على الرغم من أنه عاد أخيراً من رحلة علاج إلا أن ابتسامة الفنان عبد الكريم عبد القادر لا تفارقه، ورحابة صدره يشهد له بها الجميع، لاسيما خلال أمسية تكريمه في مهرجان "الكويت الدولي للموسيقى" تلك الحفلة التي أعادته إلى الوراء عشرات السنوات وهو يقف على المسرح مكرماً فاتحاً ذراعيه ملوحاً لجمهور وضيوف جاءوا تقديراً له، ولزملائه ممن تم تكريمهم.
ورغم أن أثار الوعكة الصحية التي ألمت بالفنان مؤخراً، أجبرته على السفر خارج الكويت لتلقي العلاج، مازالت واضحة عليه، إلا أنه تحامل على نفسه وظلّ واقفاً على المسرح لما يقارب الساعة ملبياً طلب جمهوره في التقاط الصور التذكارية معه، والذي بدا سعيداً بوجود محبيه وكان يقول من وقت لآخر: "الحمد الله شيء طيب منهم".
وفي تصريح خاص لـ"سيدتي نت" وسط حشد من المعجبين الذين أحاطوا به قال "الصوت الجريح" كما يدعوه جمهوره عن هذه الأمسية: "لا شيء يضاهي تكريم الفنان في حياته هو أمر محمود أسعدتني هذه الإحتفال وأشكر جميع القائمين عليه" وأضاف: "الفنان يحتاج إلى دفعة معنوية ليستمر في العطاء ومن الجيد أن يكرّم وهو على قيد الحياة، هذا ما نتمناه لجميع المبدعين في كافة المجالات".
وحول تكريم الفنان عبد الله الرويشد له وموقفه منه في حفله الأخير ضمن فعاليات مهرجان "فبراير الكويت"، واختياره أغنية من أرشيف عبد الكريم ليقدمها في حفله رغم عشرات الأغنيات التي يزخر بها أرشيف الرويشد الشخصي قال الصوت الجريح: "أشكره على ما فعل وهو أمر ليس بغريب عليه، لمسة طيبة وما قصر والفنان يسعده أن يُكرم من زميل له، كما أن الرويشد حرص على التواجد اليوم والانتظار حتى نهاية الاحتفالية شكراً له من القلب".
بدوره، أشاد الملحن القدير عبد الرب أدريس بتبني الكويت لهذه المبادرة الثقافية الفنية التي تعكس روح الكويت وقيادتها المُحبة والداعمة للفن والفنانين، معرباً عن سعادته بلقاء نجوم الأغنية الكويتية ممثلي الرعيل الأول الذي وضع أسس وخارطة طريق تطور الأغنية الكويتية والخليجية على كافة الأصعدة، مشيداً بمبادرة تكريمهم التي تحسب للقائمين على المهرجان، لافتاً إلى أن الحلقات النقاشية والفكرية آثرت هذا الحدث وأضافت إليه بعداً فكرياً وفتحت أفق التطوير في الموسيقى العربية والسماح بتلاقي الثقافات.
وكان وزير التربية والتعليم العالي بالكويت د.بدر حمد العيسي، ورئيس المهرجان الموسيقي عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية د.محمد عبدالله الديهان، قد كرما روّاد الأغنية الكويتية الفنانين عبد العزيز المفرج "شادي الخليج"، وصالح الحريبي، وعبد الكريم عبد القادر، تقديراً ووفاءاً لهم على ما قدموه خلال سنوات أمضوها في رحاب الأغنية الكويتية.
ولعل المتابع لتكريم أعمدة الغناء الخليجي يلمس أنها اللحظات الأسعد في حياتهم، حيث بدت الفرحة الغامرة على وجوههم واستقبلوا بعاصفة تصفيق من الحضور الكبير، ولعل المشهد الأبرز خلال التكريم هو نزول العيسى والديهان من المسرح لمنح الدرع للحريبي الذي تحامل على نفسه وحضر خصيصاً إلى الحفل رغم حالته الصحية.
