رعت الأميرة حصة بنت سلمان بن عبدالعزيز وبحضور عدد من الأميرات وسيدات المجتمع وسيدات الأعمال الحفل الخيري الذي أقامه مركز رعاية الأطفال المعوقين في مكة المكرمة لدعم مشروع "خير مكة" الاستثماري الخيري، والذي تبنته جمعية الأطفال المعوقين ويضم خمس مراحل: الأولى فندقين يطلق على أحدهما اسم خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والثاني اسم الأمير سلطان بن عبدالعزيز -رحمه الله- كما يقام برج لعملاء شركة بندة وآخر لعملاء شركة الاتصالات السعودية.
وشارك في فعاليات الحفل الجالية الهندية ودار "تيما" للأزياء، إضافة إلى عرض مرئي عن مشروع "خير مكة" الاستثماري الخيري.
وبهذه المناسبة ألقت الأميرة حصة بنت سلمان كلمة قالت فيها: "بين نساء بلادي وبصدد مشروع نبيل من أقدس بقاع الأرض ألا وهو "خير مكة"، أتشرف بأن أكون معكن هذه الليلة، في هذه المناسبة أكثر من معنى، فهي تحمل يقيناً واضحاً بأن العناية بذوي الاحتياجات الخاصة قد تطورت عبر هذه السنوات لتصبح ثقافة عامة ننطلق فيها تأسيساً وتطبيقاً من القيم العليا في ديننا الإسلامي الرحيم، ومن القيم الثقافية والحضارية لمجتمعنا.
هذه الليلة تثبت أيضاً للجميع أن المرأة السعودية وعبر مختلف مراحل هذه البلاد استطاعت أن تقدم نموذجاً في العمل الاجتماعي والخيري المتميز والعميق والقادر على تلبية مختلف الاحتياجات الاجتماعية ومواكبة كل التحولات، وأشكر في هذه الليلة الدكتورة نجلاء رضا مديرة الجمعية، والأستاذة سولاف حجازي المسؤولة عن الأنشطة النسائية، والأستاذة عهود بدر منفذة برنامج حفل "خير مكة".
باسمي وباسم الحضور جميعاً، وباسم كل المهتمين بالعمل الإنساني أرفع كل الشكر والامتنان لسيدي خادم الحرمين الشريفين والد الجميع، الملك الذي ربى أبناءه ومحيطه الخاص والعام على العمل الخيري، وها نحن نفخر كل الفخر بأننا أعضاء بهذه الجمعية، وجميع إخوتي الذين يصغرونني سناً منذ نشأتها يتآخون مع إخوانهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أصبحوا محط أنظار كل واحد منا في كل قطاع عمل نعمل به، تلك القيم وذلك الاهتمام يتجسد الآن واقعاً يومياً لديه -حفظه الله- فله كل الدعاء.
كما أتقدم من هذه الجمعية المباركة باسم الحاضرين جميعاً بكل الشكر والتقدير لأخي العزيز الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذي استطاع خلال مسيرة الجمعية لأكثر من ثلاثين عاماً أن يحولها إلى مؤسسة بدأت من المنطقة الوسطى، وامتدت إلى جميع مناطق المملكة العربية السعودية ممثلة تجربة سعودية رائدة في العمل الإنساني والاجتماعي مع تركيزه على أن يكون للمرأة السعودية الدور الأكبر والأهم في إدارة الجمعية إدارياً وفنياً، وهو ما نشهده اليوم، حيث أن عدد الموظفات في الجمعية بمختلف فروعها أكبر بكثير من عدد الموظفين، ولعل هذا مصداق لما ظل يردده من أنه متطفل على المرأة السعودية بالعمل الخيري، حيث أن المرأة السعودية كانت وما زالت تحمل على عاتقها العمل الخيري في الثمانينيات، وها نحن اليوم مع أول امرأة سعودية تصبح مديرة لمركز منطقة بأكملها الدكتورة نجلاء رضا، فأنا عن نفسي منذ الطفولة كان لي الشرف أن أكون مع بنات وأبناء جيلي في هذه الجمعية، وغيرها من الجمعيات التي افتتحت في كل الوطن.
