رشيد قصري (48 عاماً)، هو من أصل تونسي، وعمل طيلة عشرة أعوام بأكملها الحارس الشخصي المقرّب «بوبي غارد»، والمرافق والسائق للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، لمّا كان أميناً عاماً للحزب الاشتراكي الفرنسي، وهو مقرّب منه جداً ومن الثقاة والمخلصين الأوفياء له وكاتم أسراره.
وقد رافق رشيد قصري فرانسوا هولاند في كلّ الحملات الانتخابية التي خاض غمارها، وهي كثيرة وطاف معه، حارساً وسائقاً، فرنسا من شرقها إلى غربها، ومن جنوبها إلى شمالها، وحضر الاجتماعات واللقاءات، وعاش إلى جانبه، بل هو كان شاهداً على أيام الغرام الأولى السريّة بين هولاند وعشيقته فاليري تريرفلر، وكان يأخذه إليها بالسيارة، وحتى على متن دراجة ناريّة خلسة من زوجته سيغولين روايال.
وهولاند مغرم منذ 30عاماً بامتطاء الدراجات النارية؛ لأنها تمنحه شعوراً بالحريّة والإفلات من الضوابط والقيود الرسمية الخانقة أحياناً لرجل السياسة، وبسبب هذا الغرام بالدراجات النارية؛ فإنّ بعض رفاقه في الحزب الاشتراكي، كانوا يطلقون عليه لقب «موزّع البيتزا» في إشارة إلى من يتولون في فرنسا مهنة توزيع البيتزا على من يطلبها من المحلات بالهاتف، ويركبون دائماً الدراجات النارية.
وبمناسبة صدور كتاب: «شكراً على هذه اللحظة» لعشيقة فرانسوا هولاند السابقة فاليري تريرفلر، والتي انتقمت فيه منه شرّ انتقام، بعد أن اكتشفت خيانته لها مع الممثلة جولي غاييه؛ فإن رشيد قصري اغتنم الفرصة؛ ليعلن أن فاليري كاذبة، ونفى الصفات السيئة، التّي ألصقتها بفرانسوا هولاند، ومن بينها أنه يكره الفقراء، مؤكداً أنه كريم ونبيل مضيفاً :«لو أحسست يوماً بأنه حقاً يحتقر الفقراء، لما بقيت أعمل معه طيلة هذه المدة».
ويقول رشيد إنه مصدوم من فحوى الكتاب، وكذلك من صمت ولامبالاة المحيطين بالرئيس متسائلاً: «لماذا لا أحد هبّ لنجدته ومساندته، وهو يجتاز هذه الأيام السوداء؟ لماذا كل هذا النكران للجميل؟»، وتولّى رشيد مهمّة الدفاع عن هولاند ومدحه وتعداد خصاله ومشبّها إيّاه بالملاكم، الذي يستطيع إعطاء ضربات في مكان لا يتوقعه الخصم وتكون ضربات قاضية؟
شغف بمطالعة الصحف والمجلات
ومن عادات فرانسوا هولاند التي كشف عنها حارسه الشخصي ومرافقه، حرصه كل صباح على مطالعة الصحف، فهو الذي يأتي له بها باكراً (على الساعة السادسة والنصف)، ثم شغفه بمطالعة جريدة «لوموند» (العالم) المسائية (جريدة النخبة) فهو حريص كل الحرص على أن يُطالعها حال صدورها في الثانية بعد ظهر كل يوم، ويأتيه بها رشيد في اللحظات الأولى من توزيعها، كما أنه قارئ لجريدة «ليكيب» (الفريق) الرياضية. ورشيد قام بالكثير من الأعمال الأخرى الخاصة بفرانسوا هولاند على امتداد عقد من الزمن، فهو مثلاً من يأخذ له بدله إلى محل التنظيف، ويسارع بمدّ القلم له إن أدرك بفطنته أنه في حاجة إليه، فقد تشبّع بطباع الرّجل وأصبح يفهم بالحدس كل ما يرغب فيه من خدمات، فيسارع بتقديمها له. يقول: «أنا أفهمه على رمش العين، وأعلم متى يريد قلماً أو شربة ماء، ومتى حتى يريد الذهاب إلى الحمام، أنا أفهم ذلك من غير أن يقوله لي»، وتبقى مهمّته الأساسية هي الحراسة، وهو الذي قفز لحمايته في فبراير2012 عندما رمته امرأة غاضبة ومحتجّة بكيس من الدقيق؛ ظناً منه أن خطراً داهماً قد حاط به.
رئيسة فرقة حماية الرئيس الفرنسي امرأة
واللافت أن فرانسوا هولاند وبعد انتخابه رئيساً للجمهورية منذ عامين ونصف العام، لم يأخذ معه إلى الإليزيه رشيد قصري، فالرئيس له فرقة خاصة لحمايته الشخصية تضم 60 رجل أمن منتقين فرداً فرداً بعناية ودقة، وترأس هذه الفرقة امرأة هي صوفي هات، كما أن سائقه هو من الفرقة نفسها، ولا يشعر رشيد بالمرارة لعدم التحاقه بالعمل مع الرئيس، وهو يتفهم الأسباب، ويعلم أن رئيس الدولة يخضع في مسألة أمنه وحراسته إلى إجراءات استثنائية؛ مؤكداً أن الرجل لم يتغير بعد أن تولى زمام أهم سلطة في البلاد، وينشر رشيد على حسابه الشخصي بالفايس بوك صوراً من الدعوات الكثيرة التي توجهها له رئاسة الجمهورية لحضور بعض المناسبات الرسمية كالاحتفال يوم 4 يوليو باليوم الوطني الفرنسي في حدائق قصر الاليزيه ومناسبات أخرى رسمية، ما يعني أنه مسجل في قائمة ضيوف الرئيس في بعض المناسبات.
ويكشف رشيد قصري عن الكثير من التفاصيل في حديثه عن علاقته بفرانسوا هولاند، أنه لما كان يتجول بالرئيس في كامل فرنسا أثناء الحملة الانتخابية، فإنه تجاوز مرات كثيرة السرعة المسموح بها قانونيّاً؛ ذاكراً أن هولاند كان كثيراً ما ينام ممدّداً على الكراسي الخلفيّة في السيارة إن كانت المسافة طويلة.