أطلقوه من عنانه

بدون المرأة يكون الرجال أكثر وحشية، وجلافة، وكرهًا للحياة... أستشعر صدق هذه الصورة في الكثير من الحكايات اليومية التي يرى من نسجوا خيوطها أنّ المرأة ضلع من الشيطان، ولعنة على الرجل تدفعه إلى الغواية، والوقوع في المعاصي إلى الحد الذي أصبح فيه الاحتكاك بأي مذكر عند البعض وقوع في المحرم حتى الجدار، وهذه قالها المخالفون على سبيل التندر.

هذا العزل حتى في إطار العائلة الممتدة أعطى الكآبة مساحة أكبر في بعض المجتمعات، وانعكس على الشخصية والسلوكيات والطباع.

قناعتي الشخصية أنّ كل واحد منا في داخله إنسان رقيق، ومحب للحياة والجمال، وهو بسلوكه وقناعاته إما أن يطلقه في فضاء الكون؛ ليمنحه إشعاعًا وبهجة وإنتاجية، وإما أن يخنقه ويمارس عليه شتى صنوف الكبت ليبقى منزويًا في ركن مظلم؛ بدعوى الحرص على الفضيلة، مع أنّ الفضيلة لا تتكون وتنمو إلا في بيئة صحية، وهذه الأخيرة تجدها في السلوكيات والأفكار السوية المنطلقة في فضاء رحب مملوء بالأكسجين.

البعض يتصور أنّ خشونة الصحراء وقسوتها هي المؤثر في طباع أهلها، وبالتالي فليس بالإمكان أفضل مما هو كائن، وهو تصور تنقضه أروع حكايات الحب العذري المضمخ بعطر القصائد التي مازلنا نرددها، ولم يكن ميدانها جزر الكناري ولا واق الواق، بل أكثر الصحاري وحشة ووحشية.

ليتنا فقط تساءلنا: لماذا تحول مهند إلى شخصية جاذبة للمرأة السعودية تحديدًا، ومن السعوديين من يفوقه وسامة ورجولة؟!!

باختصار لأنّ العاطفة الحميمية ولغة الخطاب الشاعرية إحساس تبحث عنه من تفتقده، وتتعلق به حتى لو من خلال شخصية درامية... مع أنّ حقيقة سلوك الرجل التركي عنيفة جدًا!!

فقط علينا أن نتتبع حقيقة وواقع السلوك اليومي داخل الأسرة الواحدة، والذي ينعكس على شخصية كل فرد، وبالتالي تأثيره على المجتمع، وعلينا أن نقرأ بموضوعية أسباب حالات الطلاق التي تتزايد سنويًا، وما ينتج عنها من آثار، ونتتبع حالات الانحراف والاعتداءات والمخالفات الجنسية والأخلاقية والأسباب التي دفعت إليها.

بل ليتنا نسأل أنفسنا: لماذا يغلب على شخصياتنا التجهم والعبوس، وتغيب الابتسامة بين المارة في الطرقات، وممرات العمل في حين نتحول خارج حدود الوطن إلى كائنات أخرى أكثر اتزانًا وواقعية ومرحًا، وترى ابتسامة أحدنا (تشق الوجه)؟!!

فقط هي دعوة لأن نعيد قراءة الواقع الذي فرضناه قسرًا وألزمنا أنفسنا، ومن معنا به دون مبرر أخلاقي ولا إنساني ولا أيديولوجي لنعيش الحياة كما أرادها لنا الله.