هذا الوعي المتزايد بالحاجات الخاصة يجعل وطننا الغالي أكثر نهضة وتحضراً.
وفي هذه المناسبة لا يفوتني أن أرفع كل تبجيل واعتزاز لأم وأخت وزوجة وابنة كل شهيد من شهداء هذا الوطن، والذين رووا بدمائهم الغالية تراب وطنهم لينبت أمناًواستقراراً، وها نحن بحمد الله نختتم مرحلة وعاصفة كانت فيها المرأة السعودية خير سند لأخيها وزوجها وابنها ووالدها، والحمد لله الذي وفقنا ونصرنا، وكل التهنئة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد ووزير الدفاع، ولكل أبناء وبنات هذا الوطن الشامخ برجاله ونسائه.
إن جانباً من معرفة مستوى التحضر في كل ثقافة يمكن قياسه بالنظر إلى واقع الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، لما يعكسه ذلك من رقي وتحضر وإنسانية وامتثال لتعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه، وهو ما نلاحظه واقعاً يتحقق بحمد الله في هذه البلاد ويزداد توسعاً وتميزاً من مرحلة إلى أخرى.
إن من يقترب من ذوي الحاجات الخاصة سواء كان تخصصه في هذا المجال أو يكون لديه فرد خاص في الأسرة أو كان من أسرة محفزة له منذ نشأته مع إخوانه من أطفالنا الخاصين، فإنه يقترب من روعة الخالق واكتمال خلقه، ويجتاز ويرى ويعرف أن الله سبحانه وتعالى يهب موهبة وذكاءً خاصاً يكمل ويفيض لشريكنا الإنسان الذي قد أعاقه جزء من جسده عن إتمام عمله اليومي.
فليس المعاق معاق العقل والجسد، إنما المعاق هو معاق الفكر والخُلُق، ولا ينتقص ذوي الاحتياجات الخاصة شيء من إنسانيتهم وقدراتهم يمنعهم من النجاح والإبداع، فكل طفل لديه ما يتطلب اكتشافه من بين الصخور وصقله إلى أن يلمع ويتألق بريقه الرائع حتى يتجلى لنا محور تفوقه ليصبح شريكاً في الحياة والنهضة ليس بمنة منا ولكن استحقاقاً، والأمثلة على ذلك من العالم كثيرة: من عالمنا العربي الإسلامي الإمام الترمذي أحد أصحاب الكتب الستة المشهورة في الحديث، فقد كان فاقداً للبصر، لكن الله حباه بصيرة جعلته أحد أعلام تاريخنا الإسلامي، وعلى غراره العالمان الإسلاميان الجليلان الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله - مفتي المملكةالعربية السعودية السابق، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل شيخ المفتي الحالي -حفظه الله- فلم يمنعهما فقدان البصر من كونهما منارة علم للعالم الإسلامي أجمع، ومثلهم الأديب الإسلامي الذي خدم الدين بأدبه مصطفى الرافعي صاحب مؤلف "المعركة تحت راية القرآن"، فلم يعقه أنه أصم أن يحظى بهذه المكانة والشهرة الواسعة، وكما يعلم الكثير أن هيلين كيلر الأمريكية التي كانت صماء عمياء بكماء منذ صغرها استطاعت أن تتغلب على كل هذا وتعلمت النطق والكتابة بأربع لغات "الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية " حتى أصبحت كاتبة ومؤلفة عالمية، ومن أشهر مؤلفاتها "قصة حياتي".
وبحمد الله وتوفيقه خلال السنوات الماضية أتيحت لي فرصة الاطلاع عن قرب على ما تقدمه جمعية رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة من خدمات مجانية وجهد ملموس لتحجيم سلبيات الإعاقة على الفرد والمجتمع، وقد تفاجأ بعضكن عندما تعلمن أن برامج الرعاية التعليمية والتأهيلية المتخصصة التي يحتاجها الطفل الواحد من هؤلاء الأطفال خلال العام تصل تكلفتها إلى ما يقارب 70 ألف ريـال، وربما أكثر، فكل طفل يحتاج إلى فريق عمل من المؤهلين المتخصصين في التربية الخاصة والتعليم والصحة النفسية وطب الأطفال والعلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي وعلاج عيوب النطق، والخدمة الاجتماعية، إضافة إلي مُسَاعِد لكل طفلين، هذا في وقت تعاني فيه معظم مجتمعاتنا العربية من ندرة في تلك الكفاءات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع متزايد في تكلفة القوى العاملة في وقت تعتمد فيه الجمعية على التبرعات كمصدر رئيس لميزانيتها.
