رحلتها الفنية مليئة بالنجاح، وبالرغم من توقفها عن الفن منذ سنوات طويلة، وغيابها عن الساحة الفنية إلا أن مجرد ذكر اسمها في خبر يلفت الانتباه وتصبح حديث الجميع، لأنها تكاد تكون الوحيدة في تاريخ الفن العربي التي نالت كل هذه النجومية والقبول لدى المشاهد العربي، خاصة أنها صنعت ما لم يستطع غيرها فعله وتحديداً في مجال الاستعراض، وهو أصعب أنواع الفنون بخلاف نجاحها في باقي فروع الحياة. ورغم التوقف عن العمل، إلا أنها دائماً في القلوب، مجلة "سيدتي" في هذا العدد تكشف العديد من الأسرار والصور النادرة لهذه الشخصية التي يجتمع الجمهور على حبها من المحيط إلى الخليج.
الصور التي حصلنا عليها كانت بحيازة شخص كان بالنسبة إليها الأخ والصديق المقرّب قبل أن يكون المصور الخاص بها. نتحدث عن مصوّر المشاهير الفنان فاروق إبراهيم الذي اشتهر طوال رحلته بتصوير النجوم: عبد الحليم حافظ وأم كلثوم وفريد الأطرش وصباح ومعظم من جاء بعدهم من المشاهير، والرئيسين أنور السادات وحسني مبارك، استطعنا أن ندخل إلى أرشيفه الخاص من خلال ابنه المصور كريم فاروق إبراهيم الذي أفرج لنا عن صور نادرة وحكايات مثيرة عن نجمة العرب شيريهان.
اختار كريم أن يحكي لنا في البداية عن قصة الصورة التي تتواجد فيها شيريهان على جهاز داخل المستشفى لأن لها حكاية ظريفة. يقول كريم: «ذهب والدي للاطمئنان إلى شيريهان في المستشفى بعد الحادثة الشهيرة التي تعرّضت لها وأدّت إلى حدوث كسر في العمود الفقري. وكان اللقاء بحكم الصداقة بينهما فوجدها على الجهاز. وكانت في فترة العلاج الطبيعي، وعندما سلم عليها وجدها مبتسمة وقالت له: «بارك لي يا صديقي العزيز. سُمح لي بالعودة من جديد إلى الساحة الفنية. ولكنني أفكر في الرقص لأنني أخشى أن أعود بدون تقديم الاستعراض، وهو الأمر المحبب بالنسبة لي».
فردّ والدي محفّزاً لها: «لا تقلقي على الإطلاق، هذه بشرى خير، ولكي نحتفل سوف أحضر الكاميرا لالتقاط صورة جديدة وخاصة». وهذا ما حصل. وبعدها، قدمت مسرحية «شارع محمد علي». وقدمت استعراضاً رائعاً. وكان والدي يذكّرها دائماً بهذه الواقعة عندما يتحدث إليها».
ويتابع كريم حديثه: «وبمناسبة مسرحية «شارع محمد علي»: «تواجدت مع والدي في عرض للمسرحية في الصيف. وكانت النجمة شيريهان تعرفني جيداً. وكان مسرح بيرم التونسي الذي تعرض فيه مكشوفاً وكان الأهالي يشاهدون المسرحية من العمارات السكنية لأنها تحيط بالمسرح. وفي ذلك اليوم، كان الجمهور كبيراً جداً في العمارات، وفجأة انفعلت شيريهان بسبب تصرفات بعض الجمهور وطلبت منهم النزول إلى المسرح والمشاهدة بدون أي مقابل مادي؛ لأنها شعرت بتأثير تواجدهم في البلكونات وعلى الأسطح عليها. ولكنها توقفت قليلاً. ثم عادت من جديد واستكملت العرض وسط تصفيق حاد من الجمهور».
الأب الروحي
وينتقل كريم بنا إلى منطقة مختلفة وجديدة وهي أن شيريهان كانت تعتبر المبدع فؤاد المهندس الأب الروحي لها؛ لأنها عاشت طفولة بلا أبوين. كما أن شقيقها عمر رحل وتركها، ورغم أنها كانت تحب العندليب عبد الحليم حافظ لأنه أول من اكتشفها ورقص معها في حفل زفاف شقيقها عمر وأهدى لها أغنية، إلا أن فؤاد المهندس هو الذي دعمها ووقف بجانبها كثيراً. وقدمت معه مسرحيتيّ «سك على بناتك» و«علشان خاطر عيونك». وحققا سوياً نجاحات كبيرة جداً، وأيضاً عشقت «وحش الشاشة» فريد شوقي. وكان سبب حبه لها اختيارها في مسرحية «شارع محمد علي». وكان داعماً لها حتى رحل عن عالمنا».
