بعد أن ظننا في وقت من الأوقات أنّ الأزمة المالية وتبعاتها قد ولت أو على الأقل قد بدأت آثارها بالتراجع والانحصار في دول معينة، بدأت الأزمة تطل علينا من جديد من خلال ظهور بعض الآثار على بعض دول المنطقة سواء الخليجية أو غيرها وتنامي هذه الآثار بحيث أنها أصبحت تؤرق المواطن والمستثمر على حدّ سواء، ونظراً لأهمية هذه الأزمة فقد التقت "سيدتي" بالاقتصادي (الدكتور/ أنس بن فيصل الحجي) كبير الاقتصاديين في شركة (إن جي بي- دلاس- تكساس) لمعرفة مدى التأثير الحقيقي للأزمة المالية على أسواق الخليج، وهل ما يحدث هو من ضمن التوقعات أم أنّ هناك ما هو غير متوقع؟ وهل لا تزال دائرة الخطر بعيدة عنا أم أننا وكما يرى البعض أصبحنا في مركز الإعصار....
- عندما بدأت الأزمة المالية في الخارج تم الإعلان عن بعد هذه الأزمة عن الأسواق المحلية والخليجية وتم التأكيد على أنّ هذه الأسواق مستقرة ولن تتأثر، ولكن سرعان ما ظهر العكس وبدأت آثار الأزمة تظهر بوضوح على الأسواق فما تعليقكم على ذلك؟
إنّ ما يحدث الآن ليس هو المفاجأة بل إنّ المفاجأة الحقيقية كانت هي إنكار بعض المسئولين لآثار الأزمة على الأسواق فكل ما يظنه ويؤكّد عليه الخبراء وأهل الاختصاص أنّ تأثير الأزمة العالمية ضرب الأسواق المحلية منذ لحظة ولادتها وتأثيرها على الشركات المحلية كان مؤكّداً لعدة أسباب:
- اعتماد دول الخليج على صادرات النفط، وأسواق النفط مرتبطة باقتصاديات الدول الصناعية بدون شك.
- اعتماد كبرى الشركات في أسواق الأسهم الخليجية على صادرات مختلفة من أهمها البتروكيماويات والتي ترتبط بشكل مباشر بأداء الدول الصناعية الكبرى والتي تأثرت بالأزمة.
- اعتماد الشركات على التمويل والذي أصبح دولياً بطبيعته وبالتالي فهي تتأثر بأوضاع التمويل في الدول الصناعية.
- الأزمة المالية أدّت إلى ما يعرف بأزمة السيولة وبالتالي إلى انخفاض حادّ في مستوى الإقراض وهو ما تعتمد عليه الشركات.
- وجود تفاؤل مبالغ به بأداء الأسواق الخليجية خاصة في استثمارات العقار وفي دبي بالتحديد وهذه الاستثمارات تعتمد بالتحديد على السيولة والإقراض.
و باختصار شديد الدول الخليجية جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ومرض الاقتصاد العالمي أدّى إلى آلام في أجزاء مختلفة من جسمه المريض، فكيف يعقل أن يكون منطقياً انفصال الأسواق والاقتصاد الخليجي عن الأسواق والاقتصاد العالمي!!
- في المرحلة القادمة، ماذا تتوقعون لمستقبل الأسواق والشركات الخليجية بمختلف قطاعاتها في ظل هذه الأزمة؟ خاصة بعد الدعم الكبير الذي أولته الحكومات للأسواق من خلال المشاريع الضخمة والموازنات الغير مسبوقة؟
أعتقد أنّ التدخل الحكومي سيؤخر الانتعاش بعكس ما هو متوقع منه، والانتعاش قادم بدون شك ولكن ليس بسبب التدخلات الحكومية، والإنفاق الحكومي لن يحل الأزمة إلا إذا ترافق مع تغيرات هيكلية في الاقتصاد والتي تتضمن سياسات تسهم في زيادة الإنتاج في كافة القطاعات لإنعاشها.
- من خلال خبرتكم، ما التصرف الآمن لعامة الناس والنصيحة التي تقدمونها لهم حتى لا يفقدوا أموالهم في حال حدث انهيار للبنوك في المنطقة مثلاً كما حدث مع بعض البنوك الأجنبية؟
المشكلة في دول الخليج فريدة من نوعها، فكل من يشارك في سوق الأسهم مثلاً يريد أن يصبح مليونيراً خلال أيام وهناك من يرى أنّ الربح له والخسارة على الحكومة، المشكلة ثقافية أكثر منها مالية في هذه الحالة أسواق الأسهم مازالت دخيلة على الاقتصاديات الخليجية لأنها لم تنم ضمن النظام السائد وإنما أُقحمت إقحاماً عليه، وبالتالي فإنّ الأمر الذي نتج عنه هو وجودها بدون وجود ثقافة استثمارية لدى الناس لحمايتها، ولذلك فنصيحتي الأهم هي الثقافة، ثم الثقافة لنتمكن من التعامل مع هذه الأسواق بطريقة آمنة بالفعل.
- ما رأيكم بالدور الذي قام به الإعلام العربي في هذه الأزمة؟
باعتقادي لم يقم الإعلام المحلي للأسف سوى بنقل وترجمة لما جاء بالإعلام الغربي عن الأزمة، فلو أنّ الإعلام قام بدوره الحقيقي لتوقف التلاعب في أموال الناس منذ فترة طويلة، وأول من سيخسر وظائفهم هم من الذين يلومون سوء أداء شركاتهم على الإعلام، لذلك فإنّ من يهاجم الإعلام هم من يرون أنّ الإعلام خطر عليهم في حال قام بدوره الصحيح بطريقة سليمة.
بعض شواهد الأزمة الاقتصادية الخليجية
- شركة سابك تعلن عن تراجع أرباحها بنسبة 95% لأول مرة في تاريخها.
- في نتائج الربع الرابع من العام: شركة صافولا أعلنت أنها تكبدت خسائر تجاوزت ألـ400 مليون خلال العام 2008.
- أسواق العقارات تتراجع بنسب متفاوتة في مناطق المملكة.
- دبي تدخل أولى مراحل الكساد وتستغني عن مئات الموظفين في مختلف شركاتها.
- أسواق الأسهم الخليجية تخسر أكثر من ثلث قيمتها خلال 2008.