حققت الإعلامية رابعة الزيات سبقاً صحفياً باستضافتها الفنانة الغائبة منذ أكثر من 12 عاماً، سميرة توفيق، التي فضّلت أن تطلّ عبر القناة التي تحبّها، ومع الإعلامية التي تتابع برنامجها "بعدنا مع رابعة".
مطربة البادية، أقلّت في حديثها الذي انتظره الكثيرون في العالم العربي، والذي أضاءت عليه جميع وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية، كما مواقع التواصل الاجتماعي، لا لأنّ الضيفة غابت عن الفن والإعلام منذ فترة طويلة فحسب، بل لأنها فنانة من فنانات الجيل الجميل، ومطربة من المطربات الكبار اللواتي يُعتبرن رمزاً من رموز الأغنية العربية التي فقدت الكثير من قيمتها بوجود جيل فني مستهتر لا يسعى سوى إلى الانتشار والكسب المادي.
سميرة توفيق التي تُعتبر مدرسة فنية في لونها الغنائي، غنّى أعمالها الجيل الجديد، نساء ورجالاً، ومعظمهم من دون أذنها، بحثاً عن أغنية ضاربة يحاولون من خلالها أن يُثبتوا وجودهم على الساحة، أو لكي يضمنوا عودة ناجحة ومضمونة لهم بعد غياب وتراجع. صحيح أنّ البعض شوّه تراث سميرة توفيق بغنائه له، فيما البعض الآخر ـ وإن لم يسئ إليها ـ لم يستطع أن يُضيف شيئاً إلى أغنيات قدّمتها سميرة توفيق بنكهة خاصّة، وبقيت تلك الأغنيات هي أغنيات سميرة توفيق لا لفنّانة سواها.
سميرة توفيق التي أطلّت بالأمس مع رابعة على الشاشة كانت هي نفسها سميرة توفيق المحفورة في ذاكرتنا ووجداننا؛ نفس الشعر الأسود الداكن، ونفس "الغرّة" التي تغطّي الجبين، و"نفس الشامية" المطبوعة على الخدّ؛ كأن الزمن لم يُغيّر منها شيئاً.
سميرة توفيق التي خصّصت لها رابعة الزيات حلقة تكريمية في برنامجها، بحضور ابنة شقيقتها لينا رضوان، التي تحدثت عنها وعن علاقتها بها، وبحضور الناقد الفني عبيدو باشا الذي قيّم تجربتها الفنية، إلى جانب الفنانات لورا خليل وسهى أبو شروف وناديا منفوخ، اللواتي قدّمن بأصواتهن أغنياتها، فيما حضرت الفنانة ديانا حدّاد من خلال شهادة وصفت فيها سميرة توفيق بـ"الأيقونة". كذلك حضر كلٌّ من الماكيير سعيد وهبي، الذي أطلق عبر عينيها موضة "السموكي آيز" والعازف الشهير "سيتراك" الذي رافقها منذ عام 1961، والذي أثنى على انسحابها من الساحة، لأنّ الفن الموجود حالياً، ليس الفن الذي عرفوه في زمنهم.
سميرة توفيق تحدّثت عن غيابها، وقالت إنها بخير، وأرجعت سبب ابتعادها إلى الوضع الأمني الضاغط الذي يعيشه لبنان والعالم العربي، كما إلى تردّي الوضع الفني، مشيرة إلى أنها "زعلانة" بسبب انعدام احترام الفرد للآخر ولكيانه وتاريخه. ورأت أنّ الساحة الفنية مباحة، فقالت: "الكلّ يغني أغنياتي من دون أذني، باستثناء الفنانة ديانا حداد التي لا تغني موالاً أو أغنية من دون أن تستأذننني، أما الآخرون فـ"بلا ذوق".
سميرة توفيق أكدت أنها ليست زعلانة من نجوى كرم لأنها غنّت من أعمالها، وتابعت: "يجب أن يأدّوا الأغنية كما هي، وليس أن يغيّروا في الكلام واللحن، ومن ثم ينسبون الأغنية لهم". وأضافت: "من يغني لي لأنه يحبني، فليفعل ذلك ولكن باحترام. هناك أصول في الحياة "والدنيا مش سايبة".
بين المنافسة الموجودة اليوم على الساحة والمنافسة التي كانت بينها وبين صباح وفيروز، أوضحت سميرة توفيق، إنه لم تكن توجد منافسة بينهن، وأوضحت: "عندما كانت تطرح فنانة أغنية جميلة كنت أفرح لها واجتهد لتقديم أغنية جميلة، ولم أكن أغار منها، لأن الغيرة لم يكن لها مكان بيننا"، كما أكدت أنّ فيروز من "أعز الأصدقاء" وبأنهما على تواصل دائم: "تضحكان وتفرحان". ولم تنسَ التذكير بمسرحية "ينبوع السعادة"، وهي أوّل عمل مسرحي افتتحتاه معاً، وكان عمرها يومها 13 عاماً.
عن الأردن وانطلاقتها الفنية منها، قالت سميرة توفيق: "لولا صلاح أبو زيد لما كان هناك أغنية أردنية. كان الفولكلور الأردني موجوداً، ولكن صلاح أبو زيد هو الذي أوجد الأغنية الأردنية وساهم برفعها وانتشارها، كما أنه هو أيضاً السبب في وجودي كفنانة".
عن لقب أجمل ابتسامة وأكذب ابتسامة، أشارت سميرة توفيق إلى أنّ لقب صاحبة "أكذب ابتسامة"، أطلقه عليها الصحافي الراحل جورج إبراهيم الخوري، وأوضحت: "في ذاك الوقت أسّسنا "جمعية الكذابين"، وكانت تضمّ الكثير من الفنانين، من بينهم محمد علي الصباح ومحمد سلمان ونزار قباني وفيلمون وهبي ونصري شمس الدين وآخرون. كنا نتّفق على ابتكار كذبة وإطلاقها لكي نعرف كيف ستنتشر، وكيف سيكون صداها، وأنا كنت أكثر فنانة تجيد ابتكار الكذبة وإيصالها".
سميرة توفيق أكّدت أنها حزنت كثيراً لرحيل الفنانة صباح، مشيرة إلى أنها لم تكن فنانة عادية بل عموداً من أعمدة بعلبك.
وعن دور العائلة في ابتعادها عن الفن، قالت سميرة توفيق: "العائلة حلوة إذا كان أفرادها يحبّون بعضهم، وأهلي معتادون عليّ، وأنا أيضاً معتادة عليهم".
عن جمالها وأناقتها ومكياجها وملابسها، تحدّثت سميرة توفيق عن أنها تفضّل أن تكون عادية في الأوقات العادية ولكن حبها للأناقة لم يتغير، خصوصاً عندما تُشارك في المناسبات.
سميرة توفيق أشارت إلى أن الوضع في لبنان وسوريا يُحزنها كثيراً، وأنها لا يمكن أن تُنكر فضل الشعب السوري والمسؤولين السوريين عليها، وأضافت: "يعزّ عليّ أن أشاهد ما يحصل مع السوريين".
وقد وجّهت في الختام كلمة إلى الناس في العالم العربي، وقالت: "فليصلّوا معي لكي ننتخب رئيساً لبلدنا ونخلّص لبنان".