لقد أتيح لي كعضوة في هذه الجمعية الاطلاع على بعض الاستراتيجيات عبر السنوات الماضية لتأمين مصادر تضمن استمرارية الدخل الثابت من خلال عدةمحاور، في مقدمتها: إنشاء مشروعات خيرية استثمارية بالتعاون مع شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وتوجيه إيرادات تلك المشروعات لدعم ميزانية تشغيل المراكز.
واليوم وبكل اعتزاز نتابع انطلاق هذا المشروع المتميز مشروع "خير مكة"، وهي والله أرض الخير والنور، سائلين الله تعالى له وللقائمين عليه التوفيق والسداد، مؤكدين استعدادنا للقيام بكل ما يمكن القيام به لتعزيز وتحقيق أهداف هذا المشروع المبارك.
لقد علمنا ديننا الإسلامي الحنيف أن كلاً منا عليه زكاة واجبة عن صحته وعن أولاده وعن وقته كما هي واجبة عن ماله، ومن ثم فإن علينا أن ندرك أن سلامة أطفالنا تدعونا أكثر من غيرنا للتفاعل مع هذا المشروع وأمثاله من مشاريع التكافل الاجتماعي.
فصدق قول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث"، ذكر منها الصدقة الجارية، وأقول: هل هناك أفضل من هذه المشروعات كصدقة جارية يمكن أن يبر بها الإنسان والديه أو يقيمها عن نفسه وأولاده؟.
في النهاية لا يسعني سوى تقديم الشكر للجميع، وللشركات الداعمة لهذا المشروع النبيل وفريق العمل، كما أشكر المشاركين في البرنامج، وأشكر كرم المصممة السعودية التي تستوحي تصاميمها من الأصالة إلى العصرية الأخت فاطمة عابد، وأشكر أيضاً الجالية الهندية المعطاءة لمشاركتها في هذا المحفل الإنساني، ولايفوتنا أن نشكر المؤسسة التي تقف وراء هذه الجمعية وهي "مركز سلمان لأبحاث الإعاقة"، والتي وصلت بحمد الله إلى الاهتمام بدراسة الصعوبات والمعيقات النفسية والذهنية، وأصبحت أكبر مؤسسة بخبرائها العالميين في الشرق الأوسط.
وأختم بما ابتدأت به ويؤكده ديننا الحنيف أن الاكتمال في كل إنسان موجود كما ذكرت، وأود أن أذكره دائماً لكنه جوهر يحتاج إلى استخراج وصقل".
من جانبها، أوضحت مديرة مركز رعاية الأطفال المعوقين في مكة المكرمة الدكتورة نجلاء فخر الدين في كلمة لها أن الجمعية منذ تأسيسها تسعى للإسهام في تنفيذ استراتيجيات جديدة بإنشاء مراكز متخصصة لتوفير الرعاية الكاملة "علاجية وتعليمية وتأهيلية" للطفل المعوق، ومساندة أسرته في التعايش مع الإعاقة، والإسهام في بناء رأي عام واع بقضية الإعاقة وأسبابها وطرق تفاديها وكيفية التعامل معها.
وبينت أن الجمعية بدأت انطلاقتها في التوسع وإيصال خدماتها إلى المناطق التي تحتاجها، مستشهدةً بمركز رعاية الأطفال المعوقين في مكة المكرمة الذي افتتح في عام 1419 ه، وتم بتكلفة تصل إلى 15 مليون ريـال وطاقة استيعابية يمكنها تقديم الخدمة لـ 200 طفل وطفلة، لتتوالى بعد ذلك خطوات تدشين مراكز جديدة أخرى، مثل: مركز الملك عبدالله بجدة، ومركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، ومركز الجوف، وتواصلت مسيرة التوسع بإنجاز مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز في حائل، ومركز عسير، ومركز الباحة، ومركز الرس.
