تفاجأ المرأة بعد الزواج بأن زوجها بارد بمشاعره، أو أنه لا يهتم بها، وتظن المسكينة في بداية الأمر أنه مشغول، أو أن طبيعته هكذا، ولكن مع البحث، أو عن طريق المصادفة، تكتشف أنه كان لا يرغب بالزواج منها، وأجبر على ذلك من قبل الأهل لأسباب مختلفة، سواء لرغبة أهله في أن ينسى الفتاة التي كان يصر على الزواج منها وهم يرفضون، أو أنه لا يستطيع أن يرتبط بفتاة أحلامه لأسباب معينة تمنعه، وحان الوقت أن يستقر؛ فيضطر إلى الزواج من امرأة تنجب له الأبناء من دون مشاركته بأي شيء سوى وجوده في المنزل ملتزماً الصمت، ولا ينسى المرأة التي أحبها وأراد الارتباط بها، وإذا سمحت له الفرصة بعد أعوام بأن يتزوجها فسيفعل.
«سيِّدتي» التقت نساء تحدثن عن تجربتهن مع أزواجهن؛ حيث اكتشفت كل منهن رغبة زوجها بالزواج من امرأة أخرى قبلها، كما التقت بأزواج كانت لهم تجربة مماثلة، وكان لنا هذا التحقيق...
• حاولت أن أجعله ينسى لكنني فشلت
زينب حسان «ربة بيت وأم لابنة واحدة»، تقول: «تزوجت زواجاً تقليدياً من شخص تقدم إلى أسرتي بعد رؤية عائلته لي في إحدى المناسبات، وتمت الأمور على خير، وعلى مدى 10 أعوام، أشعر بأن زوجي موجود معي فقط بجسده، أما عقله فليس معي، حاولت التقرب منه كثيراً، ولازلت أحاول، لكنه يسمح لي بالحديث في حدود معينة، ولم أسمع منه كلمة جميلة منذ أن تزوجنا، وبالمصادفة عرفت من إحدى شقيقاته أنه كان يحب فتاة كانت تدرس معه عندما كان مبتعثاً خارج المملكة، ولكنها توفيت بحادث سير في بلدها قبل خطبتها، ومنذ ذلك اليوم قرر ألا يرتبط بأي امرأة، ولكن أهله حاولوا إقناعه بالعدول عن رأيه؛ خاصة بعد مضي وقت على وفاتها، وللأسف وقع اختيارهم علي، وكان من نصيبي، وقد تعبت معه كثيراً؛ فهو لا يهتم بي أبداً، وحتى علمت من شقيقته أن ابنتي اختار لها اسم حبيبته التي توفيت، وهو لا يرفض لها طلباً، ليس حباً فيها، ولكن لعشقه اسم المرأة التي أقفل عقله وقلبه بعدها، وأيقنت بعد مضي كل هذه الأعوام أن الرجل لا ينسى أبداً أول امرأة في حياته».
• بعد فشلي معه قررت الانفصال
بينما تقول فوزية أحمد «موظفة في أحد القطاعات»: «تزوجت قبل 6 أعوام بعد أن أنهيت المرحلة الثانوية، وزواجي كان تقليدياً، وبعد زواجنا لاحظت عليه عدم الاهتمام بي؛ فهو لا يجلس معي ولا يحاورني، وعندما أكملت دراستي، ورغم أنه كان لدي طفلي الأول وتخرجت في الجامعة بامتياز، زففت له خبر تخرجي ونجاحي بتفوق، إلا أنه قابل ذلك ببرود، وعندما أطلب منه أن يصطحبني إلى رحلة أو نزهة، يتهرب مع أن إمكاناته ممتازة، وحاولت على مدى هذه الأعوام التقرب منه لكنني فشلت؛ فهو جسد بلا روح معي، وعندما حملت بطفلي الثاني غضب مني ولامني، واستغربت من ذلك؛ فنحن لم ننجب سوى طفل واحد، وساءت حالتي النفسية وأجهضت، وبعدها قررت عدم العودة إليه، وعندما طلبت الانفصال أسرع بإجراء كل شيء، وكأنه كان ينتظر أن أقول له: طلقني، وبعد انفصالنا بأقل من عام، علمت بأنه تزوج من ابنة عمه التي كانت والدته قد اعترضت على ارتباطه بها سابقاً؛ بسبب حالتها المادية، وبعد ذلك فهمت سبب معاملته لي بهذه الطريقة، وهو أن هناك امرأة أخرى كانت عالقة بذهنه وتشغل تفكيره».
