|
غلطة عمري أني تزوجت من شخص يُطلَق عليه رجل؛ وهو لا يمتلك من صفات الرجولة سوى مظهره فقط، رجل ذُقت المر والهوان في حياتي معه، رجل لم يتحمل مسئولية أي أمر، نسي أنه ربان السفينة وعليه أن يؤمِّن مستقبلها، ويقودها إلى بر الأمان، ورغم كل تلك المساوئ، والعيوب رضيت بواقعي، وانزرعت في مسؤوليات أكبر مني؛ لأحافظ على بيتي، كنت راضية بنصيبي مهما كان قاسيًا؛.
ومرت خمسة أعوام رزقني الله خلالها بطفلتين؛ وزادت معهما جرعات المر والألم؛ وتعددت أصناف وألوان وأشكال العذاب، ولا أي رادع كان يردعه عن تعذيبي، ورغم أن الحل الأمثل في قضيتنا كان هو الطلاق إلا أنى كنت أرفضه خوفًا من آثاره السيئة على ابنتيَّ، وعلى حياتنا، نظرًا لعدم وجود مورد مالي لديَّ، وأقنعت نفسي أن أطبق المثل القائل: «ظل رجل ولا ظل حيطة»؛ فقدمت له كل التضحيات، ولكنه قابلها بالجحود، ونكران الجميل، وقرر فجأة أن يُطلقني، ويرحل، وتركنا في مهب الرياح بلا مصدر رزق، وتوالت الشهور وأنا أعاني من الاستدانة من الأهل، والأقارب حتى تكالبت عليَّ الديون، وفكرت كثيرًا كيف أواجه واقعي بعد أن فقدت الأمل في العثور على الزوج المزعوم، والأب المسئول أمام الله؟، ما ذنب طفلتيَّ أن تعيشا حياتهما بلا أب وهو موجود على قيد الحياة؟ وما ذنبي أنا حتى أظل أعاني، وأصارع، وأكابد لأوفر لي ولهما أدنى حد من لقمة العيش؟ خاصة أن أهلي يعيشون تحت مستوى الفقر، فكيف أعود لهم بعد أن أصبحنا ثلاثة أشخاص؟، ولمنْ ألجأ، ومنْ يأخذ لي ولهما حقنا الشرعي لنحيا على الأقل حياة كريمة دون تسول، ودون أن أريق ماء وجهي؟
وأصبحت امرأة مطلقة، ومعيلة أقوم بدور الأم والأب، وتحملت مسؤولية الإنفاق على أسرتي وحمايتها، وأنا ما زلت في العقد الثاني من عمري، واستنفدت كل طاقتي النفسية، والعصبية حتى بلغ الإحباط مداه، ومن أجل ابنتيَّ تحاملت على نفسي، وارتفعت فوق آلامي، وقررت أن أعمل، وبحثت كثيرًا ولم أجد وظيفة مناسبة، فليس لديَّ أي مؤهلات، ولا خبرات في مجال العمل، ولم أجد أمامي سوى العمل كحاضنة في مدرسة، وكنت أعمل طوال النهار، وأعود بإرهاقي، وتعبي لأرعاهما، وكرست لهما كل جهدي ووقتي وعمري، وحتى الآن لم يفكر والدهما بأن يُراجع نفسه، ولم يشعر بالذنب لما اقترفت يداه، ولم يشعر بالندم ولو للحظة يخلو فيها بنفسه.
وها هي السنوات تمر دون بارقة أمل حقيقي، قد أتناسى ما فعله، وما ارتكبه في حقنا، ولكن الله لا ينسى مثقال ذرة مما فعله بنا.
أنين الحياة
إن النساء العائلات هن اللاتي يتوليْن بصورة دائمة مهمة الإنفاق على أسرهن، والقيام برعايتهن اجتماعيًّا واقتصاديًّا، ويندرج تحت هذا البند شرائح الأرامل، والمطلقات، والمهجورات، وزوجات لأزواج مرضى، أو معاقين، أو مسجونين، أو عاطلين عن العمل، أو أشباه الرجال الذين يرفضون الإنفاق مع سبق الإصرار والترصد، كما يوجد الكثير من النساء غير المتزوجات يقُمن بإعالة إخوانهن، أو والديهن، ونظرًا لازدياد أعداد المرأة المعيلة، فلا بد أن تكون جزءًا لا يتجزأ من إستراتيجية التنمية الشاملة، على أن يكون هناك العديد من المشاريع، والبرامج لدراسة أوضاعهن، وتقديم المساعدة الاقتصادية، والتعليمية، والصحية، والرعاية الاجتماعية لهن بجانب الحماية التشريعية من الأزواج الهاربين من المسئولية.
همس الأزاهير
الحاجة ماسة لتحقيق أهداف المبادرة التي تسعى لاستصدار نظام أحوال شخصية يعنى بضبط، وتقنين إجراءات الطلاق، ويحفظ حقوق المطلقات وأبنائهن، وضرورة الإسراع في إصدار هذا النظام لإزالة الأثر السلبي على الأسر، خاصة المطلقات، وذويهن لعدم وجود تنظيم لمسائل الطلاق، والنفقة، والحضانة،
الشيخ عبد المحسن العبيكان.