في القرآن الكريم العديد من الآيات الشريفة التي ترشدنا في حياتنا، والتي من خلالها نتعلم الآداب والعادات الحسنة، ونستطيع التمييز بين الصواب والخطأ، كما نستطيع التفريق بين الحلال والحرام.... كيف نشرح هذه الآيات لأطفالنا بصورة مبسطة، ونعلمهم أن يستخدموها كمقياس لحياتهم؛ يقيسون عليه الصالح ويتركون الطالح؟
«سيِّدتي وطفلك» اختارت بعض الآيات التي سيقوم بتفسيرها وشرحها الشيخ محمد الماجد، والتي تعلم أطفالنا مبادئ الإسلام الصحيح، وأصول الدين السليم التي يجب اتباعها دون تأويل أو زيادة أو نقصان.
«إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً»
يقول الشيخ: «هذه الآية رقم (30) من سورة الكهف، والتي قال الله تعالى فيها: «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا»، وتفسير هذه الآية بصورة بسيطة وسهلة كالآتي:
الله سبحانه وتعالى شاهد ومطلع لا يغفل ولا ينام، وتكتب ملائكته كل شيء سواء كان صغيراً أو كبيراً، ولكي نقرن القرآن بالقرآن بإمكاننا ربط هذه الآية بآية أخرى، وهي: «فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شراً يره» سورة الزلزلة: الآية (7-8)، وهي تعني أن الله سبحانه وتعالى لا يضيع أجر أحد، فمن يعمل خيراً فسيجازيه الله خيراً، ومن يعمل شراً يكتب له سيئة، وبإمكان الأمهات إخبار أطفالهن بأن الله لا يضيع تعبهم ومجهودهم في المذاكرة، ولن يضيع أجرهم في الآخرة، ونعلمهم أن أي عمل صغير، له أثر كبير عند الله، كالرفق بالحيوان والذي كان سبباً في دخول رجلاً الجنة عندما سقى كلباً».
«فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا»
هذه الآية رقم (23) من سورة الإسراء من أهم الآيات التي لابد أن تشرحها الأمهات لأطفالهن؛ لأن الله سبحانه وتعالى أمر فيها الأبناء ببر الوالدين، أي احترامهم والامتثال لما يطلبون طالما ليس فيه معصية لله، كما أوضح الله تعالى في الآية الكريمة أنه لا يصح للأبناء فعل أبسط شيء، وهو الاعتراض على كلام الأهل بقول كلمة «أف»، وأن لذلك عقوبة كبيرة عند الله؛ لأنه أمر بعدم قولها، فما بالك بعقوق الوالدين، أو عدم سماع كلامهما؟
وقد وضع الله حساباً عسيراً لمن يعقُّ والديه، ويكفي أنها جاءت في المرتبة الثانية من حيث العقوبة بعد الإشراك بالله، ففي أوائل الآيات قال تعالى: «وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا»، ويعني هذا أن عقوبة عقوق الوالدين كبيرة جداً، لذلك لابد من الإحسان بوالدينا وبرهما في الكبر، كما كانوا عوناً لنا في طفولتنا.
«فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ*وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ»
هذه الآيات رقم (9، 10) من سورة الضحى، وفسرها الشيخ قائلاً: «تعلم هذه الآيات أطفالنا السلوكيات السليمة على أسس إسلامية، فاليتيم هنا هو من فقد أباه قبل سن البلوغ، ولابد أن نحث أطفالنا على أن يعاملوا اليتيم معاملة لطيفة رقيقة؛ لأنه أكثر حساسية من غيره لشعوره بالنقصان، وأن ليس له ظهر، وقهر اليتيم يكون بمعايرته بعدم وجود أب لديه، فلابد أن نعلم أطفالنا احترام كل من فقد أباه ومراعاة شعوره وعدم معايرته أو نبذه، بل على العكس إشراكه وإدخاله في كافة الأنشطة والتعامل معه بأدب، واللعب معه بشكل لائق، وعدم قهره بجعله وحيداً أو بإيذائه بأي شكل كان.
أما السائل هنا فمقصود به الشخص الفقير الذي يسأل الناس ليسد حاجته، ولابد أن نعلم أطفالنا التصدق والكرم خاصة على الفقراء ومعاملتهم بالرفق واللين، فإن كان لدينا أموال نعطي لهم منها، أو إذا كنا لا نملك مالاً فلا ننهرهم أو ننازعهم؛ حتى لا نجرح مشاعرهم، بل ندعو لهم قائلين: «يعطيك ويعطينا الله»، أو «يسهل الله عليك» بشكل لطيف ومهذب.
هذه الآيات جميعها تعلمنا كيفية التعامل مع الغير سواء الآباء أو اليتامى أو الفقراء، كما تعلمنا كيفية التعامل مع الله من خلال الصلاة والصبر، وتعلمنا أن ما عند الله باقٍ، وسنُجازى على أعمالنا في الدنيا والآخرة، وعلى كل الأمهات أن يجعلن هذه الآيات منهجاً لحياة أطفالهن ليسيروا عليه فيسلموا، فالقرآن الكريم وآياته أسلوب حياة.