وشارك في فعاليات الحفل الجالية الهندية ودار "تيما" للأزياء، إضافة إلى عرض مرئي عن مشروع "خير مكة" الاستثماري الخيري.
وبهذه المناسبة ألقت الأميرة حصة بنت سلمان كلمة قالت فيها: "بين نساء بلادي وبصدد مشروع نبيل من أقدس بقاع الأرض ألا وهو "خير مكة"، أتشرف بأن أكون معكن هذه الليلة، في هذه المناسبة أكثر من معنى، فهي تحمل يقيناً واضحاً بأن العناية بذوي الاحتياجات الخاصة قد تطورت عبر هذه السنوات لتصبح ثقافة عامة ننطلق فيها تأسيساً وتطبيقاً من القيم العليا في ديننا الإسلامي الرحيم، ومن القيم الثقافية والحضارية لمجتمعنا.
هذه الليلة تثبت أيضاً للجميع أن المرأة السعودية وعبر مختلف مراحل هذه البلاد استطاعت أن تقدم نموذجاً في العمل الاجتماعي والخيري المتميز والعميق والقادر على تلبية مختلف الاحتياجات الاجتماعية ومواكبة كل التحولات، وأشكر في هذه الليلة الدكتورة نجلاء رضا مديرة الجمعية، والأستاذة سولاف حجازي المسؤولة عن الأنشطة النسائية، والأستاذة عهود بدر منفذة برنامج حفل "خير مكة".
باسمي وباسم الحضور جميعاً، وباسم كل المهتمين بالعمل الإنساني أرفع كل الشكر والامتنان لسيدي خادم الحرمين الشريفين والد الجميع، الملك الذي ربى أبناءه ومحيطه الخاص والعام على العمل الخيري، وها نحن نفخر كل الفخر بأننا أعضاء بهذه الجمعية، وجميع إخوتي الذين يصغرونني سناً منذ نشأتها يتآخون مع إخوانهم من ذوي الاحتياجات الخاصة الذين أصبحوا محط أنظار كل واحد منا في كل قطاع عمل نعمل به، تلك القيم وذلك الاهتمام يتجسد الآن واقعاً يومياً لديه -حفظه الله- فله كل الدعاء.
كما أتقدم من هذه الجمعية المباركة باسم الحاضرين جميعاً بكل الشكر والتقدير لأخي العزيز الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة الذي استطاع خلال مسيرة الجمعية لأكثر من ثلاثين عاماً أن يحولها إلى مؤسسة بدأت من المنطقة الوسطى، وامتدت إلى جميع مناطق المملكة العربية السعودية ممثلة تجربة سعودية رائدة في العمل الإنساني والاجتماعي مع تركيزه على أن يكون للمرأة السعودية الدور الأكبر والأهم في إدارة الجمعية إدارياً وفنياً، وهو ما نشهده اليوم، حيث أن عدد الموظفات في الجمعية بمختلف فروعها أكبر بكثير من عدد الموظفين، ولعل هذا مصداق لما ظل يردده من أنه متطفل على المرأة السعودية بالعمل الخيري، حيث أن المرأة السعودية كانت وما زالت تحمل على عاتقها العمل الخيري في الثمانينيات، وها نحن اليوم مع أول امرأة سعودية تصبح مديرة لمركز منطقة بأكملها الدكتورة نجلاء رضا، فأنا عن نفسي منذ الطفولة كان لي الشرف أن أكون مع بنات وأبناء جيلي في هذه الجمعية، وغيرها من الجمعيات التي افتتحت في كل الوطن.
هذا الوعي المتزايد بالحاجات الخاصة يجعل وطننا الغالي أكثر نهضة وتحضراً.
وفي هذه المناسبة لا يفوتني أن أرفع كل تبجيل واعتزاز لأم وأخت وزوجة وابنة كل شهيد من شهداء هذا الوطن، والذين رووا بدمائهم الغالية تراب وطنهم لينبت أمناًواستقراراً، وها نحن بحمد الله نختتم مرحلة وعاصفة كانت فيها المرأة السعودية خير سند لأخيها وزوجها وابنها ووالدها، والحمد لله الذي وفقنا ونصرنا، وكل التهنئة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وولي ولي العهد ووزير الدفاع، ولكل أبناء وبنات هذا الوطن الشامخ برجاله ونسائه.
