نقرّ كلنا بصحة المثل العربي الذي يقول «فاقد الشيء لا يعطيه»، ولذا فإن الفنانين هم أولى الناس بالشعور بالتفاؤل والأمل، رغم ما يعتري حياتهم من مشاكل وأزمات، لأن واجبهم الأساسي يبقى في نقل روح التفاؤل والقيم الإنسانية السامية في المجتمع الذي يعيشون فيه؛ حتى تظلّ للفن قيمة غالية تميّزه عمّا سواه من المهن الأخرى.
ولعلّ أسمى ما يقوم به الفنانون هو إشاعة التفاؤل والأمل في أوساط جماهيرهم ومعجبيهم، ولذلك غالباً ما يعرض الفنانون تجاربهم الشخصية والمصاعب التي واجهتهم على الملأ، دون أن يغفلوا ذكر التفاؤل الذي كان الباعث والمحرك في تخطي ما اعترض حياتهم من مشكلات وأزمات، ولعلّ الشخصيات التالية هي خير برهان على الدور الكبير الذي يلعبه التفاؤل في حياة الإنسان.
جيمي فوكس: التفاؤل صديقه
رغم نشأته في ظروف صعبة حيث تربّى في منزل والديه بالتبنّي، بعيداً من عائلته الأصلية التي تفكّكت بسبب طلاق والديه، وهو لم يتعدّ السبعة أشهر، إستطاع جيمي أن يحتفظ لنفسه ببسِمة التفاؤل والأمل في غد أفضل. واستطاع من خلال تعلّمه العزف على البيانو، أن يكوِّن فرقة غنائية بعد تخرّجه في الجامعة مع بعض أصدقائه. وفي تلك المرحلة، نجح جيمي في أن يفرض موهبته في تقديم النكات و«الاسكتشات» الهزلية، على أهم مسارح نيوريوك، ثم ابتسم له الحظ عندما أسند إليه أول دور سينمائي في فيلم «لون مفعم بالحياة» عام 1991. ثم أتبعه بالمسلسل الكوميدي «روك» عام 1996، وتوالت بعد ذلك الأدوار الجيدة التي برع جيمي في تقديمها على الشاشة الفضية، ولذلك كان من نصيبه الفوز بجوائز عديدة، أهمها جائزة أوسكار أحسن ممثل عن دوره في فيلم «راي» عام 2004، بعد أن رشح له أكثر من مرة في عام واحد. ولقد علق بعد فوزه بالأوسكار قائلاً: لولا أني كنت متفائلاً ومحباً لغد أفضل لما كنت بينكم اليوم. واليوم، أحب أن أشكر صديقي التفاؤل على بقائه بجانبي كل تلك الفترة».
مايكل جي فوكس: التفاؤل سلاحه لقهر المرض
كلنا نذكر مايكل جي فوكس، ذلك الشاب الوسيم صاحب ثلاثية أفلام العودة إلى المستقبل والعديد من الأفلام الكوميدية الناجحة، أصابه مرض الباركنسون عام 1991 وهو في أوجّ نشاطه ونجاحه فاضطر إلى إخفاء حقيقة مرضه، إلا أنه كشف بنفسه حالته الصحية عام 1998، وما لبث أن أعلن اعتزاله التمثيل عام 2000. لكنه، ورغم حالته الصحية المتدهورة، لم ينجح اليأس في قهر عزيمته أو تفاؤله، فأعلن عن تأسيسه لمركز أبحاث متخصص في مرض الباركنسون يهدف إلى اكتشاف علاج لهذا المرض الأليم، كما قدّم العديد من الكتب والحلقات التلفزيونية التي تحثّ الناس على التفاؤل والإيجابية في حياتهم. ولقد أطلق عليه كثيرون لقب «أكثر الناس تفاؤلاً في هوليوود»، خصوصاً بعد كتابه الجميل «أنظر إلى أعلى دائماً» الذي قدّم فيه خلاصة تجربته مع مرضه الخبيث، وكيف استطاع أن يعيش معه ويقهر ضعفه النفسي أمام هذا المرض، من خلال التفاؤل والأمل الذي لم يفارقه أبداً.
أوبرا وينفري نموذج الإنسان المتفائل
إستطاعت أوبرا وينفري أن تنشر روح التفاؤل والأمل في برنامجها التلفزيوني على مدار عقود من الزمن، بالرغم أنه من المستحيل أن يظلّ الإنسان متمسكاً بالتفاؤل، طوال الوقت دون أن يعتريه بعض من التشاؤم واليأس، لكثرة ما يتعرّض له من ضغوط ومشاكل. ولكن في حالة أوبرا، الأمر مختلف تماماً، فهي بنك متنقل للتفاؤل وشخصيتها المتسامحة المتفائلة، ترى أن الحياة تستحق أن نعيشها طالما نحن متفائلون، وليس العكس. ولقد واجهت أوبرا في حياتها الشخصية كمّا هائلاً من المشكلات والعقبات منذ صغرها وحتى الآن، ولكنها لا تظهر إلا الجانب المشرق والمتفائل في شخصيتها؛ لأنها تعتبر أهم شخصية نسائية إعلامية على مستوى العالم. كما يعتبرها الكثيرون أكثر امرأة ذات تأثير متميز على متابعي برنامجها الشهير الذي فاقت أعداد متابعيه مئات الملايين على مستوى العالم، لأكثر من عشرين عاماً متصلة. ومن هنا، ترى أوبرا وينفري أنها مسؤولة بشكل واضح عن تبني صورة متفائلة ومتطلعة للخير والأمل في نفوس جمهورها العريض؛ لأن الصدق والتفاؤل والعمل الجاد هم ثالوث السعادة الحقيقية.
