ما أن يطل هلال شهر رمضان الكريم إلا وتبدأ مظاهر الاستعداد له في شوارع جدة، وإن كانت بسيطة؛ لكنَّها أكثر خصوصيَّة، فكثيراً ما نشاهد الايزار الرمضاني المشهور على المحلات خاصة المطاعم، وتعليق الأهلة المضاءة، وتزيين الشوارع، وتجهيز المهرجانات في الأماكن العامَّة من خلال إظهار العادات القديمة لهذا الشهر مثل المسحراتي، واللبس التراثي، وتعد جدَّة البلد أو جدَّة التاريخيَّة المكان المفضل لكثيرين في رمضان لأجوائها الاحتفاليَّة، حيث تصبح أكثر ازدحاماً مع ساعات الليل فيأتي الناس للتسوق في محلاتها، والتجمع حول أكشاك الطعام للاستمتاع بالبليلة والكبدة، وأصناف الطعام التقليديَّة.
ومن أشهر العادات في هذا الشهر هي تلك التجمعات العائليَّة في بيت العائلة، وتناول طعام الإفطار أو السحور، حيث يبدأ الأهالي بتكديس المواد الغذائيَّة، وشراء الأواني المنزليَّة استعداداً للولائم والعزائم، ويقبل الناس على شراء اللحوم بأنواعها منها ما هو خاص بأصناف اشتهرت بها المنطقة الغربيَّة مثل شوربة الحبِّ، والسمبوسك، التي يطلق عليها أهل الحجاز «البف»، ومن الأكلات التي لها ارتباطها برمضان الفول ويمثل الأكلة الشعبيَّة الأولى في وجبة الإفطار، وقد تقتصر معظم موائد مدينة جدَّة خاصة ومنطقة الحجاز عامَّة، على الفول والسمبوسك والشوربة، فهي من الأصناف الرئيسية على المائدة الرمضانيَّة.
وتعدُّ السوبيا المشروب المفضل والأساسي في هذا الشهر والمسيطر على أغلب الموائد الرمضانيَّة في جدَّة ومكَّة المكرَّمة والمدينة المنوَّرة، وهي من أشهر المشروبات التي ترتبط بهذا الشهر الكريم، وتعود عليها أهل جدَّة منذ القدم، أما الدبيازة، فهي نوع من الحلوى المعروفة لديهم، وتقوم ربات البيوت بتجهيزها في أواخر الشهر استعداداً لتناولها في أيام عيد الفطر، خاصة في وجبة الإفطار الصباحي، وهي عبارة عن مجموعة من المكسرات التي تتألف من الزبيب والبندق واللوز والمشمش الجاف وعين الجمل ولا تخلو السفرة الرمضانيَّة من ماء زمزم، ومن العادات المحبَّبة إلى النفس في هذا الشهر الكريم تبادل العوائل فيما بينها للمأكولات التي يتم طبخها في المنزل.
جدَّة عموماً منطقة لا تنام على مدار اليوم، الحركة في الشوارع لا تهدأ فتزدحم الشوارع قبل المغرب وبالأخص على بائعي السوبيا والفول، وما أن تهدأ الحركة عند أذان المغرب إلا وتعود الحركة إلى الشوارع عند قرب أذان العشاء، فتجد معظم الناس تستعد لصلاة العشاء والتراويح.
ومن مظاهر هذا الشهر الكريم في الشوارع كثرة بسطات البليلة والبطاطس المقليَّة في الحارات والأزقة والأسواق، ويبدأ تجهيز البسطات بعد الإفطار، وجميل أنَّ من يقوم بالبيع في هذه البسطات هم من أبناء المنطقة ومن أهالي البلد.