"إن طرح هذا العطر جعلني أكاد أُجنّ من شدة السعادة"! بهذه الكلمات عبّر مصمم الأزياء العالمي، جون غاليانو، عن فرحته بطرح أول عطر يحمل اسمه. هذا العطر يختصر عوالم هذا المصمّم صاحب الخيال الجامح، المولع بخرق المألوف برؤيته الجنونية وعنفوانه وولعه بالموضة بمعناها الكلي، وبالموضة النسائية تحديداً.
كل عنصر من عناصر هذا العطر مرتبط بذكرى من ذكريات المصمّم غاليانو، الذي طُبعت ذاكرته الشمّية برائحة التوابل التي كانت تعبق بها الأسواق الشعبية المغربية، التي كان يرتادها وهو طفل صغير. فهو من مواليد مضيق جبل طارق القريب من المغرب. كما علقت بذاكرته الشمية أيضاً رائحة البخور، بفعل التربية الدينية التي تلقّاها بعد انتقال عائلته من إسبانيا إلى انجلترا، وهو في سن السادسة. كما اختزلت ذاكرته أيضاً الكثير من العطور الكلاسيكية، التي كانت تتعطّر بها ممثلات المسرح في لندن، حيث عمل في شبابه مساعداً للممثلات على ارتداء أزيائهن قبل اعتلاء المسرح.
خشبة المسرح...
كل هذه العوالم الشمية المتباعدة اختصرها عطر جون غاليانو الجديد. فالعطر بالنسبة له عبارة عن «نقطة المنطلق في أية علاقة إنسانية». لذا جاء هذا العطر، مثل تصاميم غاليانو في مجال الموضة، قوياً وباروكياً، فهو ذو تركيبة معقّدة وسمات عطرية فاقعة، بحيث يختصره مصمّمه بأنه يجمع ما بين البراءة والأنوثة.. أول إحساس يعترينا عندما نستنشق هذا العطر، لأول مرة، هو التوافق التام بينه وبين شخصية جون غاليانو.
وهذا ما نجحت مخترعة العطر كريستين ناجيلChristine Nagel في إنجازه، حيث اشتغلت لمدة سنة كاملة بالتنسيق مع جون غاليانو، لاستلهام مكونات هذا العطر من عوالمه الفنية الخاصة، حيث يمزج العنبر والورد والبرغموت والصنوبر البري...
رداؤه
أما قارورة العطر، فهي عبارة عن تحفة اختصر فيها غاليانو ولعه بالموضة، حيث تجسّد القارورة «فتاة غاليانو» Galliano Girl، التي تبرز للعيان شكلها الأنثوي وملامح وجهها الجذابة. وقد لُفّ رأسها وجسمها بغطاء منحها بعداً
جمالياً أنيقاً، وهي تشبه «الغيشا» اليابانية أو «الغوتيك» ذات الجمال الشيطاني، التي يعشقها جون غاليانو ويستلهم منها أغلب تصاميمه وإبداعاته.
خارج عن المألوف
وتقول بريجيت وارمسور، نائبة الرئيس المكلفة بقسم التصميم الراقي في مؤسسة «سيلكتيف بيوتي» Selective Beauty، التي التقت بها «سيدتي» في باريس، في مناسبة إطلاق هذا العطر: إن عطر جون غاليانو حقّق مبيعات مرتفعة، على الرغم من المنافسة الحادة الموجودة في مجال العطور، ليس في فرنسا فحسب، بل أيضاً في بريطانيا وسويسرا وألمانيا. وهي الدول التي يعتبر إسم جون غاليانو فيها مكرّساً. أما عن مواصفات وأسباب نجاح هذا العطر، فتقول: «السرّ يكمن في تميّزه الشديد عن العطور التي طُرحت خلال هذا الموسم. فبالرغم من التنافس الشديد القائم، إلا أن الروح الإبداعية التي إتّسم بها هذا العطر صنعت تميزه وأعطته طابعاً متفرّداً...».
وتشير أحدث الأخبار إلى أن نجاح هذا العطر دفع جون غاليانو للتخطيط لخطوات أخرى مماثلة، خارج مجال نشاطه الأساسي، أي تصميم الأزياء، حيث يُرتقب أن يطرح مستقبلاً تشكيلة من النظارات الشمسية والساعات التي تحمل اسمه. ومن المؤكد أنها ستكون هي الأخرى خارجة عن المألوف ومستوحاة من عوالمه الخاصة، مثل هذا العطر، ومثل الأزياء الراقية التي يصمّمها لدار «كريستيان ديور»...