شين كونري: التفاؤل سر حصوله على جيمس بوند
لم يتخلَّ شين كونري عن حلمه بأن يصبح فناناً مشهوراً. فبالرغم من عدم نجاحه في العمل بالسينما في بداية حياته وامتهانه العديد من الوظائف الأخرى مثل بيع الحليب وقيادة سيارات النقل وتجهيز نعوش الموتى، إلا أنه لم يفقد يوماً تفاؤله، ولا حلمه بأن يصبح ممثلاً. وبالفعل، إستطاع كونري أن ينال فرصته كممثل مساعد في العديد من الأفلام البريطانية، نجح من خلالها في فرض اسمه كممثل موهوب. فلم تجد الشركة المنتجة لأفلام جيمس بوند شخصاً أنسب منه للقيام بدور عميل المخابرات البريطانية 007 في فيلمه الأول «الدكتور لا». وبالرغم من اعتراض إيان فلميج، مخترع شخصية جيمس بوند، على قيام كونري بأداء الدور، فإن شين كونري أبدى رغبة أكيدة، وتفاؤلاً شديداً بنجاحه في أداء هذا الدور ليس لهذا الفيلم فقط، بل لستة أفلام أخرى كلها نجحت نجاحاً مذهلاً كان الأكبر في تاريخ سلسلة أفلام العميل البريطاني جيمس بوند.
براد بيت: مازال متمسكاً بتفاؤله
بالرغم من فوزه بالعديد من الجوائز وترشيحه لنيل جائزة الأوسكار أكثر من مرة كان آخرها العام الماضي عن دوره في فيلم «الحالة العجيبة لبنيامين باتون»، إلا أن براد مازال متمسكاً بتفاؤله في الفوز بجائزة الأوسكار كأحسن ممثل، وأنه سيكون سعيداً أكثر لو استطاع أن ينشر قوى الأمل والتفاؤل في البيئة المحيطة به. ولذلك، فلقد سارع براد بيت إلى تنظيم حملة تبرعات لصالح ولاية نيو أورليانز الأميركية التي اعتبرت الحكومة الأميركية منطقة كوارث طبيعية، بعد أن ضربها إعصار كاترينا عام 2005. ولقد تبرّع براد بيت بتصميم وإنشاء 150 منزلاً على نفقته الخاصة من خلال منظمته الخيرية «إفعلها بطريقة صحيحة» ويرى بيت أنه من خلال حملته تلك، قد نجح في توصيل رسالة نبيلة إلى هؤلاء الذين شردوا في نيو أورليانز وغيرهم، مفادها أن الأمل والتفاؤل مطلوبان طالما وجد الخير على الأرض.
توم كروز وحادثة الأريكة
بعد انفصال وطلاق النجم توم كروز عن زوجته السابقة النجمة الأسترالية نيكول كيدمان عام2001 بسبب حالته النفسية والمزاجية، وما زاد الطين بلة فشل علاقته بالنجمة الإسبانية بينلوبي كروز التي دامت لمدة ثلاث سنوات، لم يكسر تلك الحالة إلا تعلّقه وشغفه الشديد بالنجمة كيت هولمز التي باتت مصدر تفاؤله وإلهامه في السنوات الأخيرة. ولقد أكّد توم كروز في أكثر من مناسبة مدى حبه لها، لدرجة أنه أثناء حوار له في برنامج أوبرا وينفري الشهير، قام من مكانه وارتقى الأريكة التي يجلس عليها بجانب أوبرا، وأخذ يردّد جمل الحب والغزل لحبيبته كيت، وهو جاثٍ على ركبتيه، تلك الواقعة أسماها الناس حادثة الأريكة والتي اعتبرها الكثيرون من المحيطين بتوم، دليلاً قوياً على عودته لحالته الطبيعية كشخصية متفائلة مقبلة على الحياة. ولقد نجح توم كروز فيما بعد في الزواج بكيت هولمز عام 2006 بعد أن أنجبت له طفلتهما سوري بأشهر قليلة.
