علماء الأزهر يرفضون فتوى الشيخ طنطاوي إباحة نقل أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام

أثارت فتوى لشيخ الأزهر د.محمد سيد طنطاوي جدلاً واسعاً بين العلماء، حيث أجاز نقل الأعضاء من الشخص المحكوم عليه بالإعدام لإنقاذ حياة مريض، بدون موافقة مسبقة منه أو من أهله.

شيخ الأزهر يرى في فتواه أنه من نفذ فيه حق الإعدام ليس له حق في أن يكون له ولاية على جسده شرعاً بعد إعدامه، وبالتالي يجوز انتزاع أعضاء من جسده لإنقاذ مريض ميؤوس من شفائه.



 

الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أبدى رأيه في هذه القضية، فقال إنه لا يحق أخذ أعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام من أجسامهم إلا بأمرين: أن يتبرعوا بها مثل الجلد أو القرنية، وبأمر القاضي، فإن أخذ عضو من المحكوم عليهم بالإعدام في غير هاتين الحالتين يكون قد حكمنا عليهم بعقوبتين هما الإعدام، وأخذ شيء من أجسادهم دون إذنهم أو موافقتهم.

 

التصرف في الجسد غير جائز

د. احمد الطيب، رئيس جامعة الأزهر يقول: إنه لا يجوز لأي شخص أن يتصرف في جسد الميت دون إذنه أو إذن ورثته من بعده سواء أكان ميتاً عاديا أو منفذاً فيه حكم إعدام، وذلك بعد عملية الشنق؛ لأنه من غير المنطقي أن نبيح جسد الميت فكيف الذي حكم عليه بالإعدام الذي نال عقابه في جريمة ما، ولكن يمكن في هذه الحالة أن يسأل المحكوم عليه بالإعدام للتبرع بأعضائه، وإذا رفض فيجب علينا أن نحترم قراره.

 

حرمة الميت كالحي

د. عبد الحكم الصعيدي، الأستاذ بجامعة الأزهر يقول: إن حرمة جسم الميت كحرمة جسد الحي، وكسر عظم الميت ككسر عظم الحي، والإنسان الذي حكم عليه بالإعدام بمجرد إعدامه يكون قد اقتص منه على الجريمة التي ارتكبها، ومن هنا يصبح السؤال: بأي حق تنتزع أعضاؤه من جسده ونحن نعلم مدى حرمة الميت وحرمة جسده؟ وعلى ذلك فإن الموافقة قبل الموت تكون شرطاً أساسياً في الحصول على أعضائه هذا من ناحية حرمة الجسد وحق التصرف فيه.

ويطالب د.الصعيدي المعنيين بأن يحسنوا وضع المجتمع للحد من الجرائم وليس تشجيعها بالاستفادة من أعضاء المجرمين والمحكوم عليهم بالإعدام مهما كانت الجرائم، فهو له حق في جسده فكيف يحللون انتهاك أجساد الغير دون موافقتهم.

 

تكريم الإنسان

نفس الرأي تقوله د.سعاد صالح، أستاذة الفقه المقارن بجامعة الأزهر: وترى أنه لا يجوز أخذ أعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام إلا بموافقتهم قبل أن ينفذ فيهم حكم الإعدام، حيث يشترط الموافقة من باب حفظ الكرامة لهذا الإنسان.يقول الحق تعالى «ولقد كرمنا بني آدم» فالقرآن يحثنا على أن نكرم الإنسان، ونحافظ عليه بعد موته، حيث يعود الأمر في النهاية إلى المولى عز وجل إن شاء غفر له.

وتتساءل د.سعاد: كيف يغض المسؤولون النظر عن حماية ومحاربة بيع الأعضاء البشرية؟ أليس الأولى بنا أن نعدم المفسدين والمقصرين في مسؤوليتهم.

 

غير سوي

تؤيد د.آمنة نصير، عميدة كلية الدراسات الإسلامية سابقاً هذه الآراء أيضاً لكنها ترى أن هذا الإنسان الذي نفذ فيه حكم الإعدام طبيعي أنه غير سوي، ولن يوافق على أخذ أعضاء منه فإذا كان كذلك فهو لم يرضَ أن يؤخذ منه أعضاء، كما لا يجوز بأي حال من الأحوال أن يتم تنفيذ حكمين على إنسان في وقت واحد، حكم الإعدام وحكم أخذ أعضائه دون أذنه أو رغبته.

 

4 حالات فقط

د.محمد رأفت عثمان، أستاذ بجامعة الأزهر، يؤكد أنه لا يجوز بأي شكل من الأشكال التصرف في جسد المحكوم عليهم بالإعدام، وإن كان العلماء لم يتوصلوا حتى اليوم إلى كيفية الاستفادة بأعضاء من مات موتاً حقيقياً إلا أربع حالات فقط، وهي القرنية والجلد وبعض العظام الرقيقة وصمامات القلب، وما عدا ذلك لم يستطع العلم الإفادة منه إلا في حالة ما يسمونه موت جذع المخ، وهو موت لا يقره علماء الشريعة، فمن مات جذع مخه يعتبر حياً في رأي الفقهاء، وبالتالي لا يجوز نزع أعضائه حتى لو كان أوصى بها.

 

حقل تجارب

د. فتحي سرور، رئيس البرلمان المصري، يرى أن نقل الأعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام مرفوض، فلا يجوز بأي حال من الأحوال أن يكون الإنسان حقل تجارب، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن هناك من يطالب بضرورة انتزاع أعضاء من المحكوم عليهم بالإعدام دون استئذانهم.

 

زيادة الطلب على نقل الأعضاء

إيهاب العمدة، عضو مجلس الشعب يقول: إن لجنة العدالة بالمجلس تسعى للحصول على موافقة للاستفادة من أعضاء المحكوم عليهم بالإعدام من خلال تشريع يقره البرلمان المصري، وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها المناداة بهذا الموضوع في ضوء زيادة الطلب على نقل الأعضاء مقابل زيادة عدد الذين يعدمون، حيث يرى العلماء ضرورة الاستفادة بأعضاء المحكوم عليهم بالإعدام دون إذن منهم، مشيرين إلى الأموال الطائلة التي يتم إنفاقها للحصول على أعضاء من البلاد الأجنبية.

 

التبرع جائز بدون مقابل

علماء الدين والأطباء أجمعوا على أنه يجوز أن يوصي الإنسان بموافقته على نقل أعضائه أو بعضها عند وفاته بما ينفع الآخرين، وأنه يجوز التبرع بدون مقابل من المسلم العاقل البالغ لآخر وفق ما يرضاه ويختاره، كما يجوز التبرع للأقارب وغير الأقارب وفقاً لما تقتضيه المصلحة العامة.

رفض العلماء رفضاً باتاً بيع الإنسان لأي جزء من أجزاء جسده مؤكدين أن ذلك باطل ومحرم شرعاً في الوقت الذي أباح فيه البعض تبرع الحي بجزء من جسده؛ لإنقاذ حياة شخص آخر أو لتحسين صحته وفقاً لما أقره جمهور الفقهاء الذين أكدوا أن أخذ جزء من جسد الحي أو الميت لإنقاذ حياة شخص آخر جائز بعد إقرار الأطباء ذوي الثقة الدينية والعلمية؛ للتحقق من وفاته ومفارقته الحياة بشكل شرعي.

 

تفاصيل أوسع تجدونها في العدد 1473 من مجلة "سيدتي" المتوفر في الأسواق.