الاهتمام بالمظهر الحسن للوصول إلى أجمل شكل هو غريزة بشريَّة وجدت في المرأة والرجل على حد سواء. والأناقة اليوم أصبحت مطلباً أساسياً للقبول في المجتمع. وقد أولى بعض الرجال اهتماماً مبالغاً في هذا الأمر، وصل أحياناً إلى حدّ الهوس؛ فأطلقت بعض النساء صرخاتهنَّ جرَّاء سلوكيات أزواجن المتعلقة بمظهرهم. غير أن أغلب الرجال يجدون أنَّ العناية بالمظهر الخارجي أمر اعتيادي يجب ألاّ يصل إلى الإفراط إلا في حالات معدودة جداً. لكن يبقى الموضوع برمَّته مثيراً لحفيظة كثير من الزوجات.
وتأكيداً على تنامي هذه الظاهرة، فقد ارتفعت نسبة الرجال السعوديين الذين يجرون عمليات تجميلية لتصل إلى 30% في عام 2013 حسب ما صرَّح به الدكتور حسن العماري، مدير المركز الكندي للأمراض الجلدية.
«سيدتي» ترصد هنا آراء بعض النساء والرجال تجاه هذه الظاهرة.
أزمة منتصف العمر!
منار الأسودي «22 عاماً»، ربة منزل وأم لطفلين، تقول: «هذه الظاهرة قليلاً ما نلمحها بين المتزوجين في السعوديَّة، لكنَّني لو لاحظت أنَّ زوجي يتجمَّل بشكل مبالغ فيه؛ فسأمنعه من ذلك قطعاً». وأضافت: «إحدى قريباتي روت لي عن هوس زوجها المفاجئ بمظهره؛ من الشعر حتى الأظفار. وبعد التقصّي عن أسباب هذا التغيُّر، اكتشفت أنَّه يعاني من أزمة منتصف العمر ليس إلا».
زواج جديد أم علاقة حميمة؟
وتحدثت مريم حسن «45 عاماً»، اختصاصية تغذية، عن تجربة إحدى صديقاتها، قائلة: «لاحظت صديقة لي أنَّ زوجها أصبح مهتماً بمظهره الشخصي: عطره، هندامه، ساعته وحذاؤه؛ فضلاً عن انضمامه إلى نادٍ رياضي واتباعه حمية غذائيَّة، فظنت أنَّ ذلك تغير إيجابي، إلا أنَّها اكتشفت بأنَّ زوجها مقدم على زواج آخر».
وعلقت أشواق محمود «30 عاماً»، معلمة تربية خاصة، قائلة: «الرجل لا يولي أناقته الشخصيَّة عناية فائقة إلا في حالتين، إما أن يكون ذا ميول مِثلية، أو أنه بصدد إقامة علاقة حميمة». وأضافت: «إحدى صديقاتي عانت من هذا الأمر؛ إذ تحول زوجها من رجل عادي إلى رجل مهووس بالأناقة، وصولاً إلى إجرائه عمليات تجميل؛ فأدركت أنَّه يخونها مع إحداهنَّ».
غِيرة محفِّزة
فوز محمد «28 عاماً»، ممرضة، لها وجهة نظر مختلفة؛ إذ قالت: «بعض الرجال يغـارون عندما تتلقى زوجاتهم المدح والثناء بسبب أناقتهنَّ؛ فيتبعون النهج ذاته ويقومون بالاهتمام بأناقتهم».
هوس الموضة وتجميل الأنف
حسان إبراهيم «23 عاماً»، طالب هندسة صناعيَّة وموظف في شركة MTC، روى لنا قصة أحد زملائه في الجامعة الذي تحول فجأة إلى شخص مهووس بشراء كميات كبيرة من الملابس والإكسسوارات مجاراة للموضة، فضلاً عن خضوعه لعملية تجميل أنف غير مبررة.
تقليد الشخصيات
ويعبِّر عصام الصامطي «35 عاماً»، اختصاصي الموارد البشرية في المركز الوطني للمعلومات التربوية، عن رأيه قائلاً: «إنه لضربٌ من الجنون أن نجد أحدهم يحرص على نمص حاجبيه وتجميلهما ليُشابه بعض الشخصيات العالميَّة».
شخصيتان في جسد واحد
أما فؤاد الجشي «47 عاماً»، مدير العمليات في شركة بحرية، فيقول: «نعرف الرجل المغالي في الأناقة من طريقة لباسه المتكلف، ورائحة المسك الفواحة، في حين يكون مستوى أسلوبه في الحديث لا يتناسب مطلقاً مع مظهره الخارجي؛ فهو يعيش شخصيتين في آن واحد».
الرأي النفسي والاجتماعي
ترى نورا السعد «50 عاماً»، معلمة علم نفس، أن سبب الاهتمام المفاجئ بالأناقة يعود أحياناً إلى خيانة أو صدمة تدخل الفرد في حالة من انخفاض الثقة بنفسه؛ فيلجأ إلى تكثيف الاهتمام بمظهره الخارجي، أو تكون طلباً لمنصب اجتماعي أو مهني. مشيرةً إلى أن تسابق الرجال في هذا السلوك نابع من سببين، أحدهما عدم تقبله لذاته، والسبب الآخر والأهم هو الفراغ.
أما الدكتور ماجد قنش، استشاري سلوكي وأسري وعضو الجمعيَّة الأميركيَّة للعلاج بخط الزمن، فقد أرجع السلوكيات غير السوية للرجال المبالغين في أناقتهم ومظهرهم الخارجي إلى ثلاثة أسباب، هي: لفت الانتباه، أو عدم وجود ثقة داخلية، أو وجود علاقة عاطفية. لافتاً إلى أنَّ الاهتمام بالمظهر الخارجي والداخلي مهم، لكن ليس إلى حد الإفراط، وهذا ما يزعج الزوجة ويقلقها في العادة؛ لذا يجب أن تكون هي المبادرة وتهتم بأناقة زوجها في الحد المعقول، وتشاركه الرأي باستمرار حول ذلك.
تفاصيل أكثر حول هذا الموضوع في عدد "سيدتي" 1788.