أنجيلينا جولي يغمرها التفاؤل
بعيداً من كونها واحدة من نجمات الصف الأول في السينما العالمية التي تملأ أخبارها الفنية جميع وسائل الإعلام، إستطاعت أنجلينا جولي الإنسانة أن تتخذ موقفاً إيجابياً متفائلاً تجاه القضايا والأزمات التي تواجه الإنسان، خاصة في مجتمعات العالم الثالث في إفريقيا وآسيا. فقبل أن تختارها الأمم المتحدة كسفيرة للنوايا الحسنة عام 2001 زارت أنجلينا جولي العديد من معسكرات الإيواء وأماكن الحروب والنزاعات الموجودة في أكثر من عشرين دولة في العالم؛ كي تقدّم يد العون والمساعدة لهؤلاء المعذبين. ولقد عبّرت عن ذلك بقولها: لا يمكن أن نغلق أعيننا وندّعي عدم معرفتنا بأن ملايين الناس، يعانون من ويلات الحروب والمجاعات، ولاقتناعي بأني واحدة مثلهم، وأننا لنا نفس الحقوق والواجبات كبشر على قدم المساواة، تجمعنا كرة أرضية واحدة نعيش عليها، يغمرني التفاؤل والأمل بأننا سوف نجد من يمدّ لهم يده بالمساعدة؛ حتى يعود إليهم تفاؤلهم وأملهم في حياة أفضل.
ويل سميث: التفاؤل حماه من الإفلاس
تربّع ويل سميث على عرش السينما العالمية لسنوات طويلة كان فيها وما يزال نجم الشباك الأول في السينما الأميركية، حيث يحتلّ المركز الأول في ترتيب أكثر النجوم العالميين من حيث الإيرادات التي تخطّت في كل فيلم من أفلامه الثمانية الأخيرة حاجز مائة مليون دولار في الولايات المتحدة فقط عند عرضها. ولعلّ تلك النجاحات المتوالية التي ازدهرت بها حياة ويل سميث، لم تكن من فراغ. فقد اعترف ويل سميث نفسه بأنه وقع ضحية البذخ والإسراف حينما كان في مقتبل حياته حيث أثقل كاهله بالديون، وكان على وشك الإفلاس ودخول السجن لو لا أنه تمسك بالتفاؤل والصبر حتى أتته الفرصة الحقيقية حين اختارته قناة NBC التلفزيونية عام 1990 لتقديم المسلسل التلفزيوني الشهير The Fresh Prince of Bel-Air. ذلك المسلسل الذي أبعد ويل سميث عن شبح السجن واليأس وأكسبه شهرة واسعة ساهمت في تقديمه كنجم لامع في سماء السينما العالمية.
مات ديمون التفاؤل سلاحه لتغيير العالم
التفاؤل بالنسبة لـ مات ديمون كان صديقه منذ بدايته، ففي سن السابعة والعشرين فاز بجائزة الأوسكار عام 1998 لأحسن كاتب سيناريو في بداية حياته السينمائية. الأمر الذي ولّد لديه ولدى العديد من بني جيله، شحنة هائلة من التفاؤل والأمل، أهّلت الجميع أن يروا من خلال شاب صغير السن مثل مات ديمون لديه التفاؤل والإصرار والعزم، صورة لمستقبل أفضل. ولعلّ هذا كان الشغل الشاغل لديمون حيث بات يرى الصورة الحالية السوداء لبعض أسوأ المشاكل التي يتعرّض لها البشر على الكرة الأرضية مجرد شكل قبيح ممكن إزالته وتغييره لو امتزج التفاؤل الحقيقي بالعمل الجاد، وهذا ما استطاع أن يثبته من خلال حملته الإنسانية لصالح الأطفال لمحاربة الفقر والإيدز في القارة الإفريقية والعديد من دول العالم الثالث.
إكسترا
مارك ويلبرج لحظة تفاؤل رسمت له حياة ناجحة!
بسبب نشأته وسط عائلة مفكّكة حيث طلّق والده أمه، وهو مازال طفلاً ،عاش مارك ويلبرج ظروفاً قاسية أثّرت على تصرفاته، فمنذ أن كان طفلاً إتّسم أفعاله بطابع الحدّة والغلظة والتهور، فغالباً ما يتعارك، ويدخل في صراعات دامية لأتفه الأسباب، ناهيك بإدمانه تناول أقراص مخدّرة، دفعته ذات يوم لدخول السجن بسبب سرقتها بالإكراه من إحدى الصيدليات القريبة من منزله. حكم عليه بالسجن لمدة عامين، وقبيل خروجه من السجن، وبعد تفكير عميق، قرر أن يترك كل الماضي وراءه، ويخرج من السجن متسلحاً بالتفاؤل والأمل في بداية جديدة تمهّد له الطريق لحياة ناجحة سعيدة متزنة. وبالفعل، بدأ مارك حياته كمطرب في فرقة إخوة دوني ويلبرج، وما لبث أن تحوّل إلى التمثيل حيث كانت أولى مشاركاته الناجحة في الفيلم التلفزيوني "البديل" عام1993، ثم توالت بعد ذلك أعماله الناجحة؛ ليصبح واحداً من أهم نجوم هوليوود الشبان في العشر السنوات الأخيرة.