هنيدي وجيل الشباب
ويضيف كريم: «جيل هنيدي ـ كما يلقب حتى الآن ـ والذين أصبحوا نجوماً كانت شيريهان الداعمة لهم منذ بدايتهم. وكانت شيريهان حريصة على أن تقف بجانب أي موهبة لأنها عانت في بدايتها. وكانت ترغب في التخفيف من معاناة أي فنان صاعد. وكان ذلك سبب موافقتها على المشاركة مع محمد هنيدي وعلاء مرسي وعهدي صادق في مسرحية «حاجات ومحتاجات» للشاعر الكبير سيد حجاب، والصورة الموجودة التقطت بعد انتهاء بروفات المسرحية».
عشق البحر
ويتابع كريم قائلاً: «كانت شيريهان تحب البحر وترغب في الجلوس أمامه لفترات طويلة، وكأنها تتخلص من أزماتها ومشكلاتها بالنظر إلى الأمواج. وكانت شيريهان تكرّم في «مهرجان الإسكندرية السينمائي» ومتواجدة في فندق على شاطىء المنتزه ودخل عليها يهنئها الفنان فاروق إبراهيم وتواجد معها لفترة. ثم دعاها لتتجول معه في حدائق المنتزه في جولة تصوير إلا أنها تعبت فجأة. وقمنا بتأجيل الجولة. لكنها عادت وقررت التصوير على الشاطئ. وكانت هذه اللقطات المعبّرة عن حبها للبحر».
أحدث صيحات الموضة
يحكي كريم فاروق عن العشق الأول في حياة شيريهان والتي كانت دائماً ما تخبر به والده وهي الموضة الغريبة والمثيرة، وكانت تذهب إلى أحدث بيوت الأزياء العالمية لتختار صيحات جديدة وغريبة على مجتمعنا العربي. ولذلك، كانت دائماً جاذبة للأنظار ومعظم وقتها تقضيه في التعرف على أحدث صيحات الموضة من خلال الكاتالوجات العالمية لأكبر مصممي الأزياء، وكانت تنفق أموالاً طائلة على مظهرها؛ لأنها كانت تركز دائماً أن تكون طلتها عالمية، وكل صورة التقطها لها الفنان فاروق إبراهيم كان يتعجب من شكلها وتسريحة شعرها وملابسها لأنها كانت تفاجئه كل مرة بـ «لوك» جديد.
أعز الأصحاب
تعتبر إسعاد يونس من أهم الناس في حياة شيريهان والصديقة المخلصة؛ لأنها كانت المستشارة الخاصة بها في عملها منذ بدايتها، وهما متزوجتان من رجل واحد هو رجل الأعمال علاء الخــواجــة. فـــي رحلة العــلاج الأولى لـ شيريهان والتي تطلبت منها أن تسافر وتترك ابنتها لولوة، كانت إسعاد أماً حنونة لها. ولذلك، ظلت الفنانة إسعاد يونس الداعم الأول لشيريهان حتى اللحظة الراهنة، وحتى المسلسل الذي كانت تنوي شيريهان دخوله مع المؤلف محمد الحناوي كانت إسعاد قد اطّلعت على تفاصيله. ويحكي كريم فاروق أن والده رأى بنفسه مدى التفاهم بينهما، لدرجة أن إسعاد كانت تلعب مع لولوة أكثر من شيريهان ولولوة تناديها بكلمة «ماما».
تحب شيريهان القراءة كثيراً، ولا سيما الأدب الإنجليزي وتتابع الجديد في الموسيقى والمسرح في الساحة العالمية، رغم أنها لا تعمل. كما أن لديها قوة وعزيمة غير عادية. وكان الراحل فاروق إبراهيم يحكي قبل رحيله لابنه أن شيريهان لو عادت للفن ستعود بنفس قوتها ونجوميتها؛لأنها لا تخطو أي خطوة إلا بتأن وحساب كبير جداً.
الهدوء والاتزان
لعل أبرز ما يميز شيريهان وسبب نجوميتها، وفق ما رصده الفنان فاروق إبراهيم، الهدوء والاتزان. فهي لا تأخذ قراراً إلا بعد تفكير عميق ولا تنفعل. وعندما تشعر بالغضب تجلس مع نفسها لفترة. ثم، بعد ذلك، تعود إليها الابتسامة. كما يروي فاروق ابراهيم في حديثه مع ابنه كريم أن وجهها من الوجوه القليلة المميزة التي صورها؛ لأنه طفولي وابتسامتها ترسم الفرحة على من يراها، ورغم عدم انفعالها إلا أنها دائماً ترفض كلمة المستحيل