن وكذلك يكون الموقف ذاته للمخرج رغم موت صديقه على يد جماعة متشددة مسلحة، طلبت فدية مقابل إعادته، فوصلتهم الفدية غير كاملة جراء أوضاع أهله ومحطته الصعبة فأعادوه مقتولا برجل مقطوعة، ورغم القتل والموت والخطف، حافلة الحياة والحب تسير كالعادة في سوريا ودمشق، وقود حافلة الحياة، الحب كله.
ونجح نجوم الخماسيات بأدائهم الطبيعي في إرسال رسالة خاصة في كل خماسية منفصلة منه.
وهذه الرسائل طبيعية فيه كون العمل من إنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الفني والإذاعي، ويعرض على شاشة سوريا دراما.
"طوق البنات" مسلسل بيئة شامية
تميز مسلسل البيئة الشامية "طوق البنات" للكاتب أحمد حامد والمخرج محمد زهير رجب عن مسلسلات البيئة الشامية الأخرى بإنصافه المرأة الشامية ، وإظهارها امرأة حرة صاحبة قرار في الدفاع عن وطنها ضد الإحتلال الفرنسي، وذلك من خلال عائلة أبو طالب (رشيد عساف) زعيم حارة القنوات الذي يفدي أهل بلده بحمل تهمة لم يرتكبها لفك الحصار عن حارة القيمرية، فتصادر أملاكه ويطارد الإحتلال زوجته وابنتيه (تاج حيدر) و(روعة السعدي) حيث تقرران الثأر لوطنهما ووالدهما بتسديد ضربات ضد العدو فتتلثمان، وتقتحمان بيوت ضباط الإحتلال، وتصبح انتصاراتهما البطولية قصة أهل الشام ورجالها الذين يتحمسون لقتال الإحتلال حتى لا يقال أن صبايا الشام أرجل من شبابها، وفي هذا الطرح، دعوة للفتيات السوريات المعاصرات للإقتداء بهن في الدفاع عن وطنهن جنبا إلى جنب مع الرجال، وفيه إسقاط معاصر حيث يدعو الجيش السوري الفتيات للتجنيد بأقسام مختلفة حتى ممن لا يحملنّ شهادات عالية، ويحسب لهذا العمل إنه الوحيد الذي أعطى المرأة السورية حق قدرها وتفرد بتقديره لها عن مسلسلات البيئة الشامية الأخرى التي تظهر المرأة الشامية جارية لا حضور لها ولا إرادة مثل: مسلسل (باب الحارة6) و(حمام شامي).
"ضبوا الشناتي" مسلسل سياسي بإطار كوميدي
بنص واقعي إنساني غير تقليدي للكاتب الدكتور ممدوح حمادة وللمخرج ليث حجو يطرح المسلسل الإجتماعي أزمة سوريا السياسية بإطار كوميدي صرف، واختارا لبطولته نخبة نجوم الكوميديا في سوريا وعلى رأسهم: أيمن رضا وأمل عرفه وبسام كوسا وخالد القيش ونادين تحسين بيك وفايز قزق وضحى الدبس حيث تدور أحداثه حول أسرة سورية عادية الذي يقرر جميع أفرادها الرحيل عن بلدهم سوريا بحثاً عن الأمن والسلام وهربا من موت مجهول يحوم حولهم عبر حواجز النظام والجماعات المسلحة والجيش الحر، وفي كل حلقة قصة مختلفة ، ففي كل مرة يضبون فيها الشناتي، تعترضهم قذائف الهاون، ورصاص القناص المتربص بهم، ىوفي آخر محاولة، يقف لهم القدر بالمرصاد حيث تترصدهم قذائف ورصاص الجماعات المسلحة، فيحتمون بمتراس جنود النظام الذين لا حول ولا قوة لهم ببنادقهم العادية لكن غناء أمل عرفه العذب يوقف القصف المتبادل، فيتحول ضرب الرصاص لعزف موسيقي مساند لغنائها،,وعندما يغني الطبيب النبيل (خالد القيش) الذي يؤسس جمعية نبلاء الحرب الذي يعالج الناس مجاناً ليكون أحدهم،يعود القتال حاميا من الجهتين، فيوقفه شقيقها لأنه وحّد النظام والجيش الحر ضد صوته.
ورغم الحرب وقسوتها تستمر العائلة في الحياة والحب والغناء وتقديم العون للجيران والغرباء بدون تردد، ففكرة الرحيل التي يفشلون كل حلقة في تنفيذها تنقلهم إلى مرحلة جديدة من الحياة التي تأبى الإستسلام للموت أو لليأس.
