حكمة متسلل تقوده إلى الشرطة في أبو ظبي

وصل إلى مدينة أبوظبي متسلل عبر البحر منذ عدة أشهر، وما إن وصل إلى الدولة حتى بدأ البحث عن عمل، وعلى عكس ما كان يعتقد، فقد كان الأمر صعباً للغاية، ولم يكن هناك الكثيرون ممن يقبل استخدام متسلل وتعريض أنفسهم للحبس مدة لا تقل عن شهرين وقد تصل إلى ثلاث سنوات ودفع 100 ألف درهم غرامة، وحتى إن وجد من يستخدمه فإن ذلك لا يستمر كثيراً، وغالباً ما يطردونه لأقل سبب بعد أن يحتسبوا له أجراً يقل كثيراً عن أمثاله من العمال، برغم مهارته وقدرته المتميزة، ولذلك فقد قضى معظم أيامه يلتحف السماء وينام بعينين لا تغمضان، خشية أن يقبض عليه أو يراه أي من رجال الأمن ويطلب أوراقه أو ما يثبت وضعه.

وهكذا عاش الأشهر الأولى من حياته في الدولة، إلى أن وجد عملاً عند شخص يعرف أنه متسلل ولا يمانع في استخدامه، وأخذه للعمل لديه في منطقة صحراوية بعيداً عن المدينة مع عمال آخرين معظمهم متسللون، وكان رب العمل يفرض عليهم العمل ساعات طويلة، تتضمن العمل تحت وهج شمس الظهيرة، حتى يفقد بعضهم الوعي من شدة الحرارة والإرهاق، وهو ما أخبره بعض العمال بأنه ممنوع وفق قانون الدولة، وأن رب العمل يستغلهم لمعرفته بعدم قانونية وضعهم، وأن أحدهم لن يشكوه مهما فعل بهم، في تلك اللحظة تمنى لو أنه انتظر حتى تأتيه فرصة لدخول الدولة بصورة شرعية، ليستطيع أن يعيش ويعمل في الدولة تحت مظلة القانون، فلا يستطيع أحد استغلاله، ويكون له ملجأ يشكو إليه في حال تجاوز أصحاب العمل على حقوقه أو كلفه ما لا يستطيع.
وفي أحد الأيام، سمعوا صوت سيارات الشرطة خلال فترة راحتهم، فركض زملاؤه جميعاً هرباً، وركض هو أيضاً معهم، ولكنه في لحظة شاهد أمامه كل ما عاناه من تعب واستغلال منذ حضوره إلى الدولة، عندها توقف عن الهرب، وبقي في مكانه منتظراً وصول رجال الأمن إليه.