يسمونه... اليوم العالمي للطف. الثالث عشر من نوفمبر. رقم لا أحبه. لكن لا يهم، مادام يحمل كل الحب وكل العطاء الذي حدثتنا الدكتورة عنه. قدمت لنا ورودًا، كل واحدة منا حصلت على واحدة، بلون مختلف. وردتي كانت حمراء. لم تعجبني، لكني وضعتها في شعري، وشكرت الدكتورة.
قالت إنها جاءت أبكر من المعتاد لتشاركنا الفطور. «ستكون جلستنا مختلفة اليوم، لن تكون فيها دموع...»
صالة الأكل صغيرة، ودافئة. شهران لي هنا. شفيت تمامًا. لكن عائلتي لم تأت بعد لأخذي؛ جميعهم مشغولون، خالتي وأعمامي وأفراد العائلة الآخرون، لديهم وظائفهم وأولادهم ومشاكلهم المختلفة. أعرف كل هذا، وأقدره، لكنني لا أستطيع أن أبقى طيلة حياتي في الجمعية.
شربنا الشاي، وأكلنا فطائر وساندويتشات، وحكت لنا الدكتورة كيف يحتفل الناس في مختلف أنحاء العالم بيوم اللطف؛ «يلقون التحية على المارة، ويبتسمون لهم، ويزورون العجزة والمرضى، ويقدمون الهدايا لهم...»
وهي تتحدث، فكرت في عائلتي. لولاها لما تخلصت من براثن الوحش الذي تزوجته. وقفوا بجانبي، ونقلوني للمستشفى حين اعتدى علي، ووكلوا المحامي، وأتوا بي إلى الجمعية، يستحقون الكثير، أنا مدينة لهم. ومكالمة قصيرة بمناسبة يوم اللطف هي أدنى ما يمكن أن أقدمه لهم.
استأذنت لأجري المكالمة، لكن الدكتورة رفضت أن تسمح لأي منا بمغادرة الصالة. قالت إننا سنجري جلسة العلاج النفسي استثناءً اليوم حول مائدة الفطور، ولن تكون جلسة بالمعنى الطبي؛ بل شيئًا آخر أشبه بدردشة الأصحاب.
«أريدكن أن تنسين محنكنّ. فكرن في أشياء مفرحة، كل واحدة منكن ستحكي لنا تفاصيل أجمل يوم عاشته...»
استمعت لرفيقاتي بذهول؛ عرفن الفرح، عشن حياة جميلة قبل أن يحولهن القدر إلى ضحايا عنف الأزواج، ابتسمت غير مصدقة، وأتى دوري قبل أن أحضر نفسي للكلام.
لم أكن بحاجة لذلك في كل الأحوال.
«أذكر جيدًا ذلك اليوم. كنت وأمي في المطبخ، هي تحضر الأكل، وأنا ألعب قربها. ورن جرس الباب، رن بشكل مستمر، وصاحب رنينه طرق قوي، وضجيج أصوات. فتحت أمي، ودخل جمع غفير من الجيران، رجال ونساء يحملون شخصًا، ويهرولون به إلى الكنبة؛ إنه أبي. لمحته مغطى بالدماء، دماء حمراء قانية كلون الوردة التي قدمت لي يا دكتورة. وكان نائمًا، عيناه مغلقتان، وجسده ممدد، سحبتني إحدى الجارات خارج الشقة، وأخذتني إلى دارها التي لا تبعد كثيرًا عن عمارتنا. هناك قدمت لي بناتها حلوى وسكاكر، وصعدت معهن إلى سطح الدار، حيث كانوا يربون دجاجًا وأرانب وحمامًا، وقضينا النهار هناك، نلعب مع الحيوانات، ونتناول الأكل اللذيذ الذي أتت به جارات أخريات، قدمن لي أيضًا شرائط شعر ولعبًا وأشياءً أخرى لا أذكرها. وفي المساء، أعادتني الجارة إلى أمي، وكنت في قمة السعادة. وفي البيت، علمت أن أبي مات وبكيت».
مسحت خدي، وأحاطت بي رفيقاتي.
كن يبكين.
والدكتورة أيضًا.