طائرة تتأرجح في الجو، خوف، صراخ، بكاء. تكررت اللقطات هذه لمشهد نفسه رأيناه على مدى ثلاثين يوماً، في ثلاثة برامج بأوقات متقاربة جداً، فالغريب هذا العام، خلال الموسم الرمضاني أننا شهدنا ثلاثة برامج مقالب تجرى في الطائرة، وهي: "رامز وأكل الجو" من تقديم رامز جلال، و"هبوط اضطراري" من تقديم هاني رمزي، و"تجربة خفية" من تقديم شادي الفونس وخالد منصور، وبعد انتهاء الموسم الرمضاني قمنا بتقييم لهذه البرامج.
بصرف النظر عن مدى قيمة هذه البرامج، فإذا كان الهدف منها إضحاك الناس، فأصبحت مملة بعد تكرار المشهد ذاته لمدة ثلاثين يومأً متواصلة وبات الناس ينتظرون الشتائم التي سيقولها الضيف وطريقة بكائه، أو الضربات التي ستنهال على مقدم البرنامج.
ولم تكن نتيجتها سوى ظهور الضيوف بأسوأ صورة لهم لم يرها الجمهور من قبل، فضلاً عن الضغط النفسي الذي عاشوه خلال المقلب ومرورهم بأصعب لحظات حياتهم.
وخلال الحلقات، تفاجأنا بتصرفات بعض النجوم وردود أفعالهم وحتى خروج بعضهم عن السيطرة، كمقدم البرامج نيشان الذي شتم رامز جلال واستخدم كلمات لم نتوقع أن تخرج عن لسان نيشان، والحال نفسه حصل مع الفنان عاصي الحلاني الذي أيضاً شتم رامز وانهال عليه بالضرب، أما لوسي وبعد علمها بالمقلب لم تتمالك أعصابها وجلست في الأرض وبدأت تصرخ بشكل هيستيري، ووجهت كلاماً نابياً إلى رامز جلال، حتى أنها بصقت عليه.
وعند متابعة البرنامج، تشعر وكأنك تضحك على عذابات الآخرين وهم يعشون اللحظات الأخيرة من حياتهم حتى أن بعضهم يبدأ بالصلوات وكأنه يلتقط آخر أنفاسه، والمؤذي في فكرة المقلب الجوي أن الضيف ليس بوسعه فعل أي شيء سوى تسليم نفسه لربه، فلا يستطيع الهرب وحتى لو قام بالصراخ فلن يسمعه أحد، وكأنه مكبّل وينتظر نهاية أمره، فمثلاً أمينة وضعت حجاباً على رأسها ظناً منها أن حياتها ستنتهي، وزينة عندما شعرت أنها ستموت أول من خطر ببالها هما طفليها وراحت تصرخ "أولادي أولادي".
كما تناقلت الكثير من الأخبار عن أن البرنامج مفبرك ويجري المقلب بالاتفاق مسبقاً مع الضيف، مع إن ردة فعل بعض الضيوف لم تعكس هذا الأمر إطلاقاً خصوصاً وأنهم ظهروا بمواقف محرجة كثيراً، فأثارت الحلقة مع نجمة هولييود باريس هيلتون الكثير من الشكوك حول مصداقية البرنامج خصوصاً بعد قيام موقع "TMZ" الشهير بنشر عقوداً رسمية أرسلها برنامج "رامز وأكل الجو" لعدد من نجوم هولييود تضمنت اتفاقاً على المشاركة في المقلب لقاء مبلغ مادي ضخم، إلى جانب استضافة الفنان جورج وسوف الذي يعاني من وضع صحي دقيق واتهام رامز بالاتفاق مع وسوف، وكان الغريب استضافة حليمة بولند التي كانت حاملاً وقيام رامز بتخفيق من حدة المقلب.
كما صرّح طيّار مصري أن المقالب التي تجرى في الطائرة هي كلها مفبركة ولا أساس لها من الصحة، مستشهداً ببعض الأدلة من المقالب، استناداً إلى خبرته في المجال ومعرفته بقانون الطيران.
وبعد هذه الاتهامات حاول البرنامج الدفاع عن نفسه من خلال نشر مقاطع فيديو تثبت مصداقيته ومحاولة البعض التشكيك بها، كما أًصدر منتج البرنامج بياناً صحافياً نفى فيه كل الاتهامات التي طالت البرنامج.
كما هوجم البرنامج من الجهات الرسمية المتعاونة في إعدادها، فاتّهم برنامج "هبوط اضطراري" بأنه لم يراعِ شروط طيران المدني في لبنان، كما طلب ولي عهد دبي الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم حذف اسمه من تيتر البرنامج بسبب الهجوم الكثيف الذي تعرّض له البرنامج بعد عرض حلقاته الأولى.
ولم يدرك أصحاب فكرة هذه البرامج الآثار النفسية والصحية للخوف على الضيوف وخصوصاً على القلب، حتى أنها كانت من الممكن أن تودي بحياتهم، وهذا كان واضحاً على الحالة النفسية التي بدا فيها الضيوف عندما يهبطون على الأرض، ومنهم من أغمي عليه كما حصل مع الفنانة نيكول سابا في "هبوط اضطراري".
فما الهدف من إنتاج هذا النوع من البرامج التي تفتقر إلى أدنى مستوى من الأخلاق المهنية، ولا تحمل أي رسالة، إلا المتاجرة بمشاعر الضيوف ومشاهدة أشكالهم وهم في حالة الخوف والرعب، وربما إعطاء صورة سيئة عن الضيف بسبب فقدانه على السيطرة والتّصرف بطريقة غير لائقة واستخدامه كلمات منافسة للآداب.