• امرأة فرضت علي وأخرى ضاعت مني
زيد خالد «موظف في أحد القطاعات الحكومية»، يقول: «تزوجت من زوجتي بناء على رغبة الأهل؛ رغم علمهم بأنني أحب إحدى الفتيات من أقاربي، ولكن نظراً للخلافات التي كانت بين والدتي ووالدتها، رفضت والدتي أن أرتبط بها، وبعد محاولات فاشلة دامت أربعة أعوام، تزوجت فتاة أحلامي من أحد أقاربها، وقررت أسرتي أن أستقر وأتزوج، وعندما يئست من الارتباط بها خضعت للأمر الواقع، ووافقت؛ فخطبوا لي إحدى الفتيات، وكانت جميلة وزوجة مثالية، وقضيت معها 25 عاماً، وحصيلة هذه الأعوام 5 أبناء، لكنني لم أنسَ المرأة التي أحببتها؛ فالرجل إذا أحب امرأة من قلبه وتمنى أن تكون شريكة حياته ورغب بالارتباط بها لا ينساها، وقبل أعوام توفي زوج قريبتي التي كنت أرغب بالارتباط بها، وكان لديها ابنة واحدة زوجها والدها قبل وفاته، وعادت من كنت أحبها لمنزل أسرتها، وعندما علمت، أصبح حلمي بالارتباط بها يستيقظ من جديد، وقررت أن أتقدم لخطبتها؛ فأرسلت شقيقتي لتتشاور معها، ووجدت أن الحنين كان متبادلاً بيننا، ولم ينسَ أحدنا الآخر، وصارحت زوجتي التي صدمت من تصرفي بعد هذا العمر بالأمر، إلا أنني أفهمتها أنني لا أكرهها ولها الخيار بالبقاء معي أو الطلاق، لكنها فضلت البقاء من أجل أبنائي، وتزوجت، والآن أعيش أجمل لحظات حياتي مع حبيبة الماضي».
• الأهل لا يتفهمون مشاعر الأبناء
أما نواف العنزي «يعمل في أحد القطاعات الحكومية»؛ فيقول: «الرجل لا ينسى امرأة كان يحبها ويتمنى الزواج منها، وعن تجربتي الشخصية؛ فأنا أحببت صديقة شقيقتي التي كانت تتحدث دائماً عنها، وعندما شاهدتها بالمصادفة في منزلنا ازداد تعلقي بها، وأردت أن أتقدم لخطبتها، ولكن عندما واجهت أفراد أسرتي بالأمر رفضوا؛ لأنها ليست من جنسيتي؛ فحاولت إقناعهم، لكن دون جدوى، وبعدها تزوجت الفتاة التي كنت أرغب بالارتباط بها، وقررت مع نفسي ألا أتزوج امرأة مهما حاولت عائلتي الضغط علي، وسافرت إلى أمريكا ضمن بعثة خاصة بعملي، وحصلت على الماجستير والدكتوراه، وبعد تخرجي جاءني عرض وظيفي جيد؛ ففضلت البقاء هناك، وكنت الابن الأكبر في العائلة، ولدي شقيقان وأربع شقيقات، وجميعهم تزوجوا وأنجبوا، وفي كل زيارة أقوم بها لأسرتي يتذمر والداي من وضعي، وكيف أن أشقائي وشقيقاتي الأصغر مني تزوجوا وأنا لم أتزوج، فأخبره بأنهم هم السبب؛ لأنهم منعوني من المرأة التي أحبها قلبي، ومن خلال تجربتي كرجل، أريد أن أوضح أمراً مهماً جداً، وهو أن الرجل لا يستطيع نسيان امرأة كان يحبها حتى لو تزوج وكانت زوجته مثالية ولا ينقصها أي شيء».