وقد تعرض نجومه لهجوم قذائق الهاون بالفعل ونجوا منه بأعجوبة، وواصلوا التصوير بعد ساعة من وقوع القذائف، فالحياة بسوريا مستمرة ومن بينها عجلة الأعمال الفنية التي تعكس بواقعية حتى في الأعمال الكوميدية ما يحصل على أرض الواقع لكن ضمن لوحات الكوميديا السوداء.
وشارك دريد لحام كضيف شرف خفيف الظل بالحلقتين الـ18 والـ 19 حيث يحل ضيفاً على الأسرة وهو وحيد بدون أسرته، ومعه هاتف لا يعرف سر صمته، فيستضيفونه، ويضعون له كرت الهاتف، ويساندونه حتى يطمأن على أبنائه وبناته، فالحرب تضيع الأحباب عن أحبابهم لكن شهامة أهل الشام تجعل الطيين منهم أحبابهم الجدد، والأمل هو متراس الشعب ضد ماكينات القتل والنهب لأراضي الوطن.
ورغم إنه من أجمل وأرقى المسلسلات الإجتماعية الكوميدية السورية إلا أن توقيت عرضه وتسويقه ظلمه حيث لا يعرض سوى على قنوات محدودة جدا من بينها (LDC) اللبنانية ، ويستحق من الجمهور العربي متابعته في الأيام المقبلة.
"بقعة ضوء10" حكايا الشعب السوري برؤية ساخرة
يواصل المسلسل الإجتماعي الساخر "بقعة ضوء" للمخرج عامر فهد وكتابة عدد من الكتاب نجاحه المثير للإعجاب بالرغم من خروجه من رحم مسلسل "مرايا" لياسر العظمة الذي توقف إنتاجه من فترة،وكلا العملين نجح باللوحات الدرامية القصيرة إلا أن بقعة ضوء تميز عن "مرايا" بجرأته الإجتماعية والسياسية، وفي لوحات الجزء العاشر منه عدة لوحات درامية مستوحاة من الواقع السوري الجديد حيث يستغل الإعلام والناس الموت بصور مختلفة ، ففي لوحة درامية جميلة قام ببطولتها النجوم: باسم ياخور وعبد المنعم العمايري وأندريه سكاف، تشتري قناة إعلامية خاصة يديرها باسم ياخور الحق الحصري بنقل مراسم جنازة شاعر شهير مقابل 10 مليون ليرة سورية فيصدم صاحب ومدير المحطة بالرقم، ويرفض العقد لكنه يستغل التغطية الإعلامية للمراسم ويحشيها بالإعلانات التجارية الرخيصة في الشارع خلال تصوير الجنازة، فتزول هيبة الموت، وقيمة الشاعر أمام قيمة المال والتجارة، وهذا هو حال الكبير حين يموت في سوريا، بالإضافة إلى لوحات أخرى فيها كثير من الإسقاطات السياسية والإقتصادية الجريئة، فرغم الحرب مازالت الحكومة السورية تشجع الدراما السورية بمنحها روح الجرأة بدون تدخل الرقيب الحكومي في عملها، ويلحظ زيادة جرعة المعالجة الدرامية في الأعمال التي تنتجها المؤسسة العامة للإنتاج الفني والإذاعي عن غيرها لضمانها موافقة الرقيب الحكومي الذي يتفهم حاجة المشاهد السوري الصامد في البلد لمتنفس ما يتنشق منه القليل من هواء الحرية والأمل والنقد بلا حدود، وما دامت جرأة فنية غير مسلحة سوى بالأمل فلا تشكل خطراً على أحد.
"بواب الريح" لإغلاق الأبواب أمام ريح الأعداء الخارجية
وبرز مسلسل البيئة الشامية "بواب الريح" للكاتب خلدون قتلان والمخرج المثنى صبح وبطولة نجوم سوريا: دريد لحام وغسان مسعود وإمارات رزق ومصطفى الخاني وجيني إسبر كأفضل مسلسل بيئة شامية تدور أحداثه في منتصف القرن التاسع عشر حيث تدور حرب طاحنة بين أهل الشام الوطنيين ضد الحكم العثماني والباب العالي، ويتصدر المشهد الدرامي هاشم آغا (غسان مسعود) قائم مقام دمشق الذي يدعم ثوار الشام سراً ويدعو في إحدى حلقاته إلى سد أبواب الريح أمام الريح الآتية من الخارج ليستريح الجميع في إسقاط معاصر للتدخلات الخارجية في الأزمة السورية التي أسهمت في استمرار الأزمة السورية وعدم حلها سلمياً لعودة الأمن والإستقرار،ويحظى العمل بثناء نقدي وشعبي، ويعرض على عدة قنوات عربية من بينها قناتيّ: الفلسطينية ودنيا.
تابعوا أيضاً:
أخبار المشاهير على مواقع التواصل الإجتماعي عبر صفحة مشاهير أونلاين
ولمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر تويتر "سيدتي فن"