إن جانباً من معرفة مستوى التحضر في كل ثقافة يمكن قياسه بالنظر إلى واقع الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة، لما يعكسه ذلك من رقي وتحضر وإنسانية وامتثال لتعاليم الإسلام وقيمه ومبادئه، وهو ما نلاحظه واقعاً يتحقق بحمد الله في هذه البلاد ويزداد توسعاً وتميزاً من مرحلة إلى أخرى.
إن من يقترب من ذوي الحاجات الخاصة سواء كان تخصصه في هذا المجال أو يكون لديه فرد خاص في الأسرة أو كان من أسرة محفزة له منذ نشأته مع إخوانه من أطفالنا الخاصين، فإنه يقترب من روعة الخالق واكتمال خلقه، ويجتاز ويرى ويعرف أن الله سبحانه وتعالى يهب موهبة وذكاءً خاصاً يكمل ويفيض لشريكنا الإنسان الذي قد أعاقه جزء من جسده عن إتمام عمله اليومي.
فليس المعاق معاق العقل والجسد، إنما المعاق هو معاق الفكر والخُلُق، ولا ينتقص ذوي الاحتياجات الخاصة شيء من إنسانيتهم وقدراتهم يمنعهم من النجاح والإبداع، فكل طفل لديه ما يتطلب اكتشافه من بين الصخور وصقله إلى أن يلمع ويتألق بريقه الرائع حتى يتجلى لنا محور تفوقه ليصبح شريكاً في الحياة والنهضة ليس بمنة منا ولكن استحقاقاً، والأمثلة على ذلك من العالم كثيرة: من عالمنا العربي الإسلامي الإمام الترمذي أحد أصحاب الكتب الستة المشهورة في الحديث، فقد كان فاقداً للبصر، لكن الله حباه بصيرة جعلته أحد أعلام تاريخنا الإسلامي، وعلى غراره العالمان الإسلاميان الجليلان الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله - مفتي المملكةالعربية السعودية السابق، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل شيخ المفتي الحالي -حفظه الله- فلم يمنعهما فقدان البصر من كونهما منارة علم للعالم الإسلامي أجمع، ومثلهم الأديب الإسلامي الذي خدم الدين بأدبه مصطفى الرافعي صاحب مؤلف "المعركة تحت راية القرآن"، فلم يعقه أنه أصم أن يحظى بهذه المكانة والشهرة الواسعة، وكما يعلم الكثير أن هيلين كيلر الأمريكية التي كانت صماء عمياء بكماء منذ صغرها استطاعت أن تتغلب على كل هذا وتعلمت النطق والكتابة بأربع لغات "الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية " حتى أصبحت كاتبة ومؤلفة عالمية، ومن أشهر مؤلفاتها "قصة حياتي".
وبحمد الله وتوفيقه خلال السنوات الماضية أتيحت لي فرصة الاطلاع عن قرب على ما تقدمه جمعية رعاية الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة من خدمات مجانية وجهد ملموس لتحجيم سلبيات الإعاقة على الفرد والمجتمع، وقد تفاجأ بعضكن عندما تعلمن أن برامج الرعاية التعليمية والتأهيلية المتخصصة التي يحتاجها الطفل الواحد من هؤلاء الأطفال خلال العام تصل تكلفتها إلى ما يقارب 70 ألف ريـال، وربما أكثر، فكل طفل يحتاج إلى فريق عمل من المؤهلين المتخصصين في التربية الخاصة والتعليم والصحة النفسية وطب الأطفال والعلاج الوظيفي والعلاج الطبيعي وعلاج عيوب النطق، والخدمة الاجتماعية، إضافة إلي مُسَاعِد لكل طفلين، هذا في وقت تعاني فيه معظم مجتمعاتنا العربية من ندرة في تلك الكفاءات، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع متزايد في تكلفة القوى العاملة في وقت تعتمد فيه الجمعية على التبرعات كمصدر رئيس لميزانيتها.
