على الرغم من الظرف السيئ الذي تعيشه غزة، فإن نساءها حرصن على متابعة أحداث مسلسل «باب الحارة»، ما استطعن لذلك سبيلاً، وعلى شكل متقطع؛ بسبب عدم توافر الكهرباء في البيوت الغزية في موعد عرض المسلسل، ولكن كثيرات منهن اعترفن بأنهن يقمن برفع الحلقات من الإنترنت ومشاهدتها؛ لمتابعة مغامرات «أبو عصام» بعد عودته، وأعراض مراهقته المتأخرة، ولسان حالهن يقول العبارة التي رددها الفنان محمد هنيدي: «الرجالة لما بيكبروا بيتهطلوا...».
الزواج الثاني لرجل في سن «أبو عصام» يعتبر ظاهرة في غزة، تعاني منها الزوجات ويقبلن بها صاغرات، حيث أصبح من الطبيعي أن يُقبل الزوج -الذي ربما أصبح جداً ولديه عدد كبير من الأحفاد- على الزواج الثاني واختيار زوجة صغيرة في العمر، وإعادة قصة مكررة استهلكتها الدراما العربية، ولكنها أضحت واقعية في غزة، والتي كانت وحتى زمن بعيد تقدس الحياة الزوجية، وتراعي الإخلاص والولاء للعائلة والزوجة الأولى «أم الأولاد»، وتكرمها وتخصها بمكانة عالية، خاصة إذا كانت قد أنجبت عدداً من الذكور، وحتى لو نالت منها الشيخوخة وولت زهرة شبابها.
نساء غزة قمن بالسخط على «أبو عصام» في باب الحارة؛ حين تزوج بالفرنسية «ناديا»، ولم يخفين استياءهن من هذه الظاهرة المكررة عربياً عامة، وفلسطينياً خاصة، والتي أدت لخراب بيوت كثيرة في غزة، وأسبابها كثيرة، أهمها البطالة، وإدمان الأزواج لموقع التواصل الاجتماعي غالباً، ورغم تقبل النساء الغزيات للأمر في البداية، إلا أن ذلك لم يمنع حدوث مشاكل مستقبلية تصل للمحاكم، وأعراض نفسية تصيب الزوجة الأولى، التي تجد الرثاء والتعاطف ممن حولها، بعكس الزوج الغادر وزوجته الجديدة.
منى، سيدة أربعينية، أعربت عن استيائها من غفلة «أم عصام»، وقالت: «تستطيع الزوجة أن تكتشف خيانة زوجها من رائحته، كيف استطاعت أن تعيش في غفلة مع (أبو عصام) وهو يخون إخلاصها وولاءها له، بدليل أنها نذرت كل أملاكها للفقراء لو منّ الله عليها بعودته، فهل هذه المكافأة التي تستحقها؟!».
أما الأخصائية الاجتماعية نعمات شمالي، فقد أعربت عن تلقيها الكثير من التعليقات من نساء على موقف «أبو عصام»، واللاتي انقسمن ما بين مقاطعة المسلسل، أو متابعته وانتظار نهاية مؤسفة للزعيم الذي سيقع في شر أعماله.
لسان حال نساء غزة عموماً يتوقع من مخرج المسلسل أن ينصفهن، وأن ينال «أبو عصام» جزاء عادلاً وكافياً في الحلقات القادمة؛ لأن زواجه من عميلة جعل من جرمه جرمين، فهل يستجيب المخرج بسام الملا لتطلعات نساء غزة المقهورات، واللاتي شربن من كأس «الضرة»، واللاتي يتابعن المسلسل، رغم ظروف الحرب القاسية؛ لأن المرأة تبقى أنثى في أي حال.