وتواصلت مراسم التكريم لتشمل عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية الأسبق د.بندر عبيد، إلى جانب الشاعر علي المعتوق الذي ساهم في كتابة وتلحين الحفل الغنائي في ليلة الافتتاح فيما قام عميد المعهد العالي للفنون الموسيقية د.محمد عبدالله الديهان بتكريم راعي الحفل وزير التربية والتعليم العالي د.بدر حمد العيسى، الذي دشن رسمياً فعاليات المهرجان.
وعلى وقع أنغام فرقة المعهد العالي للفنون الموسيقية بدأ الحفل الغنائي ذو النكهة الوطنية الذي تميز بكلمات وألحان صاغها الشاعر علي المعتوق خصيصاً لهذه المناسبة، وشارك فيه بالغناء أساتذة وطلاب أمام جمهور كبير من مختلف الدول العربية وكانت فرصة مواتية لتصل الأغنية الكويتية وإيقاعاتها مختلفة الفنون إلى جميع الضيوف العرب، ومن اللقطات المميزة خلال الحفل ظهور كلمات الأغنيات عبر الشاشة التي توسطت المسرح، وبقيادة المايسترو خالد نوري قدمت الفرقة مجموعة من الأغنيات الوطنية التي وجدت تفاعلاً كبيراً من الحضور الحاشد.
وتنوعت الأغنيات بين الألوان والإيقاعات المستمدة من التراث الفني الكويتي الأصيل، فحضرت فنون الصوت والدزة والعرضة والرومبا، في ليلة غنائية مفعمة بالأحاسيس الدافئة استعادت روح الفن الجميل وشدت بكلماتها وألحانها أصوات عذبة وفريق كورال مدرب منضبط أدى بثقة وحماسة تفاعل معهما الحضور.
وكانت البداية مع الفنان مشعل حسين بفن الصوت الشامي، حيث أدى أغنية "أهلا هلا"، التي اتسمت كلماتها بالعذوبة والتغني في حب الوطن أعقبتها أغنية "السدرة" من إيقاع البستة غناء فريق كورال الفرقة الموسيقية، ثم شدى الفنان الشاب فيصل الصراف بأغنية "أخوان مريم" ذات إيقاع الدزة.
وتواصلت الليلة الغنائية الوطنية وسط تفاعل كبير من الجمهور الذي كان يهز رأسه طرباً بالفنون الأصيلة حيث غنّى كورال الفرقة "خلنا على يمناك«" من إيقاع الليوة، ثم قدّم الفنان محمد البلوشي أغنية "دار العز" من فن العرضة التي وجدت تفاعلاً كبيراً من الحضور بكلماتها وألحانها المميزة.
ثم شدا فريق كورال أغنية "عشق الكويت" من إيقاع المارش من ألحان إبن الكويت، وعبرت كلماتها باللغة الفصحى عن معان وقيم الولاء والحب لهذه الأرض الطيبة واستمرت الليلة الغنائية الوطنية بالتنوع في وصلاتها الغنائية بين الفردي والجماعي، حيث قدم الفنان الشاب ماجد المخيني "احلى قصيدة"، التي اتسمت كلماتها بالبساطة ثم غنى الفنان أحمد الحريبي بصوته الشجي أغنيتين الاولى بعنوان "صباح الكويت" على إيقاع الرومبا التي كتب كلماتها الشاعر السعودي عبداللطيف آل شيخ.
والأغنية الثانية التي قدمها الفنان الحريبي بعنوان "الله يعزك يا بلد"، بمشاركة الطالبة فاطمة الخضر، وهي من إيقاع الليوة، لتكون مسك ختام الحفل مع أغنية "بلادي"، من إيقاع الدزة بصوت كورال الفرقة الموسيقية التي وجدت تفاعلاً كبيراً من قبل الحضور.