لقد أتيح لي كعضوة في هذه الجمعية الاطلاع على بعض الاستراتيجيات عبر السنوات الماضية لتأمين مصادر تضمن استمرارية الدخل الثابت من خلال عدةمحاور، في مقدمتها: إنشاء مشروعات خيرية استثمارية بالتعاون مع شركات ومؤسسات القطاع الخاص، وتوجيه إيرادات تلك المشروعات لدعم ميزانية تشغيل المراكز.
واليوم وبكل اعتزاز نتابع انطلاق هذا المشروع المتميز مشروع "خير مكة"، وهي والله أرض الخير والنور، سائلين الله تعالى له وللقائمين عليه التوفيق والسداد، مؤكدين استعدادنا للقيام بكل ما يمكن القيام به لتعزيز وتحقيق أهداف هذا المشروع المبارك.
لقد علمنا ديننا الإسلامي الحنيف أن كلاً منا عليه زكاة واجبة عن صحته وعن أولاده وعن وقته كما هي واجبة عن ماله، ومن ثم فإن علينا أن ندرك أن سلامة أطفالنا تدعونا أكثر من غيرنا للتفاعل مع هذا المشروع وأمثاله من مشاريع التكافل الاجتماعي.
فصدق قول سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال: "إذا مات ابن أدم انقطع عمله إلا من ثلاث"، ذكر منها الصدقة الجارية، وأقول: هل هناك أفضل من هذه المشروعات كصدقة جارية يمكن أن يبر بها الإنسان والديه أو يقيمها عن نفسه وأولاده؟.
في النهاية لا يسعني سوى تقديم الشكر للجميع، وللشركات الداعمة لهذا المشروع النبيل وفريق العمل، كما أشكر المشاركين في البرنامج، وأشكر كرم المصممة السعودية التي تستوحي تصاميمها من الأصالة إلى العصرية الأخت فاطمة عابد، وأشكر أيضاً الجالية الهندية المعطاءة لمشاركتها في هذا المحفل الإنساني، ولايفوتنا أن نشكر المؤسسة التي تقف وراء هذه الجمعية وهي "مركز سلمان لأبحاث الإعاقة"، والتي وصلت بحمد الله إلى الاهتمام بدراسة الصعوبات والمعيقات النفسية والذهنية، وأصبحت أكبر مؤسسة بخبرائها العالميين في الشرق الأوسط.
وأختم بما ابتدأت به ويؤكده ديننا الحنيف أن الاكتمال في كل إنسان موجود كما ذكرت، وأود أن أذكره دائماً لكنه جوهر يحتاج إلى استخراج وصقل".
من جانبها، أوضحت مديرة مركز رعاية الأطفال المعوقين في مكة المكرمة الدكتورة نجلاء فخر الدين في كلمة لها أن الجمعية منذ تأسيسها تسعى للإسهام في تنفيذ استراتيجيات جديدة بإنشاء مراكز متخصصة لتوفير الرعاية الكاملة "علاجية وتعليمية وتأهيلية" للطفل المعوق، ومساندة أسرته في التعايش مع الإعاقة، والإسهام في بناء رأي عام واع بقضية الإعاقة وأسبابها وطرق تفاديها وكيفية التعامل معها.
وبينت أن الجمعية بدأت انطلاقتها في التوسع وإيصال خدماتها إلى المناطق التي تحتاجها، مستشهدةً بمركز رعاية الأطفال المعوقين في مكة المكرمة الذي افتتح في عام 1419 ه، وتم بتكلفة تصل إلى 15 مليون ريـال وطاقة استيعابية يمكنها تقديم الخدمة لـ 200 طفل وطفلة، لتتوالى بعد ذلك خطوات تدشين مراكز جديدة أخرى، مثل: مركز الملك عبدالله بجدة، ومركز الأمير سلطان بن عبدالعزيز في المدينة المنورة، ومركز الجوف، وتواصلت مسيرة التوسع بإنجاز مركز الملك سلمان بن عبدالعزيز في حائل، ومركز عسير، ومركز الباحة، ومركز الرس.