يحتار المشاهد في أول يوم رمضان ماذا يشاهد من مسلسلات، ويكون يومه الرمضاني الأول يوم لاستكشاف الأفضل منها بناءً على مشاهدته الحلقة الأولى من كل مسلسل، فنادراً ما يتراجع مستوى المسلسل التي يفتتح عرضه بحلقة متمكنة قوية غنية بالتوابل الدرامية الشهية.
مؤلف ومخرج "العهد" يحدثان ثورة نوعية في الدراما العربية
تنطلق الحلقة الأولى من المسلسل المصري "العهد" القريب في نصه غير التقليدي لمؤلفه محمد أمين راضي ومخرجه خالد مرعي اللذين نجحا معاً كثنائي درامي مميز منذ عملهما المتميز "نيران صديقة" و"السبع وصايا" بقوة عبر حبكة قوية، وأداء ممثلين طبيعي، وإخراج متمكن، ونص جديد بكر قادر بقصته غير التقليدية والأحداث المتسارعة دقيقة بعد أخرى دون ملل أو خلل أو خطأ.
وتبدأ الأحداث بقتل الشقيق غير الشرعي خليل لشقيقه كبير الكفر كمال الديب بالتواطؤ مع زوجة شقيقه الخائنة قمر، ويحمل جثته ويربط حصانه جنبه ليظن الناس أنه سقط عنه ومات لكن مشعل إبن عائلة الكفر الحاكمة له وقريبه يعرف من والدته قارئة الطالع أنه قتل قبل أن ينقل إليه خبر موته، وعندما يعترض على تولي خليل مكانه لكونه إبن زنا غير شرعي يتهمه خليل بقتل شقيقه كبير الكفر، ويأمر شيخ القرية بإطلاق الرصاص عليه لكنه لا يموت، وينقذه إبن خليل غير الشرعي الذي يرفض والده الإعتراف به، وكرر ما فعله والده به، ويذهب للقبض على والدة مشعل التي تسرق وثيقة العهد التي تنص على شروط الأنسب لحكم الكفر. فيأخذ حفيدتها سحر ليرغمها على العودة بعد معرفتها بمقتل إبنها مشعل، بينما شقيقتها الصغرى سندس تهرب مع أكمل إبن خليل غير الشرعي.
ويواجه خليل معارضة شديدة من أهل الكفر الذين يحبذون أن تكون زوجة كبيرهم المقتول وصية على إبنها مهيب المختفي إثر رؤيته لهما يقتلان والده، فتقص شعر سحر لتدعي أنها إبنها مهيب الذين لا يعرفون شكله.
وتلدغ أفعى صديقة لمهيب المقيم في وكر أفاعي دون أن يؤذوا خليل الذي ينجو بأعجوبة لتتوالى الأحداث المثيرة،ويقع ضحايا جدد طامحون بالسلطة والنفوذ حتى النساء منهم وذلك: جراء صراع ثلاثة كفور في أحقية كل كفر فى الحكم لنكتشف أنهم فى قديم الأزل كانوا كفراً واحداً يحكمه رجل صالح دون سلاح أو قوة، استمد دستوره من كلام الله، وبالعهد الذى ورثه عن الأولياء الصالحين الذين كانوا يملكون الكفر فى الماضي، حتى جاءت عائلة الديب واستولت على الكفر وقسموه إلى 3 كفور: القلعة، نطاط الحيط، النسوان .
في الحلقات المقبلة سيزداد عدد الضحايا للإستيلاء على السلطة فتقتل الإبنة أمها ويستعد العم خليل بعد قتله لأخيه كبير الكفر كمال الذيب لقتل إبن أخيه الصغير مهيب،فمن سينتصر في النهاية؟
النص جديد وقادر على مفاجأتنا ليس حلقة بعد أخرى وإنما مشهد تلو آخر دون أن نتوقع ما سيحدث،وهذا أمر جديد اشتاق له المشاهد العربي.
وجمال النص لمؤلفه محمد أمين راضي وقوة وتمكن الإخراج لمخرجه خالد مرعي أسرانا بعمليهما السابقين "نيران صديقة" و"السبع وصايا"، لكن بعملهما الثالث "العهد" حشدا له كوكبة من النجوم العرب المميزين برصيد رائع من النجاحات الدرامية مثل: سوسن بدر وهنا شيحة وكندة علوش وغادة عادل وآسر ياسين، والأردني ياسر المصري الذي كان بحق نجم الحلقة الأولى بشخصية مشعل المستمر بدوره في الحلقات المقبلة بعد نجاته بأعجوبة ليتواجه مجدداً مع خليل لحماية الوريث الشرعي لمنصب كبير الكفر الطفل الصغير مهيب الذي تبرز الحلقتين الأولى والثانية منه امتلاكه قدرات عجيبة تحميه من أعدائه وتؤذيهم .
