بعد الزواج تنتقل سلطة تنفيذ هذه الممنوعات إلى الزوج، فإما أن يبلغها هذه التعليمات بشكل مباشر، وإما أن يوحي إليها من خلال نظراته وتصرفاته، لكن هذه الممنوعات لا تروق بالضرورة لجميعهن، فما هذه الممنوعات؟ وما رد فعل الفتيات تجاهها قبل وبعد الزواج؟
قائمة بنود الحرية الشخصية تختلف في البلاد العربية، ورغم أنها قد تكون عادية لبنات هذا الجيل، إلا أنها ممنوعة عند أغلب الأهالي، وهو أمر يزعج فاطمة بن طوق، سكرتيرة في جهة حكومية، وهذه الممنوعات تتعلق بالخروج والتنزه مع الصديقات؛ انطلاقاً من واجب اختيار الأفضل والأنسب، حيث يعمد كثير من أولياء الأمور إلى إصدار قائمة منوعة منها، والتي تنقلب، برأي فاطمة، من مجرد مصادرة للرأي إلى التدخل في الشؤون الخاصة، مثل التخصص الدراسي والزواج. تستدرك قائلة: «بعض الآباء يقولون ممنوع أن تتزوجي حتى تكملي الدراسة، أو ممنوع زيارة الصديقات أو استقبالهن حتى تتزوجي، وممنوع السفر...إلخ، ولكن أليس من حق الفتاة أن تتمتع بجانب من الحرية الشخصية في منزل والدها قبل الزواج؛ لتعزيز ثقتها بنفسها، فهناك كثير من التحول في شخصية الفتيات، حتى أصبحت الحرية الشخصية مطلباً ضرورياً، بعد أن وصلن إلى مرحلة التمييز بين الصواب والخطأ».
أعراس ومساحيق
الرجل الشرقي عامة لا يشعر برجولته إلا حين يتحكم في زوجته، هي فكرة تدور أصلاً في أذهان الكثير من الفتيات، ومنهن صفاء الخميري، موظفة، وغالباً ما يجهز لها قائمة طويلة من الممنوعات لا تعد ولا تحصى، وتختلف باختلاف تربيته ونشأته ودراسته وطبقته الاجتماعية، تستدرك: «هناك قائمة من الممنوعات قد تكون موحدة لدى معظم الرجال، مثل: عدم السماح لنا نحن الزوجات بارتداء أزياء مثيرة، وتجنب مساحيق التجميل اللافتة. وأنا عن نفسي عانيت كثيراً، واصطدمت مع زوجي بسبب خروجي مع السائق من دون علمه، وتأخري أحياناً خارج المنزل في الأعراس، وكان لديّ وقت محدد للعودة يجب ألا أتخطاه مهما كانت الظروف، لكن بالجلوس والتفاهم معه استطعت إقناعه إلى أن وصلنا إلى حل مشترك لهذه المشكلة من خلال اتفاقنا على بعض الأمور».
3 طلعات
أما سلمى حسن، موظفة من عجمان، فتؤكد أن لائحة المحظورات لديها تتعلق بالمظهر الخارجي، مثل عدم ارتداء الملابس الضيقة والأزياء غير المحتشمة والشفافة، وتابعت: «أعتقد أنني محظوظة لمراعاتي هذه الممنوعات؛ لأنني أسمع الكثير عن لوائح ممنوعات تكدر حياة صديقاتي أو تجعلهن يعشن في جحيم دائم».
إذا كانت سلمى محظوظة، فنصيب منى يسري، ربة منزل، لم يكن كذلك على الإطلاق؛ لأن زوجها يعمل في الشرطة، ويمنعها منذ اللحظة الأولى لزواجهما من أن تتصرف برغبتها، بل والأدهى من ذلك يمنعها من زيارة أهلها، أو محادثة صديقاتها في الهاتف، فضلاً عن عدم السماح بزيارات الجارات، تتابع: «زوجي يؤمن بمقولة (المرأة ما لها إلا ثلاث طلعات، طلعة من بطن أمها، وطلعة لبيت زوجها، وطلعة لقبرها، في البداية كنت أشعر بأن ممنوعاته دليل حب، إلا أنني مع الأيام بدأت أشعر بأنني سجينة ومسلوبة الحق، بل وأصبحت أقع في إحراج مع الجميع».
وتتساءل سلمى بغرابة: «هل يعقل أن يمنعني من السلام على أخي أو حتى الجلوس بجانبه، والترحيب به إذا أتى لزيارتنا، لقد فاقت ممنوعاته حد المنطق، بل والشرع أيضاً، ومهما حاولت التفاهم معه لا يقبل أي مناقشة أبداً».
أزواج يبررون
ما جاء على ألسنة النسوة اللاتي استطلعت «سيدتي نت» آراءهن له ردود عند الأزواج، منها مؤكدة لما يقلن، ومنها مجرد تبريرات!
فقد تعجبنا من إصرار سعيد موسى صالح، إداري علاقات خارجية في الشارقة، حيث لديه قائمة عريضة من الممنوعات تنتظر زوجته المستقبلية، فارتداؤها للبنطلون ممنوع، والحذاء ذو الكعب العالي، أما أن تضع العطور فهذا يندرج ضمن قائمة المستحيلات في العالم، حسب تعبيره، يتابع: «إلى جانب أنني لن أسمح لها بالعمل حتى تهتم بأبنائي، فهذه هي وظيفتها الأساسية».
إلغاء للشخصية
برأي القاضي محمد جاسم الشامسي، أن المجتمعات الإنسانية تضع خطوطاً حمراء لأفرادها، أو ممنوعات بعينها على أساس ثقافة ذلك المجتمع، وما على الأفراد إلا الانصياع لها، وإلا دفعوا ثمن تمردهم، فإذا سلكت الزوجة سلوكاً غير مرغوب فيه فلابد أن تتحمل نتائج سلوكها هذا، يعلّق: «أما لو كان المنع لمجرد المنع أو لإثبات قوة الرجل فقط أمام زوجته وأبنائه... فهذا يدل على خلل ما أو نقص في شخصية الزوج.