سلمت أوراقها الأخيرة إلى أجيال ستحمل شيئاً من روحها الممتدة على مساحة الكلمة، وعلى حضور التاريخ في مدنها التي خلدتها روايات لا تموت، وفي رؤياها التي توقفت، لتتحرر من قيد الجسد، وتطير مرفرفة في فضاء الفكرة، فهي الكاتبة رضوى عاشور التي رفضت العدمية والزوال، ورفضت اليأس، معلنة اتحادها مع الإنسان، وحقه في خلق معنى لوجوده.
هاجس الكتابة
تكتب رضوى حينما تدق الكتابة على أبوابها، تستوقفها، تدهشها، تربكها، فتبدأ دون خطط مسبقة، تسرد ما يأتيها عبر شخصيات تصنعها من الخيال، لتضفرها في نسج تاريخي، تحكي بها تاريخ أمة، وتدفع بفلسفتها الخاصة في الحياة عن الوطن والأمل، ورؤيتها للمستقبل من خلال لغة بديعة، ورُغم هذا بدأت مشروعها الأدبي، وهي على مشارف الأربعين بروايتها الأولى «الرحلة.. أيام طالبة مصرية في أمريكا» عام 1983، ومن بعدها عدد من الأعمال، أهمها «ثلاثية غرناطة، والطنطورية، وسراج، وقطعة من أوربا»، كانت تخشى الفشل، فأضاعت على قرائها المزيد من الأعمال العظيمة في سنوات الخوف.
قصة حب استثنائية
رضوى عاشور هي زوجة الأديب والشاعر الفلسطيني مريد البرغوثي، الذي جمعتها به قصة حب استثنائية استطاعت أن تستمر، رغم كل التحديات التي ربطت علاقتهما بالتغيرات التاريخية والسياسية في مصر والمنطقة العربية، فعز اللقاء بينهما كثيراً، وأثمر البعد إرادة حب تصر على البقاء وتلهم روح الإبداع والاختلاف في كليهما.
بين الأدب والفن
تربت «رضوى» في كنف والديها، المحامي العاشق للغة العربية، المولع بالأدب العربي القديم، و«مية» الأم التي تعشق الرسم، كثيراً ما وقفت الطفلة أمام لوحتين زيتيتين كبيرتين معلقتين أمام باب المنزل، رسمتهما والدتها قبل أن تتم العشرين، تتطلع إليهما في وله، ثم تتركهما وتنشغل بتصفح الكتب التي يقتنيها والدها. تفاصيل بيت المنيل ألهبت الموهبة لدى الصغيرة، وإتقان الكتابة، وحُب الأدب، فصنعت سيرتها المجيدة في هذا العالم.
شهادتها الدراسية كانت تؤكد أنها طالبة نجيبة، لكن دائماً ما كانت تُلحق بملاحظة أنها «مطيورة»، تنسى أشياءها في المدرسة، تصطدم أثناء سيرها بباب أو حائط أو شجرة، تقول رضوى: إنها وقعت ذات يوم في فناء المدرسة، وعندما سُئلت ماذا حدث قالت «اتكعبلت في نفسي»، هذا لم يعِقْ الطفلة عن التفوق في دراستها، حتى التحقت بقسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة القاهرة، وحصولها على شهادة الماجستير في الأدب المقارن.
أعمالها
لها أعمال كثيرة منها: «رأيت النخل 7891»، و«تقارير السيدة راء 2001»، ومن الروايات: «حَجَر دافئ 1985»، و«خديجة وسوسن 1987»، و«سراج 1992»، و«ثلاثية غرناطة 1995»، و«أطياف 1999» و«قطعة من أوربا 2003» و«فرج 2008» و«الطنطورية 2010».
أهم جوائزها
كانت حياة الراحلة حافلة بالإنجازات التي توجتها بالعديد من الجوائز والتكريمات، ومن أهمها:
يناير 1995: جائزة «أفضل كتاب» لعام 1994 عن الجزء الأول من «ثلاثية غرناطة»، من معرض القاهرة الدولي للكتاب.
نوفمبر1995: الجائزة الأولى من المعرض الأول لكتاب المرأة العربية عن «ثلاثية غرناطة» يناير 2003: كرّمت ضمن ستة كتاب مكرمين من مصر، وستة من العالم العربي في معرض القاهرة الدولي للكتاب.
أكتوبر2007: جائزة قسطنطين كفافي الدولية للأدب (من اليونان).
ديسمبر 2009: جائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي (من إيطاليا).
أكتوبر 2011: جائزة بسكارا بروزو على الترجمة الإيطالية لرواية «أطياف» (من إيطاليا).
2012 جائزة سلطان العويس للرواية والقصة.
رضوى عاشور ترحل إلى ذاكرة مدنها ورواياتها
- ثقافة وفنون
- سيدتي - سعد الصالح
- 04 يناير 2015