الثنائي الدرامي الناجح: الكاتب محمد أمين راضي والمخرج خالد مرعي مستمران للسنة الثالثة في إحداث ثورة نوعية بنمط الدراما العربية لتركيزهما في معظم أعمالهم الدرامية على عنصر الغرائبيات والفانتازيا ويقدمانها بحبكة درامية شيقة وذكية لا يمكن للمشاهد الباحث عن المتعة تفويتها مهما كان الثمن.
من سيفوز "العراب.. نادي الشرق" مع جمال سليمان أم "العراب" مع عاصي الحلاني؟
مسلسلان سوريان عربيان يحملان الإسم ذاته، وكلاهما من تأليف وإخراج وإنتاج سوري ومطعّم بحشد كوكبة من النجوم العرب،فمسلسل "العراب- نادي الشرق" من تأليف الكاتب والممثل رافي وهبي وإخراج حاتم علي وبطولة النجم السوري الكبير جمال سليمان المشتاق للدراما السورية بعد تألقه لأعوام في الدراما المصرية وأكد القائمون عليه أنه ليس نسخة كربونية عن فيلم "العراب" العالمي لمارلون براندو الذي خرجت من عباءته أعمال أجنبية وعربية كثيرة وليس هذان العملان فقط، والثاني مسلسل "العراب" الذي أخرجه المثنى صبح تلميذ حاتم علي النجيب وبطله الفنان اللبناني الفارس عاصي الحلاني في أول تجاربه الدرامية إلى جانب نخبة من نجوم سوريا ولبنان والذي تتلمذ على يدي الفنانين السوريين الكبيرين غسان مسعود الذي اعتذر في منتصف الطريق وحلّ مكانه في تدريب عاصي الحلاني وفي دور الآغا حسن العويتي.
وأبرزت الحلقة الأولى من كلا العملين تفردهما وقدرتهما على المنافسة عبر زعيم المافيا الأب والأشقاء السائرين في ركبه للحفاظ على السلطة والنفوذ والمال مهما سال من أجل ذلك أنهار من الدم، لكن الخط الدرامي بدا مختلفاً فلم يشبها بعضهما بالطرح أو بالشكل وإنما بالفكرة الأساسية فحسب وهي استلهام شخصية العراب.
لكن بدا الفرق كبيراً وواضحاً بينهما لصالح (العراب – نادي الشرق) في الحبكة التي تفرش تفاصيل القصة والشخصيات بشكل طبيعي وذكي تمهيدي للأحداث المقبلة ضمن سخاء إنتاجي باهر عبر الديكور والمواقع والأثاث والسيارات وحشد الشخصيات في حفل الزفاف العائلي الذي يتأخر عليه جاد الإبن الأصغر المدلل (باسل خياط) ، وأداء جمال سليمان الذي أشعرنا من المشهد الأول بهيبة رئيس المافيا المهاب وصاحب النفوذ والكلمة.
والفرق بين هذا وذاك أن مؤلفه رافي وهبي حمله إسقاطات معاصرة تفضح فساد المتنفذين في سوريا، واحترافية المخرج حاتم علي كانت ساطعة في الحلقة الأولى بكافة التفاصيل، والمؤكد أنه هذا العام سيعوض عدم تحقيق مسلسله السابق "قلم حمرة" الإنتشار الذي يستحقه لعرض قناة عراقية واحدة لهفي رمضان الفائت. أما في رمضان الحالي فتعرض مسلسله "العراب – نادي الشرق" قناة لبنانية هي الـ lbci، وعربياً ldc. وللمصادفة فإن مسلسل "العراب" الآخر تعرضه قناة لبنانية أيضاً هي الجديد، ولا بد من أن القناتين تريدان أن يفوز مسلسلها بلقب: العمل الأعلى مشاهدة ولو في لبنان فقط، وهذا لن يتضح إلا بعد عرض 10 حلقات على الأقل من كلا العملين.
والمنافسة ستزداد حدة بين العملين في الحلقات المقبلة للفوز بالحصة الأكبر من النجاح وإعجاب النقاد ونسبة المشاهدين والكعكة الإعلانية،ولا يعرف بعد من سيكون الرابح من الممثلين خاصةً وأن المنافسة لن تكون عادلة بين جمال سليمان الممثل صاحب التجارب والتاريخ لأكثر من 25 عاماً وبين الفنان عاصي الحلاني في تجربته الدرامية الأولى، لكن المؤكد أكثر أن المشاهد هو الرابح الأكبر في رصد أدائهما معاً في المسلسلين وللإستمتاع بحرفية جمال سليمان وباجتهاد وطلة عاصي الحلاني الأولى على الشاشة الصغيرة التي نتمنى أن تكون موفقة لتكسب الدراما فارساً جديداً فيها.