آراء الرجال
الصحافي تركي الصاعدي يقول: «كل التجارب والقصص التي تحدث في مجتمعنا، تؤكد أن من يحب فتاة قبل أن يتزوج بأخرى، لا يستطيع نسيانها إطلاقاً؛ لأن قلبه متعلق بها، ولكن الظروف لم تسمح له بأن يتزوجها، إما لأسباب مادية أو اجتماعية، ومن خلال اطلاعي وقربي من أشخاص عاشوا هذه التجربة، أكدوا أنه لا يمكن نسيان أول امرأة، والبعض يقتنع بنصيبه، لكن قلبه يبقى متعلقاً بها ويعيش حياته بصورة طبيعية، ويستمر مع زوجته وأولاده، والبعض الآخر لا يستطيع التكيف مع زوجته وأولاده، ويظل يتابع الفتاة التي أراد الارتباط بها».
يوافقه الرأي، الفنان مشاري هلال؛ حيث يقول: «إن الرجل لا يستطيع نسيان المرأة التي كان يرغب بالارتباط بها مهما كان، وكما يقولون، ما الحب إلا للحبيب الأول، واختيار الأهل عادة لا يكون موفقاً؛ فالرجل هو من يحدد المرأة التي تناسبه، وعن تجربتي الشخصية؛ فقد كنت أريد الارتباط بفتاة، وكنت مصراً على اختياري، والحمد لله وفقت بذلك».
ويخالفهما الرأي، الملحن خالد العليان؛ قائلاً: «من وجهة نظري أن ارتباط الرجل بامرأة أحبها، سيظل معه هذا الحب طوال حياته ولا يفارقه، ولكنه يتناقص بشكل تدريجي حتى يظل يذكرها من بعيد، وإن سمحت الفرص له بالزواج منها؛ فلن يفكر بالارتباط بها؛ خاصة إذا استقر بحياته مع زوجته التي اختارها الأهل، وتكون المرأة الأولى بحياته مجرد ذكرى».
آراء النساء
تقول مذيعة القناة الأولى بالتليفزيون السعودي، مجدولين سامي: «نصادف كثيراً مشكلة أن يتزوج الرجل من امرأة غير التي كان يرغب بالزواج منها، ومن وجهة نظري، لا يوجد حب قبل الزواج؛ فالحب الحقيقي بعد الزواج».
وترى مهندسة الديكور، عمرة قمبصاني، أن الرجل الآن أصبح واعياً، وقد يرفض إذا سمحت له الفرصة الارتباط بامرأة لا يرغب بها، ويتمسك باختياره، ولكن هناك بعض الأسر تتمسك بالرفض، وتكون النتيجة أن الزوج يبقى شارد الذهن لا يرغب بالتحدث مع زوجته؛ لأن زواجه مجرد إرضاء للأهل، ولو سمحت له الفرصة يعود ويرتبط بالمرأة التي أرادها، وهذا أمر محزن للزوجة الأولى.
الرأي النفسي
وحول هذا الموضوع تقول الأخصائية النفسية، نجاة مانع، من عيادات سلوى للاستشارات: «هناك امرأة لا يستطيع الرجل أن ينساها؛ لأنها اختياره الأول، ويعتقد أنها أفضل امرأة في العالم؛ فكل رجل لديه صورة لامرأة ترتسم في خياله، وتظل عالقة بذهنه، ولا يستطيع أحد أن يمحوها، ولو خير بعد أعوام بالعودة لها لفعل ذلك، وقد تكون لا تحمل مواصفات زوجته، ولا تكون مثالية أو جميلة مثلها، لكن قلبه هو من اختارها، ومن الصعب محوها من ذاكرته، والكثير من النساء يعتقدن أن الحب والمشاعر أمور خاصة بهن، وأن الرجل لا يحب مثلهن، وهذا خطأ؛ فالرجال يحملون مشاعر رقيقة، وهناك دراسات تقول إن الرجل لو أحب امرأة تنازل من أجلها بالكثير؛ حتى يتمسك بها ليبقي على هذا الحب ويحافظ عليه».